الشارع الإيراني والانتخابات الرئاسية: مشاركة ومقاطعة ولا مبالاة

"العربي الجديد" يرصد نبض الشارع الإيراني قبل الاستحقاق الرئاسي غداً الجمعة

17 يونيو 2021
الاستحقاق الرئاسي غداً الجمعة (فاطمة بهرامي/الأناضول)
+ الخط -

إيران على موعد، غداً الجمعة، مع استحقاق رئاسي آخر، هو الثالث عشر في تاريخ الجمهورية الإسلامية، فيما لا يشهد الشارع الإيراني ذلك الحراك المعهود في الدورات الانتخابية السابقة، لعدة أسباب: صحية (كورونا) وسياسية واقتصادية واجتماعية.  

لكن، خلال اليومين الأخيرين، سُجلت تطورات زادت سخونة المشهد الانتخابي، بعد تصاعد الدعوات إلى المشاركة في الانتخابات، خاصة من قبل قيادات وقامات إصلاحية، أمثال الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي، ورئيس البرلمان الأسبق الشيخ مهدي كروبي، القابع حالياً تحت الإقامة الجبرية بعد أحداث عام 2009 على خلفية الاحتجاجات على نتائج الانتخابات التي جاءت بالرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد إلى ولاية ثانية.

وكان المرشد الإيراني الأعلى، علي خامنئي، قد ألقى أيضاً كلمة حول الانتخابات، مساء الأربعاء، حثّ فيها المواطنين الإيرانيين على المشاركة، لـ"إحباط مخططات الأعداء"، مؤكداً أن تراجع المشاركة "سيزيد ضغوط الأعداء، مثل العقوبات". 

كذلك، دعا "الحرس الثوري" الإيراني إلى المشاركة القصوى في الانتخابات، مشدداً على أن "كل صوت في الانتخابات بمثابة صاروخ دقيق صوب المتآمرين على إيران".

انتخابات غير مهمة

وفي خضم الدعوات إلى المشاركة في الانتخابات الإيرانية أو مقاطعتها، التقى "العربي الجديد" عدداً من المواطنين الإيرانيين في عدة مناطق بالعاصمة الإيرانية طهران، غرباً، وشرقاً وشمالاً وجنوباً.  

أحمد، شاب ثلاثيني، يعمل في سوق طهران الكبير، الذي أفقدته الأزمة الاقتصادية جزءاً من حيويته المعهودة، يرى أن الاستحقاق الرئاسي الجديد "لا يعنيه"، قائلاً بلغة تطغى عليها الحسرة: "ما يهمني اليوم تدبير دخلي اليومي كي أعيش وأسرتي".

ويضيف أحمد، لـ"العربي الجديد": "لم أتابع الانتخابات لأنها غير مهمة لي، لكنني سمعت أن هناك وعوداً من قبل بعض المرشحين لدفع مبالغ شهرية نقدية لكل مواطن، غير أنني لم أعد أصدق الوعود".

وعمّا إذا كان سيصوت في الانتخابات، قال: "إذا صوتّ أنا، فهل سيتحسن وضعي؟ طبعاً لا، بالتالي أنا غير معني بالمشاركة".

سعيدة، طالبة إيرانية، التقاها "العربي الجديد" بالقرب من جامعة طهران، وسط المدينة، عبّرت عن وجهة نظر مختلفة، قائلة: "سأشارك في الانتخابات، لكن ليس لأنني مقتنعة بما حدث (الترشيحات)، بل لأنني مؤمنة بأن صندوق الاقتراع هو الخيار الوحيد لتغيير الوضع".

علي رضا، صاحب متجر صغير بغرب العاصمة طهران، يشكو من تراجع القوة الشرائية للمواطنين، ما سبّب تراجع دخله كثيراً، يقول إن "كثيراً من المواطنين يكتفون بشراء حاجاتهم الأساسية في ظل غلاء الأسعار بطريقة جنونية". 

وأوضح علي رضا، لـ"العربي الجديد": "بعد انطلاق مفاوضات فيينا، وفي ضوء تصريحات السيد روحاني، كنا نعد الأيام والساعات لكي ترفع العقوبات، لكن ذلك لم يحصل. ولدي قلق متزايد من أن الوضع يزداد سوءاً. لم تصل المفاوضات إلى نتيجة في هذه الحكومة. الآن لا أملك فكرة عن المشاركة. أنا متردد".

واجب ديني
من جهته، يقول الأربعيني، أمير حسين، الذي التقاه "العربي الجديد" في شارع "انقلاب" (الثورة) وسط العاصمة: "سأشارك في الانتخابات لأنه واجب ديني وسياسي"، مضيفاً: "نعم، أنا أيضاً عندي تحفظات كثيرة على الوضع الاقتصادي الراهن الذي سبّبته الحكومة، لكن هذه الانتقادات هي التي تشجعني على المشاركة في الانتخابات والتصويت لتغيير هذا الوضع".

"لمن أصوت؟ لا أرى مرشحاً قادراً على حل مشاكلنا بين المرشحين"، هكذا يعبّر الثلاثيني محمد جواد، سائق التاكسي، عن رأيه بالمشاركة في الانتخابات، قائلاً، لـ"العربي الجديد"، إن "رئيس الجمهورية منصب شرفي. لو كانوا قادرين على حل المشاكل لحلوها من قبل"، مع الإشارة إلى أن "الأزمة الاقتصادية لن تحل قبل حل النزاع مع أميركا".

وأضاف: "أنا حاصل على الماجيستر في الاقتصاد، لكنني كما ترى أكسب رزقي من التاكسي، لأنني لم أجد عملاً"، قائلاً: "من الواضح من سيصبح رئيساً، النتيجة محسومة من قبل".

من جهتها، ترد امرأة خمسينية من شمال العاصمة طهران، لم تذكر اسمها، على سؤال عن الانتخابات بالقول: "لا تهمني السياسة، فليفز من يفوز، ويخسر من يخسر الانتخابات. رجاء لا تسألني عن السياسة. لدي اهتماماتي الشخصية". 

وردد العشريني ياشار أغنية بصوت هادئ وهو جالس على مقعد في متنزه "بارك ملت" شمال طهران، موضحاً أنه سمع عن الانتخابات ورأى لافتات في المدينة، "لكن لا أعرف الموعد، آمل أن يحل الرئيس المقبل مشاكل الشباب، أنا ليست عندي مشكلة، والدي ثري، لكنني أحب الموسيقى، وحين أرى بعض الشباب الموسيقيين يغنون في الشوارع لقاء الحصول على المال ليضمنوا عيشهم يحزنني الأمر".

وإلى جنوب غرب العاصمة الإيرانية، حيث يعبّر الستيني حسين كاظمي عن عدم رضاه عن سلوك الحكومة الحالية، مؤكداً أنه سيشارك في الانتخابات "بناءً على دعوة القائد ولأجل وطني"، مع الإشارة إلى أنه خلال الأربعين عاماً الماضية شارك في جميع الانتخابات، "لكن في هذه الدورة أواجه صعوبة في إقناع بعض جيراني وأقاربي للمشاركة في الانتخابات، لأنهم يرون أنها لن تؤدي إلى تغيير أوضاعهم المعيشية".

وإلى شرق العاصمة طهران، قال محمد مهدي بهرامي، الحاصل على شهادة الماجيستر في الدراسات الشرق أوسطية، لـ"العربي الجديد"، إنه مع المشاركة في الانتخابات، لكنه لم يقرر لمن يصوت بعد.  

وأشار بهرامي إلى انسحاب 3 مرشحين من السباق الرئاسي، قبل أقل من يومين من إجراء الانتخابات، قائلاً إن هذا "دليل على ديناميكية الظروف السياسية الداخلية، وهو يستدعي تحليل الوضع بإمعان".

وأوضح قائلاً: "مشاركتي في الانتخابات تأتي احتراماً لصندوق الاقتراع، باعتباره حارس الهياكل الديمقراطية وتراثنا التاريخي، سواء في إيران أو المنطقة والعالم".

المساهمون