الطائرات المسيّرة للفصائل العراقية ضمن أهداف واشنطن

الطائرات المسيّرة للفصائل العراقية ضمن أهداف واشنطن

05 ديسمبر 2023
عناصر لكتائب حزب الله في صحراء الأنبار، 2015 (Getty)
+ الخط -

مع انتهاء الهدنة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي صباح يوم الجمعة الماضي، استأنفت الفصائل العراقية المسلحة استهداف قواعد للقوات الأميركية في العراق والأراضي السورية المجاورة. وليلة أول من أمس الأحد، قصفت طائرة أميركية مسيّرة منصة لإطلاق الصواريخ قرب مدينة كركوك، وقتلت 5 من أفراد جماعة "حركة النجباء"، خلال محاولتهم تنفيذ هجوم جديد على قاعدة "حرير" الجوية (في أربيل) التي تضم مئات العسكريين الأميركيين. وهذه العملية تعتبر أول هجوم استباقي أميركي في العراق، بما يرفع من سقف التوقعات حيال مآلات التصعيد الحالي بين واشنطن وحلفاء إيران في هذا البلد.

ضربة جرف الصخر

وضمن ضربات المليشيات العراقية، والردود الأميركية عليها، تبرز أيضاً الضربة الأميركية التي استهدفت مبنى مغلقا في منطقة السعيدات، بضواحي جرف الصخر جنوبي بغداد، في 22 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إذ تؤكد مصادر عراقية مُقربة من فصائل مسلحة حليفة لإيران، أن هذه الضربة دمّرت بشكل كلّي ورشة لصناعة وتهيئة الطائرات المسيّرة ثابتة الجناح، تعود لجماعة "كتائب حزب الله" العراقية. ويرفع ذلك من احتمالات أن تكون واشنطن قد وضعت برنامج الطائرات المتنامي عند الفصائل العراقية المسلحة المدعومة من طهران، ضمن قائمة أهدافها.

مصدر مقرب من "كتائب حزب الله": الهجمات الأميركية تشير إلى وجود معلومات مسبقة عن مواقع مستودعات مهمة

ونفذت واشنطن فجر 22 نوفمبر، ثلاث ضربات جوية في آن واحد ضد مواقع تابعة لـ"كتائب حزب الله"، في منطقة جرف الصخر جنوبي بغداد، التي تسيطر عليها "كتائب حزب الله" منذ عام 2014 وتمنع سكانها البالغ عددهم نحو 180 ألف نسمة من العودة إليها.

وأدت تلك الضربات إلى مقتل 9 عناصر من الجماعة المسلحة وجرح آخرين. وهذا القصف هو الثالث الذي تنفذه الولايات المتحدة ضد مواقع لفصائل عراقية مسلحة داخل العراق، بعد قصف أرتال للجماعة ذاتها في الثرثار وأبو غريب في محافظة الأنبار غربي العراق، ضمن ما تقول إنه رد على هجمات استهدفت قواعدها في العراق وسورية.

ومنذ 16 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، نفذت فصائل عراقية مسلحة أكثر من 60 هجوماً بواسطة طائرات مسيّرة مفخخة ثابتة الجناح، وصواريخ كاتيوشا، على قواعد أميركية في العراق وسورية، رداً على الدعم الأميركي في العدوان الإسرائيلي على غزة، وفقاً لبيانات صدرت عن أكثر من فصيل مسلح. وقدّمت عدد من تلك الفصائل نفسها أخيراً تحت عنوان "المقاومة الإسلامية في العراق"، ضمن تبنيها تلك العمليات.

يقول مختصون في شؤون الجماعات المسلحة إن هذا التشكيل يضم فصائل محددة دون غيرها، بسبب الانقسام الحاصل إزاء الموقف من تصعيد العمليات ضد الأميركيين في العراق. وتضم فعلياً جماعة "المقاومة الإسلامية" كلاً من "كتائب حزب الله" و"النجباء" و"حركة أنصار الله الأوفياء"، وتتبنى صراحة منذ منتصف أكتوبر الماضي، عمليات ضد المصالح الأميركية في البلاد، ضمن ردها على الدعم الأميركي للاحتلال الإسرائيلي في العدوان على غزة.

عباس الخفاجي: استهداف جرف الصخر وموقع للطائرات المسيّرة، فهمه جيداً قادة الفصائل وحكومة  السوداني

وقال نائب سابق في البرلمان العراقي عن تحالف "الفتح" بزعامة هادي العامري، لـ"العربي الجديد"، إن القصف الأميركي فجر 22 من الشهر الماضي، أدى إلى تدمير ورشة لإعداد الطائرات المسيّرة في جرف الصخر. وأكد مشترطاً عدم الكشف عن هويته، أن المبنى الذي قُتل داخله 5 من أعضاء الجماعة المسلحة، كان يضم طائرات مُسيرة مفخخة، إلى جانب معدات توجيه عن بعد وأجهزة تستخدم في تحديد المواقع (جي بي أس).

رسائل أميركية بنوعية الأهداف

وأكد مصدر آخر مُقرب من "كتائب حزب الله"، لـ"العربي الجديد"، أن القصف الأميركي أدى إلى إعادة نظر في جميع مواقع الفصائل، خصوصاً تلك التي تحتوي على ترسانة عسكرية مُتقدمة لها، وجرى نقل جزء منها فعلياً إلى مواقع أخرى. وأضاف أن "الهجمات الأميركية تشير إلى وجود معلومات مسبقة عن مواقع مستودعات مهمة".

ولم تسمح الفصائل المسلحة للجيش العراقي أو قوات الأمن بدخول جرف الصخر بعد توجيه واشنطن الضربات الجوية لمواقعها في المدينة، لكن سيارات إسعاف دخلت إلى المنطقة ونقلت الجرحى والقتلى إلى مستشفى في بلدة المسيب القريبة من المنطقة، بحسب ما أكده شهود عيان وموظفون صحيون في محافظة بابل جنوبي بغداد.

نوعية الأهداف التي وجهت لها واشنطن ضرباتها الجوية في العراق، تؤكد أنها لم تكن تهدف لإيقاع خسائر بشرية في صفوف "كتائب حزب الله"، بقدر ما هي رسائل رد لها دلالات يفهمها الطرف العراقي الحكومي والسياسي، كما يقول العقيد الركن السابق والخبير الأمني عباس الخفاجي، لـ"العربي الجديد".

وأضاف الخفاجي أن واشنطن لو أرادت إيقاع عدد كبير من الضحايا لاستهدفت مواقع وتجمعات في الأنبار وصلاح الدين تحوي العشرات من العناصر تلك، وكذلك داخل سورية، لكن وفقاَ للخفاجي فإن "الهدف كان توجيه رسالة مفادها بأن مواقع ومنشآت السلاح الخاصة بكم مكشوفة لنا وممكن تدميرها كليا".

وقال الخبير الأمني إن "استهداف جرف الصخر التي هي في الأساس خارج سلطة الدولة، ومن ثم استهداف موقع للطائرات المسيّرة داخل هذه المنطقة، فهمهما جيداً قادة الفصائل وكذلك حكومة محمد شياع السوداني"، معتبراً أن الضربة الأميركية كانت "إيذاناً بوضع القوات الأميركية برنامج الطائرات المسيّرة لدى الفصائل العراقية المسلحة على لائحة أهدافها في العراق، وحتى الصواريخ التي باتت تبلغ مديات تتعدى 40 كيلومتراً".