الدعم الطبي والإغاثي المصري لغزة: حضور متواضع

الدعم الطبي والإغاثي المصري لغزة: حضور متواضع

21 مايو 2021
أعداد قليلة من المصابين نُقلوا إلى مصر للعلاج (سعيد خطيب/فرانس برس)
+ الخط -

لا يزال الإعلام التابع لأجهزة استخباراتية في مصر، يتحدث عن المساعدات المالية والصحية المقرر تقديمها إلى الفلسطينيين في قطاع غزة، الذي تعرض لعدوان إسرائيلي على مدى 11 يوماً، راح ضحيته عشرات الشهداء ومئات الجرحى، قبل أن يدخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ عند الساعة الثانية من فجر اليوم الجمعة. وشمل الدعم المصري المعلن تسيير قوافل طبية وإغاثية، ونقل جرحى، وإدخال كميات من الوقود والغاز، وكان ختامه إعلان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن منحة قدرها 500 مليون دولار أميركي، لإعادة إعمار قطاع غزة بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي. لكن ذلك لم يكشف كواليس هذا الدعم المصري، والوقائع التي رافقت نقل المواد الطبية والإغاثية، وكذلك ملف الجرحى الذين قالت مصر إنها فتحت لهم المستشفيات واستنفرت الطواقم الطبية بكافة مستوياتها لاستقبالهم، وتقديم العلاج اللازم لهم، لتأتي ضمن موقف مصري غير مسبوق تجاه غزة، بل يمثل انقلاباً في الموقف المصري الذي كان عام 2014.

وفي تفاصيل المشهد وكواليسه، أفادت مصادر مصرية متطابقة في محافظة شمال سيناء ومنفذ رفح البري، "العربي الجديد"، بأن الضجة الإعلامية التي رافقت المساعدات الطبية والإغاثية فاقت حجم المواد المقدمة لقطاع غزة، إذ إن الجهات التي قدّمت المعونات للقطاع تعمّدت توزيعها على عدة شاحنات صغيرة، وُضعت عليها عبارة "من الشعب المصري للشعب الفلسطيني"، وإلى جوارها صورة السيسي.

الضجة الإعلامية التي رافقت المساعدات الطبية والإغاثية فاقت حجم المواد المقدمة لقطاع غزة

وقامت هذه الشاحنات بالسير في موكب طيلة وجودها في شمال سيناء، وصولاً إلى بوابة المنفذ، وهناك تعمّد القائمون على القوافل تصويرها ونشرها عبر وسائل الإعلام المصرية بأنواعها المختلفة، وحين تم نقل المواد الوافدة إلى الجانب الفلسطيني من المنفذ، فوجئ الجانب الفلسطيني بأن القافلة المصرية التابعة للهلال الأحمر المصري لم تعبئ شاحنة طويلة من تلك العاملة بشكل مستمر على المنفذ، والتي جرى عادة استخدام أمثالها في نقل المواد الغذائية إلى غزة عبر البوابة التجارية التي تربط مصر بالقطاع. فيما لم تكن أصناف المواد الغذائية التي وصلت إلى غزة مناسبة لتقديمها إلى المصابين في المستشفيات، أو المتضررين، بالإضافة إلى أن هناك قافلة مواد بترولية من سولار وبنزين وغاز منزلي، كانت آتية إلى غزة ضمن قائمة العمل اليومية، تم وضع صور السيسي عليها على أنها دعم لغزة، بينما كانت في حقيقة الأمر تابعة للقطاع وتم دفع ثمنها مسبقاً، ضمن بروتوكول العمل في البوابة التجارية.

ويأتي هذا الدعم المصري المتواضع، بالتزامن مع نداء الاستغاثة الذي أطلقته وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة على لسان مدير التعاون الدولي فيها عبد اللطيف الحاج والذي تم توجيهه لكافة أصدقاء الشعب الفلسطيني في العالم، سواء الحكومات أو المؤسسات الخيرية والإنسانية للاستجابة العاجلة، من أجل اتخاذ خطوات فاعلة وعاجلة لإنقاذ الوضع الصحي. وأشار إلى أن القطاع الصحي بحاجة إلى مبلغ يقدر بـ46 مليوناً و600 ألف دولار ليتمكن من الاستمرار في تقديم خدمات الوزارة اللازمة لمواجهة جائحة كورونا وإنقاذ حياة المصابين والمرضى جراء العدوان والإيفاء بمتطلبات الوزارة في ظل هذه الظروف المتمثلة بحالة الطوارئ التي يعيشها قطاع غزة في ظل العدوان المتزايد والغارات الجوية لقوات الاحتلال.

قافلة مواد بترولية صُورت كدعم لغزة كان ثمنها مدفوعاً

وبخصوص الجرحى ونقلهم، أشارت المصادر التي تحدثت مع "العربي الجديد"، إلى أنه على مدار الأيام الثلاثة (الاثنين والثلاثاء والأربعاء)، وحتى ظهر أمس الخميس، التي شهدت وصول أول دفعة من الجرحى، فإنه لم يصل إلى الجانب المصري سوى 12 جريحاً، فيما من المقرر وصول ستة آخرين، ليصبح الإجمالي 18 جريحاً من أصل 1900 إصابة في آخر إحصائية صدرت عن وزارة الصحة في غزة، أي أن ما وصل إلى مصر لا يعادل 1 في المائة من العدد الإجمالي للمصابين، على الرغم من إعلان وزارة الصحة المصرية إرسال عشرات سيارات الإسعاف، وطواقم التعامل الطارئ على المنفذ.

ورجحت المصادر أن ضعف التنسيق بين الطرفين يضعف حركة نقل الجرحى، بالإضافة إلى التجربة السابقة التي مر بها الجرحى الفلسطينيون في مستشفيات سيناء خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2012، فترة حكم الرئيس الراحل محمد مرسي، إذ لم يلق الجرحى الفلسطينيون الاهتمام اللازم في المستشفيات، وساءت الحال الصحية لعدد منهم، بسبب عدم أهلية المنظومة الطبية آنذاك للوضع الصحي للجرحى، وعدم أهلية المستشفيات في سيناء لاستقبال جرحى حروب.

دلالات

المساهمون