استياء مصري من الانفتاح التركي على معسكر شرق ليبيا

استياء مصري من الانفتاح التركي على معسكر شرق ليبيا

01 فبراير 2022
خلال تدريبات تركية ليبية في طرابلس، نوفمبر 2020 (الأناضول)
+ الخط -

قالت مصادر مصرية مطلعة، إن أجواء التوتر بين مصر وتركيا عادت على مستوى قنوات الاتصال غير المعلنة، نتيجة ما أسمته "توجهات أنقرة وانفتاحها على معسكر شرق ليبيا"، الذي ظلّت القاهرة تتمتع فيه بنفوذ واسع طيلة السنوات الأخيرة من الصراع الليبي.

وقالت المصادر، في أحاديث خاصة مع "العربي الجديد"، إن "هناك غضباً ينتاب القاهرة بسبب إصرار تركيا على التمدد سياسياً واقتصادياً في شرق ليبيا، التي تعد منطقة نفوذ مصري، خاصة في ظل تجاوب كبير من جانب مكونات شرق ليبيا مع أنقرة".

تنسيق أميركي تركي في ليبيا

وكشفت المصادر أن القاهرة "تلقت أخيراً رسائل سلبية من الإدارة الأميركية بشأن الملف الليبي، متعلقة بربط تركيا إخراج المقاتلين السوريين التابعين لها في ليبيا، بإخراج روسيا قواتها ومرتزقة فاغنر المتمركزة في الشرق".

وأوضحت المصادر أن "ما أزعج القاهرة هو ما استشعرته من تنسيق أميركي تركي بشأن هذا الملف، ودعم واشنطن لتواجد القوات التركية والعناصر التابعة لها في ليبيا، بالوكالة عن الولايات المتحدة، لعدم ترك الساحة هناك لموسكو التي تضع الملف الليبي في إطار ملفات المناورة مع الإدارة الأميركية".

تلقت القاهرة أخيراً رسائل سلبية من الإدارة الأميركية بشأن الملف الليبي

وقالت المصادر إن "ما نقلته الإدارة الأميركية أخيراً لمصر، هو أن أنقرة مستعدة لسحب المقاتلين التابعين لها، بالتزامن مع خروج المقاتلين التابعين لروسيا، وهو ما يعني استمرار الملف الليبي عقبة أمام اتخاذ خطوات جديدة بشأن تطوير العلاقات المصرية التركية".

ولفتت المصادر إلى أن "الخطاب تغيّر تماماً أخيراً، فبعدما كانت الرسائل التركية والأميركية، في وقت سابق، تحمل خطاباً توافقياً بشأن توفر الاستعداد لإخراج المرتزقة في أسرع وقت، عادت الأمور للتعقيد".

وتابعت أن "الأسوأ هذه المرة، أن ذلك يتم بمباركة واشنطن التي توفر لها أنقرة فرصة جيّدة، بالإنابة عنها، في ملف المقاتلين الأجانب، الذي يزعج الإدارة الأميركية، من منطلق كونها لا ترغب في ترك الساحة لروسيا، في وقت أيضاً تواجه فيه واشنطن أزمات عدة، على صعيد مناطق أخرى في الشرق الأوسط".

وشددت المصادر على أن "الاحتياج الأميركي لأنقرة حالياً، خفّض حجم تأثير ضغوط القاهرة بورقة شرق المتوسط وترسيم الحدود البحرية مع تركيا".

كما كشفت المصادر أن "المسؤولين في اللجنة المصرية المعنية بالملف الليبي، والتي يشرف عليها رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء عباس كامل، وجّهوا دعوات لجميع الأطراف الليبية الفاعلة والمؤثرة في المنطقة الشرقية، لزيارة القاهرة والاجتماع بهم، في محاولة لتأكيد نفوذ مصر في الشرق الليبي، وكذلك تعطيل التمدد التركي في تلك المنطقة".

توجيه دعوات لجميع الأطراف الليبية المؤثرة في المنطقة الشرقية لزيارة القاهرة

تحركات السفير التركي في شرق ليبيا

ويأتي ذلك فيما زار السفير التركي لدى ليبيا، كنعان يلماز، المنطقة الشرقية، مرتين في أقل من عشرة أيام. وقد قال خلال زيارته مدينة بنغازي برفقة رجال أعمال أتراك، السبت الماضي، إنه أكد للجانب الليبي رغبة بلاده في إعادة فتح القنصلية العامة التركية في بنغازي، مبيناً أنه لاقى ترحيباً كبيراً في هذه المدينة.

ولفت إلى أن فريقاً فنياً للخطوط التركية سيزور مطار بنينا في بنغازي، معبراً عن رغبة أنقرة في عودة الرحلات الجوية مع هذا المطار فور استكمال الترتيبات الفنية.

وأشار إلى أن رجال الأعمال من الجانبين الليبي والتركي، بحثوا في بنغازي استئناف المشاريع السابقة، وتنفيذ مشاريع جديدة في المرحلة المقبلة في المنطقة الشرقية، ولعب دور في إعادة إعمار ليبيا.

انزعاج مصري من انفتاح تركيا على شرق ليبيا

وتعد حالة الانفتاح التركية على معسكر الشرق، ولا سيما اللقاءات التي عقدها السفير التركي في شرق ليبيا أخيراً، من أكثر ما يزعج مصر.

وبحسب المصادر المصرية، فقد عقد يلماز في زيارته الأخيرة إلى مدينة بنغازي، والتي رافقته فيها كذلك عناصر استخبارية تركية، لقاءات موسعة مع عميد بلدية بنغازي صقر عمران بوجواري، وعدد من أعضاء مجلس النواب عن المنطقة الشرقية، ووكيل وزارة الداخلية للشؤون الفنية، ومجموعة من رجال الأعمال.

وقبلها بعشرة أيام، زار يلماز المنطقة الشرقية، والتقى برئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح في مدينة القبة.

مصادر: تركيا تسعى لمزيد من الهيمنة على ليبيا بمباركة أميركية

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بحسب المصادر، التي أشارت إلى أن "تركيا تسعى لمزيد من الهيمنة على ليبيا بمباركة أميركية، وبدلاً من تخفيض مستوى القلق المصري بشأن الملفات الليبية، تشرع في ترسيخ وجودها واتفاقياتها السابقة الموقعة مع حكومة الوفاق، والتي لا ترحب بها القاهرة".

ولفتت المصادر إلى توسيع تركيا الاتفاقات في مجال التدريب العسكري للقوات الليبية، والتي كان آخرها توقيع اتفاق جديد بين القوات الجوية التركية والليبية في مجال التدريب والتأهيل وتبادل الخبرات، وذلك خلال زيارة رئيس أركان القوات الجوية في القوات التابعة لحكومة الوحدة الوطنية، اللواء محمد السيفاو، إلى أنقرة قبل أيام.

تعطل الكثير من التحركات المصرية

ووفق المصادر، فإنه "في مقابل ذلك، تعطلت الكثير من التحركات المصرية؛ سواء على الصعيد الاقتصادي أو السياسي، بشأن تصحيح مسار العلاقات مع حكومة الوحدة الوطنية، في أعقاب قرار تأجيل الانتخابات، خاصة بعدما أبدت القاهرة موقفاً واضحاً بشأن المرشحين المفضلين لديها، والذين لم يكن رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة أحدهم".

وتابعت المصادر: "مثّل قرار تأجيل الانتخابات وعدم تشكيل حكومة جديدة، أزمة لمصر، التي تسعى جاهدة خلال الفترة الحالية لفرض تواجدها؛ سواء في غرب ليبيا أو شرقها، وهو بالطبع ما يصطدم بالتحركات التركية".

وأكدت المصادر أن مصر "تسعى خلال الفترة القريبة المقبلة لإعادة فتح قنصليتها في بنغازي بشكل رسمي".

تسعى مصر خلال الفترة القريبة المقبلة لإعادة فتح قنصليتها في بنغازي بشكل رسمي

يأتي هذا في الوقت الذي قال فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في تصريحات تلفزيونية له أخيراً، إن الاتفاق الذي أبرمته بلاده مع ليبيا لترسيم الحدود في البحر المتوسط "مهد لاتخاذ خطوات مهمة من قبل رجال الأعمال الأتراك في ليبيا"، مؤكداً أنه "لا يمكن أن ينجح أي مشروع إقليمي يتجاهل تركيا في شرق البحر المتوسط".

وتأتي تصريحات أردوغان مواكبة للموقف الأميركي، الذي جاء داعماً لأنقرة أخيراً، بشأن رفض مشروع خط أنابيب "إيست ميد" تحت البحر المصمم لتزويد أوروبا بالغاز الطبيعي من شرق البحر المتوسط، والموقّع بين كل من اليونان وقبرص وإسرائيل وترفضه تركيا.

ووجهت الولايات المتحدة ضربة قاصمة لخطط اليونان المتعلقة بمشروع "إيست ميد"، وذلك بإعلانها عن جملة من التحفظات عليه، وقرارها برفض دعمه مالياً وسياسياً، في موقف مناقض لذلك الذي تبناه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.

وكشفت الحكومة اليونانية أخيراً أن الولايات المتحدة أبدت تحفظات بشأن خط الأنابيب، إذ أرسلت واشنطن مذكرة رسمية إلى اليونان أبلغتها فيها مخاوفها، في الوقت الذي تمثل فيه المطالب المتضاربة بشأن السيادة على مكامن احتياطيات الغاز في شرق البحر المتوسط، نقطة توتر بين تركيا من جهة، واليونان وقبرص من جهة أخرى.