العليمي في الرياض: تسريع تنفيذ التعهدات السعودية الإماراتية لليمن

العليمي في الرياض: تسريع تنفيذ التعهدات السعودية الإماراتية لليمن

24 يونيو 2022
بحث العليمي وأمير قطر تعزيز العلاقات بين البلدين (سبأ)
+ الخط -

استقر المقام برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في الرياض، بعد جولة عربية زار خلالها الكويت والبحرين ومصر وقطر، من دون العودة إلى العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، التي تشهد غلياناً شعبياً بسبب تردي الخدمات، لاسيما الكهرباء، والانهيار المستمر في وضع العملة مقابل الدولار

وأشارت وكالة الأنباء اليمنية "سبأ"، التابعة إلى الحكومة، في تقرير عن جولة العليمي، أمس الأول، إلى أنه وصل إلى الرياض السبت الماضي، "حيث يجري التسهيل العاجل لمبلغ 900 مليون دولار من الأشقاء في السعودية والإمارات لشراء مشتقات نفطية للسوق المحلية وبيعها للمواطنين بأسعار مناسبة". 

ولم يظهر العليمي منذ ذلك الحين في أي مناسبة مع المسؤولين السعوديين، وهو ما دفع صحافيين ووسائل إعلام يمنية للتكهن أنه قد يقيم في الرياض لفترات، أسوة بسلفه عبدربه منصور هادي الذي اتخذ من الرياض مقراً لحكمه، منذ غادر البلاد في مارس / آذار 2015.

أعلن معين عبدالملك أن الأوضاع الاقتصادية ستشهد انفراجة في القريب العاجل

وقال مصدر مطلع، لـ"العربي الجديد"، إن العليمي سيعود قريباً إلى عدن. ومنذ تشكيل المجلس الرئاسي في 8 إبريل/ نيسان الماضي، وانتقاله إلى عدن في 17 الشهر ذاته، استقر العليمي في قصر معاشيق في المدينة، ولم يغادرها إلا في جولتين خارجيتين، كانت هذه الثانية، بينما شملت الأولى الرياض وأبو ظبي، عاد بعدها إلى القصر نفسه.

تسريع إنفاذ التعهدات السعودية والإماراتية

وحول سبب مرور الوفد بالرياض في طريق عودته، قال المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن العليمي وفريقه "حالياً متواجدون في الرياض بهدف تسريع إنفاذ التعهدات السعودية والإماراتية بالدعم الاقتصادي"، مشيراً إلى أن "هناك تجاوبا من القيادة السعودية، وتوقعات بخطوات عملية قريبة". وقال المصدر المطلع، لـ"العربي الجديد"، إن الجولة إجمالاً "كانت إيجابية وستعلن (ستظهر) نتائجها قريباً".

وكانت السعودية والإمارات تعهدتا عقب إعلان تشكيل المجلس الرئاسي بتقديم ثلاثة مليارات دولار كدعم عاجل لليمن، منها مليارا دولار مناصفة بين الدولتين دعماً للبنك المركزي، ومليار ثالث، ينقسم إلى 600 مليون دولار لصندوق دعم شراء المشتقات النفطية و400 مليون دولار لمشاريع ومبادرات تنموية، إضافة إلى 300 مليون دولار لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية التي أعلنتها الأمم المتحدة لعام 2022.

وفي محاولة للفت الأنظار إلى جاهزية البنك المركزي لتلقي الدعم الخليجي المعلن، بشر رئيس الوزراء اليمني معين عبدالملك، خلال زيارته للبنك المركزي بعدن، الثلاثاء الماضي، بأن الأوضاع الاقتصادية ستشهد انفراجة في القريب العاجل، وسيلمسها كل المواطنين مع وصول الدعم المعلن من السعودية والإمارات. 

وساد تفاؤل عريض بعد تشكيل المجلس الرئاسي الذي ضم مختلف القوى اليمنية المناهضة للحوثيين. وتوقع اليمنيون تحسن الوضع الاقتصادي المتردي، خاصة بعد وعود الدعم التي أعلنتها السعودية والإمارات.

تراجع منسوب الأمل

لكن في الأسابيع الأخيرة بدأ منسوب الأمل يتراجع، خاصة في ظل تعثر الحكومة في توفير الكهرباء لمدينة عدن، وهو التحدي الأبرز في صيف المدينة الساخن، ثم معاودة الريال للانهيار أمام الدولار، في ظل تأخر تسليم التعهدات الخليجية. 

ووعد العليمي، في تعليقه على الاحتجاجات الجارية في عدن ومدن ومناطق يمنية، بإلزام الحكومة بتغيير طريقتها في التعامل مع الأوضاع عمّا كان في السابق، بعيداً عمّا سماه "كل فساد وروتين بيروقراطي لمعالجة وتجاوز الأزمات المركبة".

وخاطب العليمي، المحتجين عبر "تويتر" أمس الأول الأربعاء: "لقد تابعت بألم شديد واهتمام بالغ الاحتجاجات الشعبية في مدينة عدن الحبيبة، وأتفهم أسبابها ومبرراتها، وأعدكم بأني وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي سنبذل كل جهد لاتخاذ كل ما يمكن عمله، وببذل المزيد من الجهود لأجل الحصول على مساعدات استثنائية عاجلة من أشقائنا للتخفيف من هذه الأزمة الخانقة في قطاع الكهرباء، والتي تحتاج إلى تدخلات سريعة بعيداً عن كل فساد وروتين وبيروقراطية عرقلت كل المحاولات السابقة، وكذلك التفكير في خلق الفرص والحلول لمواجهة هذه المعوقات". 

وأضاف أن "كل ما أطلبه منكم هو منحنا المزيد من الوقت لمعالجة المشكلة وتجاوز هذه الأزمات المركبة"، مؤكداً أن المجلس الرئاسي "سيلزم الحكومة بالقيام بواجباتها بطريقة مختلفة عما كان في السابق، ليكون الوزير فيها موظفاً في خدمة الشعب".

زيارة الخليج ومصر لحشد الدعم المالي

وقال الصحافي سامي نعمان، لـ"العربي الجديد"، إن "زيارة العليمي إلى دول الخليج ومصر تهدف إلى حشد الدعم السياسي والاقتصادي والمالي بشكل خاص للسلطة الشرعية، لإسناد البلاد في هذه المرحلة الفاصلة لمعالجة المشاكل المتراكمة أمام الحكومة واليمن بشكل عام". 

سامي نعمان: الزيارة قد تسهم في معالجة الكثير من الأوضاع الاقتصادية

واعتبر أن "الزيارة بحد ذاتها كانت مهمة"، مشيراً إلى أنها تهدف إلى "إعادة دفة العلاقات، خاصة مع بعض الدول، إلى مسارها الصحيح، وقد تسهم في معالجة الكثير من الأوضاع الاقتصادية، وتحقيق دعم اقتصادي لليمن، وتنفيذ مشاريع عالقة أو جديدة، كما حصل في الكويت، التي أعلنت أنها ستعين مبعوثاً خاصاً إلى اليمن يهتم أساساً بقضايا التنمية".

وقال نعمان إن "الصندوق الاجتماعي للتنمية لديه مشاريع استراتيجية وضخمة كثيرة معلقة من 2009 و2010، بسبب الاضطرابات في البلاد، وهي بحاجة إلى حلحلة". 

وأشار إلى أن "الزيارة إلى مصر تهدف لتحسين ظروف اليمنيين، الذين تعتبر مصر وجهتهم الرئيسية، بالإضافة إلى مليون يمني مقيم بشكل شبه منتظم هناك بصفة أقرب إلى اللجوء. وهم إما اتخذوا من مصر نقطة للعبور إلى دول أخرى أو نقطة استقرار مرحلية حتى تتحسن ظروف وأوضاع البلاد للعودة إلى وظائفهم وأعمالهم".

وبشأن زيارة العليمي إلى الدوحة، أوضح نعمان أنها تهدف لترميم العلاقات مع قطر، موضحاً أن "اليمن كان شارك في الأزمة مع قطر، وجميع تلك الدول رممت علاقاتها باستثناء اليمن، الذي يحتاج إلى تحسين مواقف قطر تجاه القضية اليمنية". 

وحول عودة العليمي إلى الرياض، قال نعمان إن "الرياض في النهاية مقر مؤقت للحكومة الشرعية، مثلها مثل عدن، وهي حالياً جزء من مقر الإقامة والحكومة والرئاسة، وربما تكون المكان الأكثر استقراراً للحكومة أو للرئاسة من عدن". 

وأضاف أن "المجلس الرئاسي منذ تأسيسه قضى معظم فترته السابقة في عدن، لكن عودته إلى الرياض، من دون ترتيبات رسمية عبارة عن عودة إلى المقر المؤقت، وهم سيعودون إلى عدن".

وأشار إلى أن "عدن تشهد اضطرابات شعبية، والرئيس (العليمي) نشر تغريدة على تويتر وعد الناس فيها بمعالجات وأنه يتألم لمعاناتهم. هذه خطوة جيدة، أن يلتفت الرئيس إلى معاناة الناس ويخاطبهم ويطمئنهم ويتواصل معهم في كل الظروف والأوضاع، سواء كانت سيئة أو جيدة. وللأسف هذا ما كنا نفتقده في الرئاسة السابقة".

الجولة نفضت غبار الجمود السياسي

وقال رئيس مركز البلاد للدراسات حسين الصوفي، لـ"العربي الجديد"، إن "الجولة الرئاسية كانت ضرورية، وباعتقادي أنها أعادت طرح القضية اليمنية بحجمها وصورتها الحقيقية، ونفضت الغبار الذي سببه الجمود السياسي خلال الفترة الماضية، وحظيت باهتمام جيد، ولو من ناحية البروتوكولات. ومن باب أولى، ناقشت ملفات محورية مع الأشقاء العرب، في ظل الأنانية الدولية الانتقائية". 

وأضاف أن "أهميتها تأتي من أهمية الظرف الحالي الذي يمر به اليمن، ذات الموقع الاستراتيجي، بالنسبة للمنطقة عموماً، وآثار الفوضى الإيرانية وانعكاساتها على العرب". وتابع: "لعل ما انعكس من تصريحات للقادة العرب في المؤتمرات الصحافية مؤشر على وجود دبلوماسية نشطة لحصد ثمرة هذه الزيارات".

إلا أن الصوفي توقع وجود "أطراف دولية لا تزال لديها حسابات خارج المصلحة اليمنية، وتسعى لفرض أجندة معينة، أو تعمل على خلط الأوراق وتشويش المرحلة السياسية الحالية، وهو ما يمكن فهمه بعودة المجلس إلى الرياض، وأعتقد أن بقاءهم في الرياض مؤقت وقصير جداً".

حشد الدعم للإصلاحات في اليمن

وكان العليمي قام بجولته العربية الأخيرة بحثاً عن دعم لملفات تعد ذات أولوية، تترتب عليها قدرة المجلس على النجاح. وكتب قبيل جولته في 6 يونيو/حزيران الحالي، على صفحته في "تويتر"، إن الجولة "تركز على تعزيز العلاقات الثنائية مع عدد من الدول الشقيقة، ومستجدات الوضع اليمني وسبل حشد الدعم للإصلاحات الجارية في البلاد". 

وأوضح العليمي وقتها أنه سيناقش مع الدول المضيفة "أولويات الدعم المطلوب للاقتصاد اليمني، وجهود استعادة الدولة، وإحلال السلام والاستقرار في اليمن". لكن لم يعلن، خلال زيارته للدول الأربع، وهي مصر والكويت والبحرين وقطر، أية نتائج، رغم وصفها في أخبار العليمي بأنها "زيارات ناجحة".

وكانت جولة العليمي الخليجية بدأت في الكويت، في 6 يونيو الحالي، حيث تلقى تأكيداً من ولي العهد مشعل الأحمد الصباح على "دعم الكويت الكامل لكافة الجهود التي يقودها تحالف دعم الشرعية، "وكذلك الجهود الأممية والإقليمية والدولية، سياسياً واقتصادياً وإنسانياً". 


توقع حسين الصوفي وجود أطراف دولية تعمل على خلط الأوراق وتشويش المرحلة السياسية الحالية

ووفقاً لوكالة "سبأ" اليمنية الحكومية، فإن رئيس مجلس الوزراء الكويتي صباح خالد الصباح أشار، خلال اللقاء مع العليمي، إلى توجيهات أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح وولي عهده، التي تقضي بتقديم كافة أشكال الدعم للشعب اليمني وقيادته السياسية، بما في ذلك تعيين سفير جديد، وتسمية منسق لإدارة المشروعات الكويتية في اليمن. وأضاف أن "الدعم الكويتي لليمن خلال المرحلة المقبلة بدأ الآن، وأن نتائج ملموسة سيشهدها البلد الشقيق في القريب العاجل".

زيادة تعاون الكويت واليمن

وتعهد المسؤولون الكويتيون بإعادة النظر في زيادة الدعم لبرامج التعاون المختلفة مع الجانب اليمني، خصوصاً المجالات الاقتصادية والإنسانية، والسياسية، والخدمية، بما في ذلك زيادة عدد المنح الأكاديمية في المجالين الأمني والعسكري، وتقديم التسهيلات اللازمة للمقيمين والوافدين اليمنيين وأبنائهم في الكويت.

وفي المنامة، التقى العليمي ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، الذي أعرب عن تأييد بلاده التام لعضوية اليمن الكاملة في مجلس التعاون الخليجي. ونوه بما وصفه بـ"الصمود الأسطوري" للشعب اليمني في "مواجهة المخاطر وإفشال المخططات التآمرية والتخريبية، الرامية الى زعزعة استقرار وأمن المنطقة"، مشدداً على أهمية تعزيز التعاون الثنائي مع القيادة والحكومة اليمنية المعترف بها.

وفي ثالث المحطات، القاهرة، رافق العليمي 5 من أعضاء مجلس القيادة، هم عيدروس الزبيدي، وسلطان العرادة، وعبد الله العليمي، وعثمان مجلي، وفرج البحسني، بالإضافة إلى عدد من الوزراء والمسؤولين. وتركزت المباحثات بين العليمي والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على الملفين السياسي والأمني.

وناقش الجانبان، بحسب بيان يمني، "المخاطر المحدقة بأمن وسلامة الملاحة الدولية مع زيادة الأنشطة العدائية المدعومة من إيران، عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب. واتفقا على تضافر جهود تأمين الملاحة البحرية"، وكذلك "ما يمكن أن يحدثه انهيار الناقلة صافر (الراسية قبالة سواحل اليمن الغربية دون أي صيانة منذ ثماني سنوات) من كارثة بيئية ستشمل اليمن ومصر وكافة الدول المطلة على البحر الأحمر".

مصر تقف في إطار التحالف الداعم للشرعية

وقال العليمي، في مؤتمر صحافي أعقب اللقاء مع السيسي، إن "مصر تقف في إطار التحالف الداعم للشرعية في اليمن". وأضاف: "أكد لي السيسي أن أمن اليمن جزء لا يتجزأ من أمن مصر ودول الجوار والمنطقة برمتها"، معبراً عن تقديره الكبير لجهود مصر ووقوفها مع الشعب اليمني، مشيراً إلى إسهام مصر في النهضة وإعادة بناء مؤسسات الدولة في اليمن في العام 1962. 

ولم ينسَ لدى مغادرته القاهرة أن يشيد بدور مصر في استقبال "أكثر من مليون يمني ممن شردتهم المليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني"، وفق الإعلام الرسمي اليمني.

وصف العليمي زيارة قطر بالناجحة، مشيداً بنتائجها التي لم يعلن عن تفاصيلها حتى الآن

أما السيسي، فأكد أن مصر تدعم كافة الجهود لتحقيق السلام في اليمن، وفق المرجعيات. وقال: "اتفقنا خلال النقاشات كذلك، على ضرورة تضافر كافة الجهود وتكثيف العمل المشترك، لحماية أمن وحرية الملاحة في البحر الأحمر، ومضيق باب المندب"، مشيراً إلى ارتباط حماية أمن الملاحة في البحر الأحمر، بالأمن والاستقرار الإقليميين والدوليين.

وفي الدوحة، التقى العليمي في ختام جولته الثانية في المنطقة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وبحثا العلاقات الثنائية وسبل تنميتها وتعزيزها في مختلف المجالات. وحسب الموقع الرسمي للديوان الأميري القطري، فقد أطلع العليمي الأمير تميم على "أبرز مستجدات الأوضاع في اليمن، كما جرى بحث عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك".

بحث الدعم القطري لمجلس القيادة

وذكرت "سبأ" أن رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي أجروا، خلال الزيارة، مباحثات ثنائية مع أمير دولة قطر، ولقاءات بكبار المسؤولين القطريين ورؤساء المنظمات والهيئات القطرية العاملة في اليمن، تركزت حول مستجدات الوضع اليمني وسبل الدفع بالعلاقات الثنائية، وجهود إحلال السلام في البلاد، والدعم القطري المنشود لمجلس القيادة وإصلاحاته الاقتصادية والخدمية والأمنية على طريق استعادة الدولة وإحلال السلام والاستقرار في اليمن. ووصف العليمي زيارة قطر أيضاً بـ"الناجحة"، مشيداً بنتائجها التي لم يعلن عن تفاصيلها حتى الآن.

تقارير عربية
التحديثات الحية

المساهمون