الجولاني يحذر من اجتياز "الخطوط الحمراء" بعد ارتفاع وتيرة الاحتجاجات

الجولاني يحذّر من اجتياز "الخطوط الحمراء" بعد ارتفاع وتيرة الاحتجاجات: غير متمسك بالسلطة

13 مارس 2024
خلال تظاهرة سابقة ضد "هيئة تحرير الشام" (العربي الجديد)
+ الخط -

قال زعيم "هيئة تحرير الشام" أبو محمد الجولاني، خلال اجتماع مع فعاليات محلية، إنه "غير متمسك بالسلطة"، محذراً من اجتياز "الخطوط الحمراء"، وذلك وسط أنباء عن نيته إعادة هيكلة جهازه الأمني ووضعه تحت تصرّف "حكومة الإنقاذ"، على خلفية الاحتجاجات الأخيرة المتصاعدة ضده شمال غرب سورية.

وأفادت مصادر لـ"العربي الجديد" حضرت الاجتماع، بأن الجولاني قال في بيانه الذي ألقاه أمام الفعاليات "ليس هناك خلاف على السلطة في إدلب وتستطيعون أن تتفقوا على شخص بنسبة 60 أو 70 بالمائة وأنا معكم"، لكنه حذر في الوقت نفسه من تجاوز "الخطوط الحمر"، موضحاً أن هناك مطالب لا يمكن تحقيقها في الوقت الحالي.

وفيما دعا من خاطبهم إلى "إيقاف من يسعون إلى خراب المناطق المحررة"، قال "إذا تدخّلنا لحماية المحرر سنتدخل بشكل شديد".

من جانبه، قال الباحث السياسي ياسين جمّول في حديث مع "العربي الجديد"، أن "أمام أبو محمد الجولاني سيناريوهات عدة للتعامل مع الاحتجاجات ضده في الشمال الغربي من سورية"، مضيفاً: "لم يخرج (الجولاني) في أول هذه الاحتجاجات، بل كان عبر أذرعه الإعلامية ينكرها ويسخفها، كما كان يفعل نظام الأسد مع المظاهرات في بدايات الثورة السورية".

وتابع "الجولاني -كما يظهر حتى اللحظة- اختار الإصلاح والتهدئة، ولكن يبقى التحدي في اختبار جدية دعاوى الإصلاح، وهذا اختبار للشارع؛ فهل يسكت الناس وتنتهي الاحتجاجات لمجرد هذه الوعود، أم تستمر حتى يرى المتظاهرون تنفيذ الوعود على أرض الواقع".

في غضون ذلك، نقلت وزارة الإعلام في "حكومة الإنقاذ"، المحسوبة على "هيئة تحرير الشام"، جزءاً آخر من الخطاب، وقالت إن قائد الهيئة أبو محمد الجولاني اجتمع أمس مع "القوى الثورية والمؤسسات العامة وفعاليات المجتمع المدني مع قيادة المحرر لمناقشة الأحداث الأخيرة".

ونقلت الوزارة التصريحات التي أدلى بها الجولاني خلال الاجتماع وقال فيها إن هناك "بنية اقتصادية ناشئة في المحرر، ومعدل النمو فيها يصل إلى 20 بالمائة كل سنة"، مضيفاً: "لا أقول إنه قضي على الفقر، ولكن المنطقة أصبحت موطناً يستطيع الناس أن يعيشوا فيها، وبالتالي معدلات الهجرة والنزوح تتراجع عكسيا وأصبحت منطقة يوفد إليها".

الأمن والاندماج

وتحدث الجولاني في عدة أمور، منها: وجود الجامعات والمصانع واليد العاملة في المنطقة والشركات ومنظمات المجتمع المدني، مؤكدا أن الأمن ازداد في المنطقة بعد القضاء على نسبة كبيرة من المخلين بالأمن.

وقال الجولاني: "ألقينا القبض على 95 بالمائة من العصابات التي كانت تفتعل التفجيرات داخل المحرر، وجرت محاكم كثيرة، وانخفضت نسبة الجريمة إلى مستويات كبيرة جدا"، مضيفا: "لقد مرت الحكومة بمراحل عسيرة جدا وظروف قاسية، ولكن المسير انطلق بعد أن راهن الكثير على فشل العمل المؤسساتي في المحرر".

وعن مسألة الاندماج والتوحد مع فصائل المعارضة السورية المسلحة قال الجولاني: "تجاوزنا مرحلة الفصائل وأزحناها عن إدارة الشأن العام، بما جعل المناخ مهيأ لإنشاء حكومة مستقلة في المنطقة".

وزعم الجولاني أن "الحالة الأمنية في المناطق المحررة كانت من أسوأ ما يكون، مع انتشار عصابات النهب والسرقة وخطف الكوادر وأصحاب رؤوس الأموال لطلب الفدية، هذا عدا عن العمليات الأمنية لتنظيم داعش التي تستهدف الأماكن العامة ورباط المجاهدين".

وقال إن المنطقة كانت "تعيش حالة مأساوية بسبب التشرذم والتشتت، والانكسارات العسكرية الكبيرة جداً، والحالة المعيشية الصعبة في الداخل، واندفاع أفواج من الناس للهجرة في كل يوم لأن المنطقة غير صالحة للحياة".

وأوضح قائلا: "فككنا ارتباطاتنا الخارجية وتنازلنا عن القيادة في سبيل الاندماج تحت كيان موحد بقيادة أحرار الشام، ثم لم يعلن عن الاندماج لأسباب خاصة بالفصائل المندمجة معنا. أصررنا على توحيد الثورة من الداخل، وكان التركيز على الفصائل العسكرية، وكان الفشل وعدم التوافق حاضراً لأن التوافق تتدخل فيه أطراف متعددة داخلية وخارجية، وبعض النزعات النفسية والمناطقية".

هيكلة الجهاز الأمني

وفي الشأن، قالت مصادر "العربي الجديد" التي حضرت الاجتماع إن الجولاني اتفق مع المجتمعين على أن يتم "تشكيل مجلس استشاري أعلى من أهل الرأي والاختصاص، للنظر في السياسات العامة والقرارات الاستراتيجية في المناطق المحررة".

وأضافت المصادر أن الجولاني اتفق مع المجتمعين على "إعادة تشكيل جهاز الأمن العام، ضمن وزارة الداخلية في حكومة الإنقاذ السورية، ودعوة إلى انتخابات مجلس الشورى العام في المناطق المحررة، وإعادة النظر في القانون الانتخابي، وتوسيع التمثيل للأهالي والشرائح والفعاليات، وتعزيز الدور الرقابي لمؤسسة الشورى، لتحقيق ضبط وكفاءة ونزاهة المؤسسات التنفيذية العاملة على الأرض".

وقالت المصادر أيضاً إن الاجتماع خرج بنقاط منها الاتفاق على "تشكيل ديوان المظالم والمحاسبة، وتشكيل جهاز رقابي أعلى، وإعادة النظر في السياسات الاقتصادية، ومكافحة الفساد ومنع الاحتكار، وتفعيل دور المجالس المحلية والنقابات المهنية".

وشهدت الأسابيع الأخيرة مظاهرات ضد زعيم الهيئة، تطالب بإسقاطه ورحيله عن المنطقة، وجاء ذلك وسط انقسام تشهده الهيئة على خليفة اعتقال الجهاز الأمني لقادة وعشرات العناصر ضمن ما سمي بملف العملاء والإفراج عن جزء منهم لاحقا بعد تبرئتهم، وعلى رأسهم الرجل الثاني في التنظيم "أبو ماريا القحطاني".