يتمسك الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بخيار إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة في موعدها المقرَّر في 12 يونيو/حزيران المقبل، على الرغم من مخاوف جدية من عزوف انتخابي كبير، نتيجة احتقان اجتماعي وسلسلة إضرابات عمالية، ما دفع أطرافاً سياسية ومدنية إلى الانحياز لخيار إرجائها.
وقال المتحدث باسم الحكومة وزير الاتصال عمار بلحيمر، في تصريح صحافي اليوم الاثنين، إن "الانتخابات البرلمانية المقرَّرة يوم 12 يونيو المقبل ستجرى في وقتها كما قرّر رئيس الجمهورية، حيث سيُدعى المواطنون لهذا الموعد الانتخابي للإدلاء بأصواتهم والتعبير عن آرائهم باختيار ممثليهم".
وأكد الوزير بلحيمر أن "الدولة ستسهر على ضمان أمن عملية الاقتراع، حتى لا يكون أي اختراق للنزاهة والشفافية والمشاركة الحرة طيلة العملية الانتخابية"، مشيراً إلى أن قرار حلّ البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة "فتح المجال واسعاً أمام الفئات الشابة والنخب السياسية الجديدة للمشاركة في الانتخابات، من خلال قانون انتخابات يقدّم جملة من الضمانات، وطريقة تصويت حديثة تعتمد على الاقتراع النسبي ومبدأ المناصفة، مع تشجيع الشباب على المشاركة، والمحافظة على المال بعيداً عن أي تأثير على الاختيار الحر للناخبين".
وتبدو السلطة السياسية في الجزائر مستعجلة في إنجاز الانتخابات، وإنشاء مؤسسة برلمانية تسند الرئاسة في خطة الإصلاح السياسي التي يطرحها الرئيس تبون، وكان بلحيمر يعلّق على وجود شكوك ومعلومات متداولة بشأن إمكانية أن يقدم الرئيس تبون على إرجاء الانتخابات، تبعاً لتقارير من مصالح استشارية قدّرت أن تأجيل الانتخابات قد يكون أفضل، لحين توفير ظروف سياسية واجتماعية أقل احتقاناً من الظرف الراهن، المتّسم بسلسلة إضرابات وتحركات نقابية واجتماعية، وندرة في بعض المواد الاستهلاكية كالحليب والزيت، تعزز من دوافع العزوف الانتخابي، وتجعل من نسبة التصويت في مستوى أدنى، ويبقى هاجس الشرعية للبرلمان المقبل، إضافة إلى هاجس الموجة الثالثة لفيروس كورونا، والمخاوف من أن تسهم التجمعات خلال الحملة الانتخابية المقرَّر أن تبدأ في 17 مايو/أيار الجاري، في زيادة انتشار الفيروس.
وكلّف الرئيس تبون الحكومة، أمس الأحد، بوضع مخطط خاص للاحتياطات الصحية في تشريعيات 12 يونيو/حزيران 2021، يشمل المؤطرين والمراكز والمكاتب، بالتنسيق مع وزارة الصحة وكل المصالح المعنية، وأمر بالتوقف الكلي للنشاطات الميدانية لأعضاء الحكومة قبيل وخلال الحملة الانتخابية، منعاً لأي تأثير أو استغلال سياسي لأنشطة الوزراء في إطار الحملة الانتخابية لصالح حزب أو ائتلاف.
وعاد المتحدث باسم الحكومة إلى إطلاق تحذيرات مما وصفه بـ"قوى الشر المتمثلة في الأوليغارشية، والتي تستخدم قنواتها الإعلامية، وعدد من المؤثرين الموجودين في الخارج، للتشكيك في شرعية مؤسسات الدولة"، ودعا في السياق إلى "فتح تحقيقات معمّقة خاصة حول المال الفاسد، الذي استطاعت جمعه من خلال تراكمات مافياوية وتهريبية إلى الخارج"، وقال: "المال الفاسد ما زال يغذي نشاط بعض الإعلاميين وتوجيه خطهم الافتتاحي".
ويشير بلحيمر في هذا السياق إلى عدد من الناشطين والصحافيين المعارضين الموجودين في الخارج، على غرار الدبلوماسي المنشق العربي زيتوت والصحافي هشام عبود والناشط أميردي زاد، والذين ينشطون بشكل مؤثر ويومي على مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى قنوات جزائرية تتمركز في الخارج، توجه انتقادات وتختص في مهاجمة السلطة والأجهزة الأمنية ودعم المعارضة والحراك الشعبي، ما يسبب إزعاجاً مستمراً بالنسبة للسلطات الجزائرية، التي كانت أصدرت قبل فترة قصيرة أوامر قبض دولية على عدد من الناشطين.