الأدوات الخشنة تعود للحدود: غزة أقرب للتصعيد من الهدوء

الأدوات الخشنة تعود للحدود: غزة أقرب للتصعيد من الهدوء

30 اغسطس 2021
يمنع الاحتلال إدخال مواد البناء إلى القطاع (فرانس برس)
+ الخط -

أعادت الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة تفعيل أدوات المقاومة الشعبية المعروفة بـ"الأدوات الخشنة"، عبر برنامج فعاليات يومي على طول الشريط الحدودي، يترافق مع إطلاق بالونات متفجرة وأخرى حارقة تجاه مستوطنات غلاف غزة والأراضي المحتلة عام 1948. وتتزامن هذه الخطوة مع جهود يبذلها الوسطاء منذ أسابيع، لنزع فتيل الأزمة وتثبيت التهدئة "الهشة" التي تم التوصل إليها في أعقاب العدوان الإسرائيلي على غزة في مايو/ أيار الماضي، إلا أن الفصائل ترفض أن تكون التهدئة مجانية.
وترى الفصائل أنها منحت الوسطاء أكثر من ثلاثة أشهر من دون أن يلتزم الاحتلال بالعودة إلى التفاهمات التي كانت سائدة قبل الجولة الأخيرة. وهو الأمر الذي يتطلب رفع وتيرة التصعيد ضد الاحتلال عبر الضغط الشعبي، وليس انتهاءً بالتصعيد العسكري إن تطلّب الأمر.

الاحتلال يبدي تعنتاً واضحاً في التعاطي مع مطالب الفصائل الفلسطينية

وبحسب مصادر "العربي الجديد"، فإن الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها حركة "حماس"، رفضت مطالب الوسطاء بوقف الفعاليات الشعبية في ظل استمرار القيود الإسرائيلية المفروضة على غزة ومنع إدخال مواد البناء والشاحنات التجارية بحرية كما قبل المعركة الأخيرة. وأبلغت الفصائل الوسيط المصري أنها ستحافظ على بقاء الفعاليات الشعبية مستمرة بتنوّع وبرنامج مختلف، إلى حين إثبات الاحتلال جديته في الالتزام بالتفاهمات التي كانت قائمة سابقاً برعاية قطرية ومصرية وأممية، والتعهد بإدخال مواد البناء وبدأ عملية الإعمار.

ميدانياً، تعهّدت المجموعات الشعبية القائمة على تنفيذ فعاليات "الإرباك الليلي" أو تلك التي تقوم بإطلاق البالونات الحارقة والمتفجرة، بتعزيز الضغط الشعبي بشكل أكبر مما هو عليه الآن عبر تطوير أدواتها، وزيادة مستوى الضغط على مستوطني غلاف غزة من خلال الفعاليات المختلفة.

وذكرت مصادر خاصة لـ "العربي الجديد" أن عودة "الإرباك الليلي" يندرج ضمن الخطة الفصائلية المعدة سلفاً، والتي تم اعتمادها بمشاركة فصائل العمل الوطني والإسلامي ككل، من أجل الضغط على الاحتلال الإسرائيلي لرفع كافة القيود والإجراءات عن القطاع. وبحسب المصادر، فإن المقاومة الفلسطينية ترفض فكرة "التنقيط" التي تتعاطى بها الحكومة الإسرائيلية بقيادة نفتالي بينت، وهو ما جعلها تدخل هذه الخطة "التوافقية" من الفعاليات الشعبية حيز التنفيذ من أجل زيادة الضغط وانتزاع مطالبها.

وأبلغ الوسطاء الفصائل في غزة أن الجانب الإسرائيلي يبدي تعنتاً واضحاً في التعاطي مع مطالبهم ورفض الاستجابة للمطالب "رزمة واحدة"، والميل هو لرفع الإجراءات والقيود بشكل متدرج وعلى فترات زمنية متفاوتة، في الوقت الذي أبلغت فيه الفصائل الوسطاء رفضها القاطع لهذه السياسة.

وعن عمليات القصف الإسرائيلي ومراقبة الأذرع العسكرية للميدان، أشارت المصادر إلى أن غرفة العمليات المشتركة لفصائل المقاومة تتابع ما يجري في الميدان بشكل يومي وحثيث، ولن تتأخر عن التعامل ميدانياً إذا ما تطلب الأمر ذلك في ضوء الرد على الاحتلال.

في هذه الأثناء، قال المتحدث باسم حركة "حماس" عبد اللطيف القانوع، إن الفعاليات الشعبية ستتواصل طالما بقي الحصار مفروضاً وطالما استمر تضييق الخناق على القطاع ولم يجر حلحلة الأمور الخاصة بعملية إعادة الإعمار، إلى جانب أن الخيارات ستكون مفتوحة حتى انتزاع كامل المطالب. وأضاف القانوع، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه في ظل "الحالة التي وصل إليها قطاع غزة بعد 90 يوماً على معركة سيف القدس وتنصّل الاحتلال وحالة المراوغة في دفع استحقاق هذه المعركة والعودة إلى ما قبل 11 مايو، ستبقى وسائل الضغط على الاحتلال قائمة بمختلف الأدوات الشعبية لكسر الحصار".

وبحسب المتحدث باسم حركة "حماس"، فإن الفعاليات ستتواصل بمختلف الأشكال والوسائل المتاحة إلى حين التجاوب الإسرائيلي مع مطالب المقاومة وعودة الوضع إلى ما كان عليه قبل 11 مايو، والبدء في عملية إعادة الاعمار وتوفير حياة كريمة لسكان القطاع.

تعهّدت المجموعات الشعبية القائمة على تنفيذ فعاليات "الإرباك الليلي" بتعزيز الضغط

وبشأن الوسطاء، وصف القانوع الجهد المبذول منهم بـ"المقدّر"، إلا أنه أضاف أن الأمر متعلق بطبيعة الاحتلال العدوانية وتنصله من مسؤوليته والهرب من دفع الاستحقاقات المطلوب منه، وهو ما يتطلب ضغطاً إضافياً من الوسطاء وضغطاً شعبياً يؤدي إلى كسر حلقات الحصار.

من جهته، رأى الكاتب مصطفى الصواف أن الفعاليات الشعبية في غزة ستتواصل وقد تأخذ منحنى مختلفاً إذا واصل الاحتلال عدم استجابته لمطالب لمقاومة، عبر الوصول إلى التصعيد العسكري الذي لا تستبعده الفصائل في غزة من خياراتها. وقال الصواف في حديثٍ لـ"العربي الجديد" إن المشهد القائم حالياً بين الاحتلال وفصائل المقاومة أحدث خرقاً إيجابياً محدوداً على صعيد التجاوب الإسرائيلي مع المطالب الفلسطينية، إلا أن حالة التباطؤ والمماطلة أضحت غير مقبولة من قبل سكان القطاع والفصائل.

وبرأيه، فإن مطالب المقاومة للوسطاء واضحة للغاية وهي العودة إلى الوضع الذي كان قائماً قبل 11 مايو الماضي، تزامناً مع استخدام وسائل الضغط الشعبي، مع عدم تجاهل إمكانية الضغط بأدوات أخرى مغايرة حال استمرت المماطلة الإسرائيلي. وتابع: "هناك مؤشرات نقلت عبر الوسطاء عن وجود رغبة إسرائيلية بالعودة إلى ما كان سابقاً، إلا أن هناك تباطؤاً واضحاً في عملية التنفيذ مرتبط بالظروف المحيطة بهذه الحكومة، عدا عن كونها ضعيفة وتسير بدعم الإدارة الأميركية للبقاء على واقعها من دون سقوط". ورأى أن الوسطاء أضعف من أن يقوموا بممارسة الضغط على الاحتلال، كون بعضهم يحملون قناعة تتطابق مع القناعة الإسرائيلية بضرورة الضغط المتواصل على القطاع، لإجباره على رفض الراية البيضاء والرضوخ للشروط الدولية.

المساهمون