القصف الأردني في سورية يوقع مدنيين... ويُغضب السويداء

القصف الأردني في سورية يوقع مدنيين... ويُغضب السويداء

20 يناير 2024
جنديان أردنيان على الحدود مع سورية، فبراير 2022 (خليل مزرعاوي/فرانس برس)
+ الخط -

يثير القصف الأردني داخل محافظة السويداء السورية، في إطار مكافحة تجارة وتهريب المخدرات من سورية إليه، انتقادات تجاه عمّان، لأنها تتسبب بمقتل العديد من المدنيين، بينهم أطفال.

وتكررت أخطاء الطيران الأردني منذ الضربات الأولى التي وجهها سلاح الجو الأردني صيف العام الماضي، والتي أودت بحياة ستة أطفال إلى جانب والدهم مرعي الرمثان، المتهم بتجارة وتهريب المخدرات إلى الأردن.

في حين شهد القصف الأردني فجر الخميس الماضي وقوع عشرة قتلى بينهم نساء وأطفال، وقبل ذلك، أشار أهالي المحافظة، في مناسبات عدة، إلى أن جميع الضربات أوقعت مدنيين أو أضراراً في المنازل والممتلكات الخاصة، حتى وإن كانت استهدفت في بعض منها متهمين بتجارة وتهريب المخدرات إلى الأردن.

غضب أهالي السويداء من القصف الأردني

واتشحت ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء، جنوبي سورية، بالسواد، أمس الجمعة، حداداً على أرواح ضحايا القصف الجوي الأردني الخميس الماضي. وحمل المتظاهرون صوراً لضحايا القصف الأردني وسط استنكار كبير لما اعتبروه استهتاراً بدماء المدنيين والقصف العشوائي داخل المجمعات السكنية.

وقال المتظاهر سليم الشامي إنه "للمرة الرابعة، يقصف الطيران الأردني الأراضي السورية في الجنوب، ويقتل مدنيين أبرياء داخل المجمعات السكنية، من دون أن يصدر عن القيادة الأردنية أي تصريح أو اعتراف، تماماً كما يفعل النظام السوري وإعلامه الرسمي".

استمرت التظاهرات في عرمان التي استهدفها الطيران الأردني
 

وأضاف الشامي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن أهالي المحافظة يشعرون بغضب شديد، وأمضوا اليومين الماضيين بكثير من الحزن والاحتقان، خصوصاً أن استباحة السيادة الوطنية لم تعد تعني شيئاً لهذا النظام، لدرجة أنه لم يعلّق ولو بكلمة وانكفأ كالعادة، بينما المملكة الأردنية تلاحق صغار المهربين وتترك الأساس، ولا تعترف بأي عملية جوية.

من ناحية أخرى، قرر المتظاهرون إكمال احتجاجاتهم في قرية عرمان (البلدة التي استهدفها القصف الأردني) بالريف الجنوبي، بعد انتهاء التظاهرة المركزية في ساحة الكرامة، في محاولة لإيصال صوتهم إلى العالم، كما قال أحد منظمي الحراك السلمي.

ووُجهت نداءات عدة خلال تظاهرات السويداء الأخيرة لنقل المعركة مع تجار المخدرات ومهربيها إلى خارج الحواضن السكنية. ويُتهم النظام السوري بأنه مسؤول عن شبكة معقدة لتصنيع وترويج وتصدير المخدرات خارج سورية، لا سيما عقار الكبتاغون.

وعقب الضربات التي أوقعت مدنيين في بلدة عرمان جنوبي محافظة السويداء، وصف "تجمع أحرار جبل العرب" الغارات الأردنية بالعشوائية، مضيفاً في بيان أن النظام، ومن معه من مليشيات، هو المؤسس لصناعة وتجارة وتهريب المخدرات، وسبب الفوضى الأمنية في المنطقة.

في المقابل، ألمح المكتب الإعلامي لـ"ثوار الجنوب" إلى أن هناك تجار مخدرات كباراً مرتبطين بالنظام يقومون بتضليل الأردن لتوجيه ضربات خاطئة. وأشار البيان إلى أن "من يريد مكافحة المخدرات لا يستهدف الأطفال والمدنيين بالطائرات".

مكافحة المخدرات ضمن بنود التطبيع مع الأسد

وكانت عمّان قد بدأت مساراً للتطبيع مع النظام يقوم على مبدأ "خطوة مقابل خطوة"، سرعان ما تحول إلى مبادرة عربية تبنتها الجامعة العربية، تضمنت أربعة ملفات رئيسية: الحل السياسي بما ينسجم مع القرار 2254، إعادة اللاجئين، إنهاء الوجود الأجنبي، وإنهاء ملف تصنيع وتجارة وتهريب المخدرات إلى الدول العربية والخليج عبر الأردن أو غيره.

وُجهت نداءات عدة خلال تظاهرات السويداء الأخيرة لنقل المعركة مع تجار المخدرات ومهربيها إلى خارج الحواضن السكنية

 

ومنذ إقرار المبادرة عربياً في مايو/أيار 2023، توقعت عمّان انخفاض حدة عمليات التهريب إلى الأراضي الأردنية، لكن العمليات تصاعدت بشكل أكبر منذ إقرار المبادرة. وكشف محللون أن المخدرات، وعقار الكبتاغون على وجه التحديد، باتت ورقة بيد النظام للضغط على الدول العربية للتطبيع معه من دون شروط ومقابل.

وكان تقرير لمعهد "نيولاينز" للأبحاث، مقره واشنطن، قدّر قيمة تجارة الكبتاغون في الشرق الأوسط خلال العام 2021 بحوالي 5.7 مليارات دولار. وأشار التقرير إلى تورط رئيس النظام بشار الأسد وأفراد من عائلته ونظامه بهذه التجارة إلى جانب شريكه الرئيسي "حزب الله" اللبناني.

وهذ الرقم يشمل فقط قيمة تجارة التجزئة بالاستناد إلى قيمة المضبوطات، التي حددها التقرير بـ420 مليون حبة من عقار الكبتاغون فقط. وأكدت مجلة "دير شبيغل" الألمانية رقم 5.7 مليارات دولار، لكن المجلة أشارت إلى أن هذا الرقم فقط لعوائد تجارة المخدرات من قبل النظام السوري.

المساهمون