إسمنت مصر لا يبني غزة... الاحتلال يمنع دخول مواد عدة ويعطل الإنشاءات

إسمنت مصر لا يبني غزة... الاحتلال يمنع دخول مواد عدة ويعطل الإنشاءات

29 اغسطس 2021
فلسطينيون يفرغون شاحنة إسمنت بعد دخولها غزة من معبر رفح الحدودي مع مصر (فرانس برس)
+ الخط -

يشهد قطاع غزة نقصاً حاداً في مواد البناء، في ظل منع الاحتلال الإسرائيلي إدخالها عبر منفذ كرم أبو سالم التجاري، ما يعرقل إنجاز عمليات البناء على صعيد المنازل والمستثمرين ومشاريع البنية التحتية.

وقفزت أسعار الحديد الصلب إلى نحو 4500 شيكل إسرائيلي للطن الواحد، بينما كانت تتراوح قبل عدوان الاحتلال على غزة في مايو/ أيار الماضي بين 3200 و3500 شيكل للطن، بزيادة تراوحت نسبتها بين 29% و40%. (الدولار= 3.23 شيكلات إسرائيلية)

ويقتصر مرور مواد البناء على الإسمنت الذي يصل إلى القطاع عبر بوابة صلاح الدين، التي تربطه بالجانب المصري، فيما يمنع الاحتلال إدخال كافة المواد عبر معبر كرم أبو سالم التجاري باستثناء سماحه مؤخراً لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" بكميات محدودة وبتنسيق خاص.

ورغم تدفق الإسمنت، ارتفع سعر الطن منه مقارنة بالسعر السابق لعوامل يبدو أنها متعلقة بالشحن من الجانب المصري، عدا عن فقدان مواد خام أخرى من السوق المحلية مثل الحصى (الحصمة).

وأدى المنع الإسرائيلي إلى تعطل الآلاف عن العمل وعمل البعض الآخر بطاقة إنتاجية قضعيفةة جراء شح المواد الخام الموجودة بالسوق لصالح قطاع الإنشاءات والمقاولات الذي كان يشكل قرابة 22% من عجلة الاقتصاد الفلسطيني فيما تراجعت هذه النسبة إلى أقل من 10%.

يقول رئيس اتحاد المقاولين في فلسطين علاء الأعرج، إن الطاقة الإنتاجية التي يعمل بها قطاع المقاولات حالياً لا تتجاوز 8% لأسباب أبرزها غياب المواد الخام من السوق، فضلاً عن عدم وجود مشاريع دولية إلى جانب عدم بدء عملية إعادة الاعمار. ويوضح الأعرج لـ "العربي الجديد" أن قطاع المقاولات كان يشغل 22% من الأيدي العاملة في القطاع الخاص.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وفي القطاع 450 شركة تعمل في قطاع المقاولات منها 300 شركة مدرجة ومصنفة داخل إطار اتحاد المقاولين، في الوقت الذي لا تعمل منها إلا نحو 120 شركة فقط فيما توقفت بقية الشركات إما بسبب عدم وجود سيولة مالية أو تراكم الحقوق المالية خصوصاً الإرجاعات الضريبية على السلطة الفلسطينية والتي وصلت إلى 80 مليون دولار متراكمة منذ عام 2007.

وأدت آلية الأمم المتحدة التي أقرت لإعادة الإعمار عام 2014 إلى جانب الإغلاق المتكرر للمعابر ومنع إدخال مواد البناء وتأخر صرف حقوق شركات المقاولات إلى تكبدها خسائر مالية بقرابة 35 مليون دولار حتى نهاية عام 2019، فضلاً عن تكبد 25 مليون دولار أخرى بسبب تذبذب أسعار العملات كالدولار واليورو مقابل الشيكل.

ويقول أمين سر اتحاد الصناعات الإنشائية في غزة محمد العصار، إن 40 مصنعاً في مجال الباطون و200 معمل لحجارة "البلوك" و7 مصانع "زفت" الأسفلت، توقفت عن العمل كلياً وسرحت العاملين فيها وتعطلت المشاريع التي تنفذها بسبب منع إدخال المواد الخام.

ويوضح العصار لـ"العربي الجديد" أن الزيادة في الأسعار الحالية تعود لعوامل منها شح البضائع من السوق وبحث المواطنين عنها في السوق السوداء وهو ما رفع الأسعار إلى ما بين 300 و400 دولار لطن الحديد، بالإضافة إلى 10 دولارات لطن الحصى.

وبحسب أمين سر اتحاد الصناعات الإنشائية فإن القطاع يحتاج، ضمن إطار طاقة إنتاجية لا تتعدى 15%، إلى 1600 طن شهرياً من الأسمنت، وقرابة 60 ألف طن من مادة "الحصمة" ونحو 2000 طن من الحديد الصلب، في الوقت الذي سيحتاج القطاع أضعاف هذه الكميات حال بدأت عملية إعادة الإعمار.

ويشغل قطاع المقاولات والإنشاءات في غزة خلال السنوات الأخيرة 20 ألف عامل بشكل مباشر، عدا عن تشغيل عشرات الآلاف من المهنيين والحرفيين ضمن القطاعات المترتبة عليه كالنجارة والحدادة والكهرباء والسباكة، وهو ما يجعل هذا القطاع محركاً رئيسياً للاقتصاد المحلي.

ويؤكد وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان في غزة ناجي سرحان، أن السوق يعاني من شح كبير في مواد البناء الخام على صعيد الحديد وحصى البناء ومواد تعبيد الطرقات، جراء المنع الإسرائيلي لها فيما لا تدخل هذه المواد عبر الجانب المصري.

ويوضح سرحان لـ "العربي الجديد" أنه حتى وإن توفرت هذه المواد من الجانب المصري فإن المؤسسات الدولية تشترط في مشاريعها أن يتم إدخال المواد من معبر كرم أبو سالم وهو الأمر الذي أدى لتعطل جميع المشاريع الدولية في القطاع جراء المنع الإسرائيلي.

وبحسب المسؤول الحكومي فإن وزارته أصدرت مؤخراً قراراً بحظر استخدام الحديد المستخرج من ركام المنازل والأبراج المدمرة في العدوان الأخير، إذ اتجه بعض المواطنين لاستخدامه في الفترة الأخيرة جراء عدم توفر الحديد الصلب في الأسواق.

ويشير سرحان إلى أن مادة الإسمنت تسمح لها مصر بالمرور عبر بوابة صلاح الدين التجارية إلى القطاع، وهو ما أدى لتراكم هذه الكميات في المخازن وسط خشية من تلفها تماماً جراء استمرار منع إدخال المواد الخام الأخرى اللازمة لعملية البناء.

المساهمون