قضت المحكمة الابتدائية بمدينة تطوان (شمال المغرب) ليل الثلاثاء، بالحبس ستة أشهر مع وقف التنفيذ في حق معتقلي الاحتجاجات التي عاشتها مدينة الفنيدق أخيراً، جراء تردي الأوضاع الاقتصادية الناجمة عن إغلاق معبر مدينة سبتة الواقعة تحت السيادة الإسبانية، الذي كان يتم من خلاله "تهريب" السلع إلى داخل المغرب.
وفي الوقت الذي ينتظر فيه أن يغادر المعتقلون الأربعة، خلال الساعات القادمة، السجن المحلي بمدينة تطوان، اعتبرت مصادر حقوقية، تحدثت لـ"العربي الجديد"، أن الحكم القضائي خطوة أولى في اتجاه تهدئة الأوضاع وبداية انفراج، بعد أكثر من أسبوع على الاحتجاجات التي عرفتها مدينة الفنيدق.
وكانت أولى جلسات محاكمة 4 شبان اعتقلوا خلال الاحتجاجات التي عاشتها مدينة الفنيدق في 6 فبراير /شباط الجاري، قد انطلقت الثلاثاء الماضي، بعد أن قرر وكيل الملك في المحكمة الابتدائية بمدينة تطوان متابعتهم في حالة اعتقال، وإحالتهم إلى السجن، وذلك بتهم "التجمهر بدون رخصة وحيازة سلاح، وإهانة موظف عمومي أثناء قيامه بمهامه والعنف".
ويأتي الحكم على معتقلي احتجاجات الفنيدق في وقت تتجه فيه الأنظار مجدداً، إلى يوم الجمعة القادم، وإن كان سكان المدينة سيخرجون للاحتجاج للمرة الثالثة على التوالي.
وكان المئات من المحتجين في المدينة قد خرجوا، الجمعة الماضية، في مسيرة رُفعت فيها شعارات نددت بالأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها المنطقة، جراء استمرار إغلاق معبر مدينة سبتة، وعدم إيجاد بدائل اقتصادية للسكان. كما رفع المحتجون شعارات تدعو لإنقاذ المدينة من أزمتها الاقتصادية، وإطلاق سراح أربعة محتجين.
وتوازياً مع سلك المسار القضائي، عملت السلطات على مضاعفة تحركاتها لاحتواء الوضع من خلال عقد لقاء مع منتخبي المنطقة لدراسة البدائل الاقتصادية الممكنة، كما أعلنت عن إطلاق برنامج يتعلق بـ"بلورة وتفعيل آليات الدعم والمواكبة من أجل تحسين قابلية التشغيل وتحفيز ريادة الأعمال للفئات الهشة، خاصة النساء والشباب".
وأعاد خروج مئات من سكان مدينة الفنيدق، إلى الأذهان الأحداث التي عرفها المغرب في السنوات الأخيرة بسبب مطالب اجتماعية، كما كان الحال في منطقة الريف (شمال شرقي المغرب) وجرادة (شرقي المغرب)، فيما تعالت أصوات فعاليات حقوقية وسياسية محذرة من تبني المقاربة الأمنية في مواجهة الاحتجاجات، ومنبهة إلى خطورة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
ومنذ قرار السلطات المغربية، في ديسمبر/كانون الأول 2019، الإغلاق النهائي لمعبر باب سبتة (المدينة الخاضعة للإدارة الإسبانية) أمام تجار السلع المهربة، تضررت مدينة الفنيدق بشكل كبير، وطاولت الأزمة الاقتصادية والاجتماعية جل الفئات المجتمعية فيها، ما دفع شخصيات عمومية في المنطقة إلى توقيع نداء وجهته إلى الحكومة المغربية، من أجل إنقاذ المدينة من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي خلفها إغلاق معبر مدينة سبتة المحتلة والتداعيات الناتجة عن جائحة فيروس كورونا.
ويمتهن مئات المغاربة تهريب السلع من مدينتي سبتة ومليلية الخاضعتين للإدارة الإسبانية إلى باقي المدن داخل المغرب؛ حيث يعملون على حمل أكياس ضخمة مُحملة بالبضائع الإسبانية فوق ظهورهم لإدخالها إلى الأراضي المغربية وبيعها.