"الانتقالي الجنوبي" يتوجس من معركة استنزاف لقواته في أبين

"الانتقالي الجنوبي" يتوجس من معركة استنزاف لقواته في أبين

13 اغسطس 2023
قوات من "الانتقالي" في أبين، يونيو 2020 (فرانس برس)
+ الخط -

تعيد حادثة مقتل قائد "الحزام الأمني" في أبين، العميد عبد اللطيف السيد، وعدد من مرافقيه الخميس الماضي، في تفجير استهدف موكبه في منطقة وادي عويمران في محافظة أبين اليمنية، توجيه الأنظار إلى ما يحدث في المحافظة، علماً أن السيد كان يقود عملية "سهام الشرق" الأمنية المستمرة منذ أشهر، التي أطلقت لتطهير أبين من الجماعات المتشددة، حسب تصريحات عدة للقوات الجنوبية.

وقال المتحدث باسم القوات المسلحة الجنوبية محمد النقيب، في بيان، إن السيد قُتل في مديرية مودية بمحافظة أبين خلال قيادته عملية "سهام الشرق"، التي أطلقت في إطارها عملية جديدة اسمها "سيوف حوس"، التي حققت إنجازات كبيرة، من ضمنها تحرير مسؤول قسم السلامة لدى مكتب الأمم المتحدة، آكام سوفيول، خلال الحملة الأخيرة في مودية، وتطهير أودية وسلاسل جبلية عدة بمودية، أبرزها واديا الرفض وجنن.

ونقلت وسائل إعلام يمنية عدة عن مصادر عسكرية في أبين قولها الخميس الماضي، إن قوات "الحزام الأمني" تمكنت من قتل أمير تنظيم "القاعدة" في وادي جنن بمديرية مودية، واعتقلت 13 عنصراً، ولاحقت الفارين.

وجاء في بيان "المجلس الانتقالي" الذي نعى فيه السيد: "ندرك أن معركتنا ضد الإرهاب والداعمين له، ستكلفنا الكثير من التضحيات، غير أننا لن نتراجع عن خوض هذه المعركة حتى استئصال هذه الآفة الدخيلة على مجتمعنا المُسالم، وتجفيف منابعها من كل شبر من الجنوب، حتى ينعم الجميع بالأمن والأمان والسلام".


خالد اليافعي: القوات الأمنية تواجه وضعاً معقداً بفعل التداخلات في المصالح

معركة استنزاف لـ"الانتقالي"

وقال مصدر قيادي في "المجلس الانتقالي الجنوبي"، لـ"العربي الجديد"، إن معركة أبين تحوّلت إلى "معركة لمحاولة استنزاف للقوات المسلحة الجنوبية، وموجّهة ضد المجلس الانتقالي لوقف نفوذه وتمدده وبسط سيطرته على كامل الأراضي الجنوبية، ومحاولة لكسر عمليته سهام الشرق في أبين ضد الجماعات المتطرفة والإرهابية، من القاعدة وداعش ومن تتلاقى مصالحهم، في مواجهة الانتقالي ووقف نجاحات قواته".

وبحسب المصدر نفسه، فإن "العملية في أبين، وعلى الرغم من تعقيداتها الميدانية، إلا أنها طهرت أغلب المناطق فيها، وأمّنت الطرقات الرئيسية، بما فيها الطريق الساحلي الدولي"، مشيراً إلى أن "محاولة أطراف تلاقت مصالحها مع الجماعات المتطرفة في إدخال الانتقالي وقواته المسلحة الجنوبية في معارك هنا وهناك، هي محاولة لثني وتأخير تحرير وادي وصحراء حضرموت".

وبرز موقف السفارة الأميركية في اليمن، إذ عزّت في منشور لها على موقع "أكس" (تويتر سابقاً) بمقتل السيد، وأكدت استمرار الدعم الأميركي لليمن في مكافحة الإرهاب واجتثاثه.

وخلال الشهرين الماضيين، زادت وتيرة العمليات التي تستهدف قوات "الحزام الأمني" في أبين والقوات المسلحة الجنوبية الأخرى التابعة لـ"المجلس الانتقالي الجنوبي"، وسقط خلالها العديد من القتلى والجرحى من هذه القوات.

في الوقت نفسه، تواصل قوات "الانتقالي" عملياتها بحذر شديد وحساسية، و"تمكنت من تصفية الكثير من قيادات وعناصر الجماعات المتطرفة" وفق الضابط في حزام أمن أبين، أبو سيف الكازمي.

بدوره، أكد النقيب في الأمن خالد اليافعي لـ"العربي الجديد"، أن القوات الجنوبية تعاملت خلال الفترة الماضية بمرونة وتكتيك مكّناها من تحقيق انتصارات على الأرض، لكنها تواجه وضعاً معقداً بفعل التداخلات في المصالح، بين الجماعات المتطرفة وبعض الأطراف، سواء محلياً أو خارجياً، ضمن ما يُسمى "الإرهاب الموجّه".


عبد الرحمن يحيى: أبين كانت ساحة صراع منذ أكثر من عقدين

عمليات مستمرة في أبين

من جهته، قال الخبير الأمني العميد عبد الرحمن يحيى لـ"العربي الجديد" إن أبين منذ ما يقرب من عقدين من الزمن كانت ساحة صراع لكثير من الأطراف، وهي محل اهتمام محلي وإقليمي ودولي منذ عهد الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، وجرت فيها عمليات عسكرية كثيرة لمواجهة الجماعات المتطرفة التي كانت تدار أيضاً من أكثر من طرف.

وتدخلت الولايات المتحدة منذ مجزرة المعجلة (وقعت في 17 ديسمبر/كانون الأول 2009 قتلت فيها القوات الأميركية 14 عنصراً من القاعدة و41 مدنياً)، وتلا ذلك معارك كثيرة بعد أن سقطت أبين بيد "أنصار الشريعة"، إحدى أذرع "القاعدة".

ولفت يحيى إلى أنه على الرغم من شنّ عمليتين عسكريتين وحملات أمنية في عهد الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي، إلا أنه بسبب التحولات والمتغيرات التي كانت تطرأ، كانت أبين دائماً ما تتحوّل إلى محطة اهتمام، إذ تعيد الجماعات المتطرفة ظهورها وتنفذ عمليات عسكرية وهجمات واختطافات، مثل اختطاف القنصل السعودي عبد الله الخالدي في مارس/آذار 2012 قبل تحريره في مارس 2015.

ورأى يحيى أن أبين تظل بالنسبة إلى جميع الأطراف المتصارعة ساحة لتنفيذ سياساتها على حساب المجتمع والشعب الجنوبيين، وهو ما يدركه اليوم "المجلس الانتقالي الجنوبي" وقواته الجنوبية. وأضاف أنه لأول مرة تجري مواجهة هذه الجماعات ومن يقف خلفها بقوات جنوبية من المجتمع الجنوبي نفسه، وفي مقدمتها القوات المسلحة الجنوبية. كذلك عقدت قيادة "المجلس الانتقالي" لقاءات مع مختلف القبائل والمكونات المجتمعية في أبين، لتجنيب المنطقة محاولات أطراف سياسية للعمل بظروف ما قبل حرب 2015.