اتصال هاتفي بين العاهل المغربي والرئيس الموريتاني بعد أزمة الكركرات

اتصال هاتفي بين العاهل المغربي والرئيس الموريتاني بعد أزمة الكركرات: انفراج في علاقات الرباط ونواكشوط؟

21 نوفمبر 2020
العاهل المغربي عبّر عن استعداده لزيارة موريتانيا (كارلوس ألفاريز/Getty)
+ الخط -

في حمأة التوتر المستمر في الصحراء منذ إغلاق معبر الكركرات الحدودي بين المغرب وموريتانيا من قبل موالين لجبهة "البوليساريو" الانفصالية، وما تلاه من تدخل للقوات المسلحة الملكية لتأمين المعبر، تفتح مكالمة هاتفية جرت، مساء الجمعة، بين العاهل المغربي الملك محمد السادس، والرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، الباب أمام انفراج في العلاقات بين البلدين، بعد فترات من التوتر الصامت.

وفي ظلّ الأزمة التي تعيشها العلاقات بين الرباط ونواكشوط منذ وصول الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني إلى الرئاسة في موريتانيا، برز، مساء الجمعة، إعراب العاهل المغربي، خلال الاتصال الهاتفي، عن استعداده للقيام بزيارة رسمية للجمهورية الموريتانية، موجها في الوقت نفسه الدعوة إلى ولد الشيخ الغزواني لزيارة المغرب.

وفي حال تمت الزيارة، فستكون فاتحة عهد جديد في العلاقات بين البلدين الجارين، إذ ستكون الزيارة الأولى الرسمية التي يؤديها الملك محمد السادس لموريتانيا، إذا ما استثنينا الزيارة الخاطفة التي قام بها لنواكشوط قبل 17 سنة.

أعرب العاهل المغربي، خلال الاتصال الهاتفي، عن استعداده للقيام بزيارة رسمية للجمهورية الموريتانية، موجها في الوقت نفسه الدعوة لولد الشيخ الغزواني لزيارة المغرب

وبدا لافتا، خلال الاتصال الهاتفي، تعبير قائدي البلدين عن "ارتياحهما الكبير للتطور المتسارع الذي تعرفه مسيرة التعاون الثنائي، وعن رغبتهما الكبيرة في تعزيزها والرقي بها، بما يسمح بتعميق هذا التعاون بين البلدين الجارين، وتوسيع آفاقه وتنويع مجالاته"، بحسب بيان للديوان الملكي.

وفيما كان الاتصال الهاتفي مناسبة تطرّق فيها العاهل المغربي والرئيس المويتاني إلى آخر التطورات الإقليمية، يشكل إعلان الملك محمد السادس استعداده لزيارة نواكشوط، برأي مراقبين مغاربة، انعطافة جديدة في العلاقات، ومدخلا لتقارب بين الرباط ونواكشوط سيكون له أثر إيجابي على النزاع في الصحراء، وكذا على انعكاسات التوتر الصامت بين البلدين، رغم تأكيد الجانب المغربي، منذ وصول ولد الشيخ الغزواني إلى الرئاسة، على "أن لا تكون العلاقة مع موريتانيا علاقة عادية، وإنما علاقة استثنائية، بحكم ما يميزها من تاريخ ووشائج إنسانية وجوار جغرافيا".

وفي الوقت الذي يبدو فيه أن المغرب يجني ثمار إدارته الدبلوماسية والعسكرية لأزمة الكركرات بكسب المزيد من الدعم ومحاصرة خصومه في المنطقة، تتجه الأنظار إلى ما تعيشه موريتانيا من جدل ونقاش حول علاقاتها بـ"البوليساريو" جراء ما لحق مصالحها من أضرار، وما ترتب من انعكاسات على أسواق الاستهلاك الموريتانية المعتمدة على معبر الكركرات، الذي يعتبر حيويا، سواء للتصدير أو الاستيراد، ليس فقط مع المغرب، وإنما مع أوروبا من جهة، وباقي بلدان غرب أفريقيا من جهة أخرى.

وفي انتظار حسم الجدل القائم حول حدود علاقة نواكشوط بجبهة "البوليساريو"، يراهن المغرب على خروج نواكشوط من حيادها السلبي وتعديلها للكفة المائلة نحو الجبهة والجزائر، وإدارة الدفة قليلا نحو الرباط، التي ترغب في "علاقات استثنائية" مع الجارة الجنوبية على أسس واقعية وعملية، يكون الجانب الاقتصادي القاطرة المحركة لها.

وبحسب مدير مركز الصحراء وأفريقيا للدراسات الاستراتيجية، عبد الفتاح الفاتحي، فإن "المملكة لم تيأس من خلق علاقات استراتيجية قوية بين البلدين، بالنظر إلى عمق العلاقات الجغرافية والتاريخية والثقافية والاجتماعية"، مؤكداً، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "المملكة ستواصل مدّ يدها بقوة إلى جارتها، لإعادة رسم علاقات أخوية تستوعب المتغيرات الحالية على المستوى الدولي والإقليمي، وتؤسس لمشروع تعاوني وشراكة بين البلدين بعيداً عن التجاذب والاستقطاب السياسي اللذين ترهن بهما الجزائر المنطقة في لعبة الصراع الإقليمي عبر ورقة النزاع المفتعل حول الصحراء"، على حدّ قوله.

وشهدت العلاقات بين الجارين، طيلة العقد الماضي، وحتى مع وصول الرئيس الموريتاني الجديد للسلطة، حالة من الفتور والتوتر جراء ارتباطات البوليساريو بالنظام والقوى السياسية في هذا البلد.

وفي الوقت الذي كان فيه عددٌ من المراقبين يراهنون على أن يحمل وصول ولد الشيخ الغزواني فرصة لإعادة إطلاق علاقات مغربية - موريتانية أكثر متانة، لا سيما بعد القطيعة التي طبعت العلاقات السياسية بين البلدين في ظلّ فترة حكم محمد ولد عبد العزيز، فإن العكس هو ما حصل.