القاعدة الأميركية السرية بكابول: شاهد على الانتهاكات وعمليات التعذيب

القاعدة الأميركية السرية بكابول: شاهد على الانتهاكات وعمليات التعذيب

03 أكتوبر 2021
عناصر من حركة طالبان يسيرون في قاعدة وكالة المخابرات الأميركية عقب الانسحاب (فرانس برس)
+ الخط -

نشرت صحيفة "ذا غارديان" تقريرًا أعدته مراسلتها في أفغانستان، عن زيارتها مقر المخابرات الأميركية في كابول، بعد دعوة وجهتها حركة طالبان لمجموعة من الصحافيين لزيارة المقر الذي أقدمت القوات الأميركية على تدميره وحرقه عند الانسحاب.
وتقول الصحيفة في وصف أحد الأماكن الذي جرى تدريب مليشيات متهمة بارتكاب أفظع انتهاكات حقوق الإنسان فيه، "لم يتبق من (القرية الأفغانية المزيفة) سوى جدار إسمنتي، وبعض الحافلات والمدرعات التي استخدمتها القوات الأميركية قبل إحراقها".
وتضيف "جرى إحراق مخزن الذخيرة الضخم بعد تفجيره، أما الأسلحة التي استخدمت لقتل وتشويه البشر (القنابل اليدوية ومدافع الهاون والمدافع الثقلية) تحولت إلى شظايا من المعدن الملتوي". وتشير إلى أن هذه "القرية" والأسلحة والعرابات التي تركت حطاما كانت تشكل جزءا من مجمع سري مظلم ظل لعشرين عامًا جزءًا مهما في "الحرب على الإرهاب" التي شنتها أميركا في أفغانستان.
وغطى المجمع مترامي الأطراف مسافة ميلين مربعا شمال شرق مطار كابول، وارتبط بالسمعة السيئة بسبب التعذيب والقتل الذي كان يمارس في سجن "سالت بيت" هناك، فيما أطلقت عليه وكالة المخابرات الأميركية اسم "كوبالت"، أما من سجنوا فيه من الأفغان فأطلقوا عليه اسم "السجن المظلم" لأنه لم يكن هناك أي ضوء في زنازينهم باستثناء الإضاءة العرضية الوحيدة من مصابيح حراستهم.

وتقول الصحيفة إن غول الرحمن توفي هنا متجمدًا عام 2002 بعد أن قيد بالسلاسل، وترك نصف عار طوال الليل مع الانخفاض الكبير في درجات الحرارة (عائلته لم تتسلم جثمانه حتى الآن). هذه الحادثة دفعت المخابرات الأميركية إلى إصدار أول إرشادات رسمية تتعلق بالتحقيق في ظل النظام الجديد للتعذيب.
وكانت القاعدة على مدى عقدين من الزمن سرية محمية عن كثب، ومرئية فقط في صور الأقمار الصناعية، وفي شهادات الناجين، أما الآن فإن القوات الخاصة التابعة لطالبان فتحته لفترة وجيزة أمام الصحافيين.
وقال الملا حسنين القائد في وحدة النخبة (313 ) التابعة لطالبان، الذي قاد الجولة برفقة الصحافيين وسط المركبات المدمرة والمحروقة، "نريد إظهار كيف دمروا كل هذه الأشياء التي كانت ستفيدنا في بناء بلدنا، وتركوا السيارات المدمرة والحافلات والعربات العسكرية المحترقة".

وبحسب التقرير فإن القوات الخاصة لحركة طالبان التي تضم "فرقة الانتحاريين" (تسمى سرب الانتحاريين) قد شاركت الصحافيين في الجولة، فيما أشار إلى أن ذلك المشهد كان تضاربا ساخرا بين أشد الوحدات قسوة وشراسة، وتذكيرا بالمعاناة التي يتعرض لها المدنيون من كافة المقاتلين باسم تحقيق أهداف أعلى على مدى عدة عقود.
"إنهم طالبو استشهاد كانوا مسؤولين عن الهجمات على مواقع هامة للغزاة والنظام، وهم الآن يسيطرون على مواقع هامة"، هكذا يصف أحد المسؤولين في حركة طالبان الفرقة، وقال ردًا على سؤال وجه حول سبب مشاركة هذه الفرقة بمرافقة الصحافيين وإذا ما كانت ستستمر في العمل بعد سيطرة الحركة على البلاد، "إنها كتيبة كبيرة جدا، وهي مسؤولة عن أمن المواقع الهامة، وسيتم توسيع نطاقها وزيادة تنظيمها كلما كانت هناك حاجة، وهي على أتم الاستعداد للتضحية من أجل بلدنا والدفاع عن شعبنا".
 وقال الملا حسنين إن حركة طالبان خططت لاستخدام قاعدة وكالة المخابرات المركزية في تدريبهم العسكري الخاص، مشيرًا إلى أنه "من المرجح أن تكون هذه اللمحة القصيرة للمجمع هي المرة الأولى والأخيرة التي يسمح فيها لوسائط الإعلام بالدخول".
وتُتهم المليشيات التي عملت في القاعدة وكانت تسكن في ثكنات بالقرب من سجن "سولت بت"، بارتكاب جرائم قتل خارج القانون للأطفال والمدنيين. وهرب هؤلاء العناصر من الثكنات بسرعة كبيرة جدًا، لدرجة أن بعضهم لم يكمل طعامه، فيما تناثرت أرضيتها بالأشياء الخاصة بسبب إفراغ الخزائن في حالة من الفزع، فيما دمروا كل شيء يحمل أسماءهم أو رتبهم العسكرية. وتم تدمير السجن قبل شهر من الانسحاب الأميركي.
وبحسب تحقيق أجرته صحيفة "نيويورك تايمز" مستندًا إلى صور الأقمار الصناعية أنه جرى تدمير عدد من المباني وتسويتها منذ الربيع. وقال مسؤولون في حركة طالبان إنهم لا يملكون أي تفاصيل عن السجن أو عما حدث به في السابق مع المعتقلين. 
حول الأساليب التي استخدمت في السجن ذكر التقرير أنهم كانوا يستخدمون أسلوب "الحقن من الفتحة الشرجية"، وتقييد السجناء في أعمدة فوق رؤوسهم، ومنعهم من الذهاب للمرحاض، وتركهم عراة أو بحفاظات للكبار.
وكانت عملية تدمير المعدات الحساسة معقدة، وهناك أدلة على وجود حفر للحرق متفرقة في المجمع، حيث تم رمي كل شيء فيها من المعدات الطبية وكتب الإرشادات ومعدات كبيرة، فيما كان مسؤولو طالبان متوترين بشأن السماح للصحافيين بالدخول إلى المناطق التي لم يتم تطهيرها رسميا، إذ قال الملا حسنين إنهم وجدوا عدة قنابل مفخخة في الأنقاض، وسط قلق من احتمالية وجود المزيد من القنابل.
وعلى مدار عدة أيام نقلت طائرات الهليكوبتر مئات العناصر من القاعدة إلى داخل المطار بغرض تأمين محيط الطائرات خلال عمليات الإجلاء في الأيام الأخيرة.