"الأصالة والمعاصرة" المغربي يحاول احتواء أزمة "إسكوبار الصحراء"

"الأصالة والمعاصرة" في مواجهة تداعيات "إسكوبار الصحراء" بميثاق أخلاقيات

21 فبراير 2024
من اجتماعات لجان حزب الأصالة والمعاصرة (فيسبوك)
+ الخط -

تتجه القيادة الجديدة لحزب "الأصالة والمعاصرة" في المغرب نحو سن "ميثاق الأخلاقيات" لتجاوز تداعيات الزلزال التنظيمي والسياسي الذي ضرب الحزب المشارك في الائتلاف الحكومي الحالي، خلال الأسابيع الأخيرة، إثر اعتقال اثنين من قيادييه البارزين في ملف بارون المخدرات الدولي المعروف إعلامياً بـ"إسكوبار الصحراء"، وهو الزلزال الذي جعل المشروع السياسي للحزب محل تساؤل.

وفي خطوة لافتة، أعلن المكتب السياسي لـ"الأصالة والمعاصرة"، أمس الثلاثاء، بعد عقده أول اجتماع منذ انتخاب قيادة ثلاثية لتدبير الحزب خلال المؤتمر المنعقد بمدينة بوزنيقة، أيام 9 و10 و11 من فبراير/ شباط الجاري، عن مشروع إحداث لجنة تعمل على "ميثاق الأخلاقيات".

وبينما أسند المكتب السياسي مهمة تنسيق عمل اللجنة إلى عضو المكتب السياسي قلوب فيطح، على أن تقوم بعقد لقاءات تشاورية داخلية لإعداد مشروع "ميثاق الأخلاقيات"، لم يخف الحزب ارتباط إحداث اللجنة بالدعوة التي وردت في الرسالة التي وجهها الملك محمد السادس، في 18 يناير/ كانون الثاني الماضي، بمناسبة الذكرى 60 لتأسيس البرلمان المغربي، بتخليق الحياة البرلمانية من خلال إقرار مدونة للأخلاقيات في المؤسسة التشريعية بمجلسيها، تكون ذات طابع قانوني ملزم.

ومنذ أسابيع، يمر الحزب بواحدة من أسوأ مراحله جراء اعتقال اثنين من قيادييه البارزين في ملف المعروف إعلامياً بـ"إسكوبار الصحراء"، وهما سعيد الناصري رئيس مجلس عمالات الدار البيضاء، وعبد النبي بعيوي رئيس جهة الشرق. 

وإلى جانب الناصيري وبعيوي المتابعين بتهم جنائية في ملف البارون المالي، هناك برلمانيون ومنتخبون في صفوف الحزب تطاردهم قضايا فساد وتبديد أموال عمومية.

ويشير إحداث لجنة الأخلاقيات إلى دخول الحزب مرحلة إعادة هيكلة داخلية لتجاوز المشاكل التنظيمية في عهد أمينه العام السابق عبد اللطيف وهبي، وتداعيات ملف "إسكوبار الصحراء"، الذي جعل القيادة الجديدة أمام تحدي "تطهيره" من الأعضاء الذين يسيئون لصورته وإعادة الثقة أمام المواطنين.

الأصالة والمعاصرة: تجاوز سلبيات المرحلة

ويرى الباحث في العلوم السياسية محمد شقير أن قضية "إسكوبار الصحراء" قد أثرت بشكل مباشر على حزب "الأصالة والمعاصرة"، من بين سائر الأحزاب، إذ أدت إلى انقسام في صفوفه وتوجيه انتقادات حادة لرئاسة الحزب. كما أنها كانت أحد الأسباب التي وقفت وراء عدم التجديد للأمين العام السابق عبد اللطيف وهبي، بصفته محاميا مشرفا على الشؤون القانونية للمتورطين في قضية الاتجار في المخدرات؛ البرلمانيين سعيد الناصري، رئيس إحدى أهم مقاطعات العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء، وعبد النبي بعيوي رئيس جهة الشرق.

ويلفت إلى أن هذه القضية جعلت "العدالة والتنمية"، الخصم اللدود لـ"الأصالة والمعاصرة"، يجدد اتهامه للأخير بأنه تأسس كحزب ممول من طرف تجار المخدرات.

وتابع شقير، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "مضمون الرسالة الملكية التي ركزت على ضرورة وضع مدونة أخلاق ملزمة فسرت وكأنها كانت تتوجه بشكل أساسي لهذا للحزب، ما دفع اللجنة القيادية الجديدة إلى الانكباب على إعداد ميثاق أخلاقيات يساهم في غربلة المنتمين للحزب، ووضع معايير واضحة للعضوية داخل الحزب، بالموازاة مع مساهمة فريقه البرلماني في إعداد مدونة الأخلاقيات البرلمانية التي من المقرر أن يصادق عليها خلال الدورة الربيعية للبرلمان".

من جهته، اعتبر رئيس مركز شمال أفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية رشيد لزرق، إعلان "الأصالة والمعاصرة" إحداث لجنة تشتغل على "ميثاق الأخلاقيات" بأنه صيغة تنظيمة غايتها تجاوز سلبيات المرحلة، والحفاظ على فكرة الحزب "مشروعاً فكرياً سياسياً وطنياً، وحاجة مجتمعية لا محيد عنها". وكذلك "الحفاظ على مشروع الحزب بعد الهزات التي عرفها، والتي تستوجب محطة قوامها النقد الذاتي الرصين والنقاش الأيديولوجي الجريء، على اعتبار أن سقف المواجهة المرفوع يفرض الوعي الجمعي بخطورة الاندثار التنظيمي لمشروع الحزب في هذه الظرفية السياسية الراهنة بالمغرب". 

وأضاف لزرق، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن سقف المواجهة المرفوع يفرض على الحزب "إفراز حركة مجتمعية حقيقية وبوجوه قيادية وأجندة واضحة من منطلق عملية التطهير الذاتي، كي يصل إلى قفزة حزبية حداثية، قوامها إدماج القوى المدنية الحية داخل البنية الحزبية، من أجل الترافع السياسي والتدافع السلمي في مواجهة تنظيمات التيار الرجعي".