الاتحاد الأفريقي يدعم وساطة جزائرية بين مالي و"إيكواس"

الاتحاد الأفريقي يدعم وساطة جزائرية بين مالي و"إيكواس"… هل تنجح في ظل ضغوط فرنسية؟

22 يناير 2022
مبادرة جزائرية للوساطة بين مالي وإيكواس بدعم من مجلس السلم والأمن للاتحاد الأفريقي (Getty)
+ الخط -

دفعت التوترات السياسية الحاصلة بين مالي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) الاتحاد الأفريقي إلى التحرك لإعلان إسناد الجزائر في مبادرة وساطة كانت اقترحتها للتوصل إلى حل سياسي يجنب مالي تعقيدات سياسية واقتصادية واجتماعية، في ظل توقعات أن تصطدم الوساطة بتأثيرات فرنسية واضحة وضاغطة على قرارات "إيكواس" والتي تهيمن عليها فرنسا سياسيا.

وكانت مجموعة إيكواس قد فرضت حصارا، بدعم فرنسي، على باماكو، بسبب تمسك السلطة الانتقالية في مالي بالبقاء في الحكم لمدة ثلاث سنوات.

وتجري الجزائر اتصالات متقدمة مع السلطة الانتقالية في باماكو، لبحث مقترحات سياسية يمكن أن تسهم في التوصل إلى حل سياسي وتوافقي مع دول غرب أفريقيا، في ما يخص المرحلة الانتقالية في مالي وكيفيات العودة إلى المسارات الدستورية.

ويُرتقب أن يزور مساعد وزير الخارجية المكلف بالقضايا الأفريقية ومنطقة الساحل والصحراء، بوجمعة ديلمي، باماكو خلال الفترة المقبلة للقاء المسؤولين الماليين، بصفته رئيسا للجنة متابعة اتفاق السلم والمصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر.

وتباشر الجزائر مبادرة الوساطة بدعم من مجلس السلم والأمن للاتحاد الأفريقي، والذي أعلن، في بيان، نُشر الجمعة عن "ارتياحه لاقتراح الجزائر مرافقة جمهورية مالي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في المسار السليم القائم على درب التفاهم المتبادل من أجل الحفاظ على المصالح العليا لشعب مالي ووضع المنطقة في منأى عن أي تصعيد وتفاقم للأزمة". 

وأكد المجلس دعمه مقترح الجزائر بشأن مدة الفترة الزمنية للمرحلة الانتقالية في مالي، داعياً "السلطات الانتقالية في مالي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا إلى الالتزام سوية في هذه المبادرة من أجل معالجة نقاط الاختلاف العالقة، ومن ثم تسهيل عودة مالي إلى النظام الدستوري في أجل مناسب ومعقول لا يتعدى 16 شهرا".

وتقوم المبادرة الجزائرية في مالي على خطة انتقال سياسي تتضمن "فترة انتقالية لمدة تتراوح بين 12 إلى 16 شهر تكون معقولة ومبررة"، تفادياً لما وصفتها "العواقب السياسية الأمنية والاقتصادية التي قد تنتج عن انتقال طويل الأمد للسلطة"، على أن تلتزم بموجبها السلطات الانتقالية المالية "بجعل 2022 سنة إقامة نظام دستوري مالي جامع وتوافقي، يهدف إلى تكريس المكاسب ومتطلبات اتفاقية السلام والمصالحة في مالي، المنبثقة من مسار الجزائر، وتبني مقاربة شاملة تتوافق مع مدى تعقد المشاكل الهيكلية والاقتصادية، وكذا التحديات الواجب رفعها بما فيها مكافحة الإرهاب".

وقال المحلل والكاتب السياسي المالي حساين عيسى لـ"العربي الجديد" إن "الاتحاد الأفريقي يجد في العلاقة الجيدة بين السلطة الجزائرية وقادة السلطة الانتقالية في مالي، عاملا مناسبا وقناة اتصال موثوقة للتوسط بين مالي ومجموعة "إيكواس"، ناهيك عن التجربة اللافتة للدبلوماسية الجزائرية في حل النزاعات الإقليمية، حيث تترأس الجزائر اللجنة الدولية للسلم والمصالحة في مالي، هذا بالإضافة إلى أن الجزائر معنية بالدرجة الأولى بحل الأزمة السياسية في مالي، لكونها بلداً له حدود مع مالي وكل التوترات الأمنية تنعكس على الأمن القومي للجزائر".

التفاهم المتبادل حول "رؤية تضامنية"

وعرضت الجزائر الأحد الماضي القيام بوساطة بين السلطة الانتقالية في مالي ودول مجموعة غرب أفريقيا، للحد من التوتر السياسي بين الطرفين والمخاطر المفترضة في أعقاب قرار دول المجموعة إنزال عقوبات سياسية واقتصادية على مالي بسبب رفض السلطة العسكرية الانتقالي تسليم السلطة للمدنيين في أجل قريب. 

وحثت الرئاسة الجزائرية "مالي والجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا على التفاهم المتبادل حول رؤية تضامنية تصون المصالح العليا للشعب المالي الشقيق، وضبط النفس والعودة إلى الحوار لتجنيب المنطقة دوامة التوترات وتفاقم الأزمة، درءا للمخاطر الجسيمة التي تحملها حزمة العقوبات المعلن عنها في أكرا (العاصمة الغانية) نتيجة للاجتماع الاستثنائي لقمة الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، وكذا الإجراءات المضادة التي أعلنتها حكومة جمهورية مالي".

 وكان قادة مجموعة دول غرب أفريقيا المعروفة باسم "إيكواس"، قد قرروا منذ أسبوعين، في اجتماع عقد في العاصمة الغانية أكرا، فرض عقوبات سياسية واقتصادية وصفت بالقاسية على مالي، تخص استدعاء سفراء هذه الدول وإغلاق الحدود مع مالي، وقطع المساعدات المالية وتجميد أصول مالي في البنك المركزي لدول غرب أفريقيا، وتعليق التجارة باستثناء المنتجات الأساسية. 

وكان المجلس العسكري الحاكم في مالي قد اقترح جدولا زمنيا جديدا لإعادة السلطة إلى المدنيين يمتد إلى ثلاث سنوات، بينما تطالب دول غرب أفريقيا بسرعة العودة إلى الحكم المدني في مالي، التي شهدت انقلابين عسكريين، في أغسطس/آب 2020 وفي مايو/ أيار 2021.

ويؤكد المحلل السياسي المتخصص في شؤون منطقة الساحل، خليفة حداد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الجزائر ستواجه خلال مساعي الوساطة، تأثيرات فرنسية واضحة وضاغطة على قرارات مجموعة غرب أفريقيا، والتي تهيمن عليها فرنسا سياسيا، خاصة في ظل الصدام الذي أعلنته السلطة الانتقالية في مالي ضد باريس، وآخرها منعها اختراق الطيران الفرنسي الأجواء المالية ومطالبتها باريس بمراجعة الاتفاقيات الثنائية بين الطرفين". 

وأشار إلى أن "فرنسا تتستر وراء مجموعة دول غرب أفريقيا وخلف مبررات الدفاع عن عودة الإطار الدستوري والحياة السياسية في مالي، للضغط على السلطة الانتقالية، وأعتقد أن السلطات في الجزائر تعي هذا الأمر بوضوح".

المساهمون