احتجاجات كردستان العراق تعمّق الانقسامات بين الأحزاب الكردية

إقليم كردستان العراق: الاحتجاجات الشعبية تعمّق الانقسامات بين الأحزاب الكردية

12 ديسمبر 2020
اتساع رقعة الاحتجاجات الشعبية في محافظة السليمانية (شوان محمد/فرانس برس)
+ الخط -

يدفع اتساع رقعة الاحتجاجات الشعبية في محافظة السليمانية بإقليم كردستان، المطالبة بالإصلاحات وتوفير الوظائف، ومحاربة استشراء الفساد، باتجاه تصعيد سياسي بين الأحزاب والقوى الكردية، التي تبنّى بعضها دعم الاحتجاجات ولو إعلاميا، الأمر الذي بدأت تداعياته تعمّق الانقسام بين الأحزاب الكردية بشكل خطير.

وتتهم حكومة كردستان، التي يرأسها الحزب الديمقراطي الكردستاني (حزب البارزاني)، أطرافا سياسية، بتحريك الشارع، واستغلال مطالب المواطنين المشروعة في محافظة السليمانية لأهداف سياسية تصفها بـ"المشبوهة"، مؤكدة زج أشخاص من خارج كردستان ضمن المتظاهرين.

وأقدم الأمن الكردي "الأسايش"، خلال تظاهرات أمس، على اعتقال 3 نواب كرد سابقين من كتلة التغيير المعارضة، وهم شيركو حمة أمين، وديمان عز الدين، وعبد الله ملا نوري، خلال محاولتهم دخول السليمانية، متهمة إياهم بالتحريض على التظاهر.

وفي الوقت الذي تكتفي الحكومة الاتحادية في بغداد بمتابعة التطورات في الإقليم من دون تدخّل منها، تتقاذف الأطراف الكردية الاتهامات بشأن التظاهرات. وفيما يتهم حزب البارزاني الأحزاب الأخرى بتحريك الشارع، تقابله تلك الأحزاب باتهامات بالفساد، الذي دفع باتجاه غضب الشارع.

رئيسة كتلة الحزب الديمقراطي في البرلمان العراقي، النائبة فيان صبري، تحدثت عن وجود "أياد تخريبية وراء أحداث الاحتجاجات"، وقالت، في تصريحات صحافية السبت، إن "هناك من يريد أن يستغل التظاهرات لتحقيق مكاسب سياسية معينة، والسعي إلى زعزعة استقرار الإقليم"، معتبرة أن "مشكلة عدم توفير الرواتب مرتبطة ببغداد، إذ أن الحكومة المركزية لم تسلّمنا الأموال، وعلى المتظاهرين أن يطالبوا بحقوقهم من بغداد".

وبشأن الاتهامات لحكومة الإقليم بالفساد، أكدت أن "الفساد موجود في كل العراق، وأن إقليم كردستان أفضل بكثير من باقي المدن العراقية، وقد اتخذت حكومة الإقليم إجراءات إصلاحية"، مشددة على أن "حكومة الإقليم تسعى إلى إيجاد حل نهائي لمشكلة الرواتب، من خلال الاتفاق مع بغداد، وحل الأمور الخلافية معها".

الاتحاد الوطني الكردستاني (حزب الطالباني)، وهو شريك في حكومة الإقليم، لم يكن بمنأى عن تقاذف الاتهامات، إذ اتهم حزب البارزاني بالفشل في إدارة الحكومة.

وقالت النائبة عن الاتحاد الوطني، ريزان شيخ دلير، في بيان لها أمس الجمعة، إن "هناك فشلا في إدارة حكومة الإقليم، وإن من حق الشعب الكردي أن يتظاهر". واتهمت حكومة الإقليم بـ"ممارسة القمع ضد المتظاهرين"، معتبرة أن "عدم خروج التظاهرات في أربيل ودهوك يثبت وجود القمع".

النائب عن كتلة التغيير الكردية المعارضة، هوشيار عبد الله، اتهم زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود البارزاني، بـ"الازدواجية" في التعاطي مع التظاهرات، وقال، في تغريدة له، إن "البارزاني خلال ثورة تشرين (التي شهدتها بغداد والمحافظات الجنوبية) کان یندد بالعنف ضد المتظاهرین، وهذا موقف جيد يُحسب لە، ولکن منذ أکثر من أسبوع هناك قوات تأتمر بأوامر حكومة ابنه (مسرور البارزاني) تستخدم شتى أساليب العنف ضد المتظاهرين في السلیمانیة وقبلها في دهوك، من دون أن ينطق بکلمة.. هذه هي سیاسة الکیل بمکیالین وازدواجیة المعاییر".

وأدان "حملة الاعتقالات التي طاولت المتظاهرين والصحفيين، أمس الجمعة، في السليمانية وبلداتها"، داعيا سلطة الإقليم إلى "وقف استخدام القمع والعنف ضد المدنيين. وعلى المنظمات المعنية بحقوق الإنسان في العراق والعالم أن تدافع عن الشعب المطالب بحقوقه".

ويؤكد مسؤولون كرد أن الاحتجاجات الشعبية انعكست على الواقع السياسي للإقليم، وأفرزت خلافات بين الأحزاب، لا سيما الحزبين الرئيسيين "حزب الطالباني وحزب البارزاني".

وقال مسؤول كردي لـ"العربي الجديد"، إن "حزب الطالباني يحاول أن يتنصّل عن المسؤولية، رغم شراكته في حكومة الإقليم، ويريد أن يحمّل الحكومة وحزب البارزاني مسؤولية عدم صرف الرواتب".

وأكد أن "ذلك انعكس على مستوى العلاقة بين الحزبين، لا سيما أن الاتحاد الوطني يريد أن يكون شريكا في الحكومة من جانب، ويطعن فيها من جانب آخر"، مشيرا إلى أن "الحزب الديمقراطي بصدد عقد اجتماع مع الاتحاد الوطني لبحث تداعيات التظاهرات، وإجبار الاتحاد على الخروج بموقف موحد مع موقف الحكومة بشأن التظاهرات".

 وما زالت الاحتجاجات في السليمانية مستمرة، رغم مواصلة الأمن الكردي (الأسايش) حملات الاعتقال والقمع المفرط في مناطق عدة، خاصة في حلبجة وجمجمال وبنجوين ورانيا، أبرز مدن السليمانية