الصين على أبواب أوروبا

الصين على أبواب أوروبا

17 فبراير 2023
تزايدت مساعي الصين للوصول إلى العمق الأوروبي (هو تشياو فيي/Getty)
+ الخط -

تثير سياسات الصين المتأنية في تحقيق النفوذ، من خلال دبلوماسية القروض والاستثمارات، مخاوف في دول الاتحاد الأوروبي، بحجة محاولات بكين اختراق قارتهم. فمن دائرة القطب الشمالي إلى أفريقيا، لم تهدأ في العقد الأخير حماسة الصينيين في ضخ المليارات لتأمين المصالح والنفوذ السياسي في مواجهة التكتل الغربي.

وتبدو منطقة غرب البلقان، المرشحة لعضوية النادي الأوروبي، مثل "حصان طروادة" صيني، بنظر بعض الأوروبيين.

فسياسة "السخاء المالي" الصيني، المتوسعة أيضاً نحو أميركا اللاتينية، ساهمت سابقاً في وضع بكين قدمها عند بوابة القارة، في عز أزمة اليونان المالية (2010).

واليوم أصبح غرب البلقان ساحة أخرى، وعلى مرمى حجر من قلب القارة العجوز. فالعلاقة مع صربيا، أكبر دول البلقان، تُعقد المصالح الأوروبية. فأوروبا التي انتهجت سياسة صارمة في وجه الاستثمارات الأجنبية في البنى التحتية الحيوية فيها، تبدو قلقة من تراخي الدول المرشحة، بل حتى في المجر والتشيك، بالانفتاح على الأموال الصينية، وهو ما تعزز في جائحة كورونا في ربيع 2020.

ووفقاً لمراكز متابعة تحركات بكين في شرق أوروبا، ومنها "تشاينا أوبزرفر"، تزايدت خلال العقد الأخير مساعي الصين للوصول إلى العمق الأوروبي من بوابات الاستثمارات والقروض. وهي لا تستثمر فقط في الطرقات وسكك الحديد والموانئ، بل تدخل في المناقصات العامة، وتهيمن على مناجم التعدين والطاقة.

وبالنسبة للمهتمين الأوروبيين، وتحديداً مع تزايد فرص النفوذ الصيني بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، فإن قارتهم، التي ترددت في قبول اندفاع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى حرب تجارية مع بكين، ستكون مستقبلاً في مواجهة التحدي الصيني بشكل مختلف. فالموقف الأوروبي ليس موحداً تماماً حيال نفوذ بكين. ومع تعاظمه ومراهنته على عضوية دول البلقان في المعسكر الأوروبي تبدو سياسات ضخ الأموال جالبة للمزيد من التشقق في مواقف ساسة بروكسل.

على كل، المسألة تتعلق بما يلي ضخ بكين للمليارات. فعلى سبيل المثال تقدم الصين (مع روسيا) ضمانة لصربيا بألا تقبل تمرير عضوية كوسوفو في الأمم المتحدة. وفي المقابل تراهن على تصدع المواقف الأوروبية مستقبلاً في قضايا تتعلق بتايوان وهونغ كونغ، وغيرها من السياسات الصينية وهيمنتها عالمياً.

إذاً، السنوات المقبلة لا تبشر إلا بمحاولة تأجيل فرض الصين نفسها على القارة الأوروبية؛ التي بات بعض قادتها العسكريين يحذرون مما يسمونه "طريق الحرير القطبي الشمالي"، الذي تسعى بكين لاستغلاله كرديف لقناة السويس. وعليه تبدو المنافسة المستقبلية أوسع من حصرها على حدود القارة الأوروبية.

المساهمون