تظاهرات كردستان العراق: تعزيزات أمنية ودعوات برلمانية لبحث العنف

تظاهرات كردستان العراق: تعزيزات أمنية للسليمانية ودعوات برلمانية لبحث العنف ضد المحتجين

09 ديسمبر 2020
استخدم الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين(فريق فرج محمود/الأناضول)
+ الخط -

انتشرت، اليوم الأربعاء، وحدات إضافية من الشرطة وقوات الأمن الداخلي الكردية في مدينة السليمانية، شمالي العراق، ضمن إقليم كردستان وبلدات مجاورة، أبرزها رانيا وسيد صادق، وجمجمال، وبنجوين، في وقت لا تزال تسجل عمليات اعتقال ناشطين أكراد من قبل الأمن، بحسب مصادر محلية.
وشهدت محافظة السليمانية، ثاني أكبر مدن الإقليم، الذي يتمتع بحكم شبه مستقل عن بغداد، منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003، تظاهرات واسعة تطالب بتوفير المرتبات المتأخرة، لكنها سرعان ما تحولت لتظاهرات ضد ما يطلق عليه المتظاهرون "حكم العوائل"، في إشارة إلى الحزبين الرئيسين في الإقليم (الحزب الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني).
وواجهت السلطات الأمنية في الإقليم موجة الاحتجاجات "بقمع مفرط"، بحسب ما وصفه مراقبون، أسفر عن مقتل سبعة متظاهرين، بينهم طفل (13 عاماً)، وجرح عشرات آخرين، غالبيتهم بفعل الاختناق من قنابل الغاز التي استخدمتها لتفريق المتظاهرين.

 وأحرق المحتجون مباني حكومية وأخرى تابعة لأحزاب السلطة الرئيسة في الإقليم، خاصة في سيد صادق، القريبة من الحدود مع إيران، وكذلك بلدات جمجمال وبنجوين وحلبجة ورانيا.

وأكدت مصادر محلية في السليمانية، اليوم الأربعاء، وصول قوات إضافية إلى المدينة وبلدات مجاورة، ونفذت عمليات انتشار، وشوهدت سيارات حوضية مخصصة لتفريق المتظاهرين بالمياه، فضلاً عن وحدات مكافحة الشغب الموجودة في المناطق ذاتها، وأخرى قرب الأحياء التي تقع فيها منازل ضحايا الاحتجاجات باليومين الماضيين.
وبحسب مسؤول في ديوان المحافظة، فإن هناك "مساعي للقاء ممثلين عن المتظاهرين، وتمت اليوم دعوة رجال دين وزعماء ووجهاء محليين للمشاركة في تهدئة الأمور وإعادة الاستقرار".
ولفت في حديث عبر الهاتف لـ"العربي الجديد"، إلى أن "زخم التظاهرات يزداد مساء، وهذا سبب فرض حظر التجول الجزئي مساء كل يوم ولغاية صباح اليوم الثاني، وبشكل مؤقت لحين انتهاء موجة الاحتجاجات".

وأعرب عن "أمله ألا يسقط مزيد من الضحايا، فهناك جهات تحاول تأجيج الأوضاع في المدينة"، كاشفاً عن لقاءات سياسية وأخرى لمسؤولين من أربيل مع مسؤولي محافظة السليمانية لمعالجة الأزمة.
وأمس، الثلاثاء، أعلنت السلطات الأمنية في إقليم كردستان العراق، فرض حظر التجول في أقضية ونواحي السليمانية وحلبجة إضافة إلى كرميان ورابرين، بشكل جزئي خلال فترة الليل.
توازياً، نظم عدد من أعضاء برلمان إقليم كردستان، اليوم الأربعاء، اعتصاماً داخل البرلمان في أربيل، مطالبين رئاسة البرلمان بعقد اجتماع طارئ بحضور حكومة الإقليم، لبحث استخدام العنف ضد المتظاهرين.
وقال البرلمانيون المعتصمون، في مؤتمر صحافي عقدوه في مبنى البرلمان بمحافظة أربيل: "ندعو رئاسة برلمان إقليم كردستان إلى عقد اجتماع طارئ بحضور حكومة الإقليم، لتسليمها مذكرة تتضمن عدة مطالب، منها إلزام قوات الأمن بعدم استخدام العنف ضد المتظاهرين".
وأضافوا "كما نطالب حكومة الإقليم بوضع برنامج إصلاحي لملف النفط ووارداته، والتوصل إلى اتفاق مع بغداد لحل الخلافات".
ودعا البرلمانيون "المتظاهرين إلى الابتعاد عن العنف واتخاذ الأسلوب السلمي وعدم الاعتداء على الأملاك العامة والدوائر الحكومية"، قائلين "نعاهد المتظاهرين بأننا سندعمهم من خلال الاعتصام داخل مبنى البرلمان لحين الاستجابة لمطالبهم".
وفي أول رد فعل رسمي على التظاهرات التي تشهدها مدن السليمانية، طالب رئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور بارزاني، المواطنين بما وصفه بـ"عدم الوقوع تحت تأثيرات المساعي والرسائل التخريبية".

وأضاف البارزاني، في بيان صادر عن مكتبه، مساء الثلاثاء، أن حكومة إقليم كردستان "تتفهم الوضع المعيشي الصعب للمواطنين، وتشكر صمودهم إزاء الأزمة الحالية، والتظاهرات السلميّة والحضاريّة حق مشروع، ولكن محاولات التخريب تختلف عن المطالب المشروعة".
وبين أن حكومته "تحاول جاهدة عبور الأزمة المالية الحالية ومستمرة بالحوار مع الحكومة الاتحادية (حكومة بغداد)، لتأمين الحقوق والمستحقات المالية لإقليم كردستان".
وطالب قوات الأمن بـ"حماية أرواح جميع المواطنين والمتظاهرين، ومنع الاضطرابات وتخريب الأماكن العامة والخاصة والمقرات"، في إشارة لمقرات الأحزاب التي أحرق المتظاهرون عدداً منها. كما دعا المواطنين إلى أن "لا يقعوا تحت تأثيرات المساعي والرسائل التخريبية التي تهدف لتعقيد وتخريب الاستقرار في إقليم كردستان"، متجنباً الحديث عن سقوط الضحايا المدنيين بنيران قوات الأمن خلال الأيام القليلة الماضية.
وتعليقاً على ذلك، قالت عضو البرلمان السابق والقيادية في حركة "جيل" المعارضة الكردية سروه عبد الواحد، في تغريدة على حسابها في موقع "تويتر"، إن "مسرور بارزاني يقول التظاهرات تستهدف الكيان الكردي والإقليم. قيادي في الاتحاد الوطني يقول التظاهرات مدعومة من إيران. للعلم أن الحزبين لديهما علاقات استراتيجية مع إيران ولا يوجد حزب في الإقليم غيرهما لديه هذه العلاقات، اتقوا الله في شعبكم".