مع انقطاع التواصل بين المكوّنين العسكري والمدني في السودان، يسعى الطرف الأول إلى فرض شروط صعبة على المدنيين، وصلت إلى حد مطالبة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك بحل الحكومة، فيما يعقد اجتماع مصغر حالياً لبحث الأزمة، وسط توقعات بالخروج بنتائج هامة.
ومنذ إحباط محاولة انقلابية فاشلة في 21 سبتمبر/أيلول الماضي، تصاعدت الخلافات والحرب الكلامية بين المكون العسكري وتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير، ووصلت إلى مرحلة إصدار المكوّن العسكري قرارا أحاديا بتعليق التواصل مع المكون المدني في مجلس السيادة، وتعليق اجتماعات مجلس الأمن والدفاع، والاجتماعات المشتركة بين مجلسي السيادة والوزراء.
ومع هذا التوتر، تدخلت أكثر من جهة للتوسط بين المكونين، منها وساطة خاصة من رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وأخرى قادها رئيس حزب الأمة فضل برمة ناصر، وثالثة من شخصيات مستقلة اجتمعت بالطرفين.
لكن في كل مرة من المرات يضع المكون العسكري واحداً من الشروط التي تراها "الحرية والتغيير" تعجيزية وتكشف عن عدم رغبة العسكر في تجاوز الأزمة، حسب ما تقول مصادر في "الحرية والتغيير".
أول تلك الشروط، حينما وجّه مجلس الوزراء، مطلع الأسبوع، الدعوة إلى مجلس السيادة لاجتماع مشترك يناقش الخلافات بالتفصيل والوصول إلى نتائج توافقية. لكن المكون العسكري لم يوافق على الدعوة. وبحسب تسريبات صحافية، فإن المكون العسكري اشترط إبعاد محمد الفكي سليمان، عضو مجلس السيادة، عن أي اجتماعات مشتركة، بحجة أنه وجّه إساءات بالغة لهم خلال الحرب الكلامية في الأيام الماضية.
ثاني الشروط يتعلق أيضاً بعضو مجلس السيادة محمد الفكي سليمان، حيث يشترط رئيس المجلس الفريق أول عبد الفتاح البرهان اعتذاره عن عبارات في حق العسكر، خلال حوار تلفزيوني، جاء فيها أن "المدنيين تنازلوا كثيراً وجلسوا مع العسكر خصماً من رصيدهم السياسي"، وعلى الرغم من عدم التداول رسمياً حول ذلك الشرط، إلا أن مقربين من سليمان أكدوا عدم نيته تقديم أي اعتذار مهما كان الثمن.
في اجتماعه أمس الثلاثاء، كلف مجلس الوزراء تشكيل لجنة برئاسة عبد الله حمدوك رئيس المجلس، وعضوية كل من وزيرة الخارجية مريم الصادق المهدي، وهاشم حسب الرسول وزير الاتصالات، وجبريل إبراهيم وزير المالية، ومحمد بشير ابونمو وزير المعادن، وبثينة دينار وزيرة ديوان الحكم الاتحادي، للجلوس مع مجلس السيادة لحل الأزمة في شرق السودان، التي وصلت إلى حد إغلاق الموانئ والطرق وسكك حديد، وألقت بظلالها، كما يقول مجلس الوزراء، على مخزون الأدوية والسلع الاستراتيجية. وأوضح مصدر لـ"العربي الجديد" أن المجلس حرص على تشكيل تلك اللجنة لتضارب المواقف والرؤى بين المجلسين بشأن حل أزمة شرق السودان.
وطبقاً لمعلومات كشفت عنها صحيفة السوداني، فإن المكون العسكري رفض بداية الجلوس مع اللجنة، أمس الثلاثاء، ووافق على الجلوس مع رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك منفرداً، وأنه اقترح على حمدوك حل الحكومة كواحد من الشروط التي يطالب بها المجلس الأعلى لنظارات البجا، الذي يتبنى العصيان في شرق السودان، على أن تشكل حكومة بديلة ينحّى عنها وزير شؤون مجلس الوزراء خالد عمر يوسف، أبرز المشاركين من المدنيين في المواجهة مع العسكر. فيما أفادت مصادر أخرى "العربي الجديد" بأن المكون العسكري يتحفظ على وزراء آخرين مثل وزير الإعلام حمزة بلول. ويرجح كثيرون عدم قبول حمدوك بالمقترح.
ونفي مصدر حكومي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، علمه بشرط حل الحكومة، مشيراً إلى أن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك ومعه الوزراء الخمسة المكلفون بالتواصل مع المجلس العسكري، دخلوا قبل قليل في اجتماع مع المكون العسكري، في بيت الضيافة بالخرطوم، مقر إقامة عبد الفتاح البرهان، متوقعاً أن يخرج الاجتماع بمواقف حاسمة.
حمدوك ومعه الوزراء الخمسة المكلفون بالتواصل مع المجلس العسكري، دخلوا قبل قليل في اجتماع مع المكون العسكري
ومنذ 17 سبتمبر/أيلول الماضي، أغلق محتجون، بقرار من المجلس الأعلى لنظارات البجا، الموانئ البحرية والطرق البرية وخط السكة الحديد، للمطالبة بإلغاء اتفاق خاص بشرق السودان، وقّعته الحكومة مع فصائل سياسية. كما يطالب المجلس الأعلى لنظارات البجا بحل الحكومة المركزية وتكوين حكومة كفاءات، مع منح سلطة للمكون العسكري لإعلان حالة الطوارئ في البلاد.