إيران ترسّخ نفوذها في سورية... احتواء التقارب العربي مع الأسد؟

إيران ترسّخ نفوذها في سورية... احتواء التقارب العربي مع الأسد؟

28 ابريل 2023
فتى يرفع العلم الإيراني في دير الزور،2017 (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

اختتمت اللجنة الاقتصادية المشتركة بين إيران والنظام السوري اجتماعات في العاصمة السورية دمشق، في خطوة تتزامن مع انفتاح عربي على هذا النظام، من أهدافه إبعاد سورية عن دائرة النفوذ والتأثير الإيراني المتعاظم.

ونقلت صحيفة "الوطن" السورية شبه الرسمية، عن وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية في حكومة النظام محمد سامر خليل، قوله إن الاجتماعات، التي انتهت أول من أمس الأربعاء، تناولت "وثائق ستُوقّع خلال الفترة المقبلة، أولاها وثائق متفق عليها وجرت مطابقتها من قبل الطرفين وهي جاهزة للتوقيع، خصوصاً في مجال المناطق الحرة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة والمعارض".

وبيّن خليل أن "المجموعة الثانية هي اتفاقيات بحاجة إلى التفاوض، وخصوصاً في مجال السياحة والكهرباء والسكك الحديدية". وأضاف: "أما المجموعة الثالثة، فهي اتفاقيات تدرس حالياً في مجال الإعلام والمتاحف والآثار والبحث العلمي"، مشيراً إلى وجود "مجموعة من التفاهمات في مجالات للتعاون خارج إطار الاتفاقيات، كالتعاون لتنمية التبادل التجاري، وفي المجال المصرفي والنقل".

من جهته، بيّن وزير الطرق وبناء المدن الإيراني مهرداد بذرباش، الذي رأس وفد بلاده في الاجتماعات، أن محضر الاجتماع الذي تمّ توقيعه "تطرق إلى تعزيز القدرات في القطاعين البحري والسككي"، كاشفاً عن اتفاق لـ"تأسيس شركة تأمين مشتركة ومصرف مشترك، كي يجرى تحويل الأموال بشكل مباشر وانسيابي بين البلدين". ونقلت وسائل إعلام النظام عن رئيس النظام بشار الأسد قوله، خلال استقباله بذرباش والوفد المرافق (الأربعاء)، إن "ترجمة العمق في العلاقة السياسية بين سورية وإيران إلى حالة مماثلة في العلاقة الاقتصادية هي مسألة ضرورية".

كشفت إيران عن اتفاق لتأسيس شركة تأمين ومصرف مشترك مع سورية، لتحويل الأموال "بشكل مباشر وانسيابي"

وجاءت هذه الاجتماعات قبيل زيارة مرتقبة للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى العاصمة السورية دمشق خلال شهر مايو/أيار المقبل، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ اندلاع الثورة السورية في عام 2011.

حراك اقتصادي إيراني تجاه سورية

ويتزامن التحرك الإيراني الاقتصادي الجديد في اتجاه النظام السوري مع تقارب وانفتاح عربي على الأسد، يبدو أن أحد أهم أهدافه إبعاد سورية عن دائرة النفوذ الإيراني. بيد أن الحقائق التي خلقتها إيران في سورية، خصوصاً في المجالين العسكري والثقافي، تؤكد أن الهدف العربي بعيد المنال. وكبّلت طهران النظام السوري بالعديد من الاتفاقيات الاقتصادية، فضلاً عن اعتماده على المليشيات الإيرانية في الكثير من الجبهات "الساخنة" مع فصائل المعارضة السورية.

وأشار الباحث السياسي أحمد القربي، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "الجانب الإيراني غير راض عن تطور العلاقات الاقتصادية مع نظام الأسد"، مضيفاً أن "المسؤولين الإيرانيين عبّروا أكثر من مرة عن عدم الرضا هذا".

وفصّل القربي بقوله إنه "منذ عام 2016، جرى الحديث عن دخول الجانب الإيراني إلى قطاع الاتصالات في سورية من خلال مشغل ثالث للهواتف المحمولة والأمر لم يتحقق"، مشيراً إلى أن "الجانب الروسي استولى على الفوسفات السوري، والقطاع الوحيد الذي نالت فيه إيران استثمارات هو محطات الكهرباء".

وبرأي الباحث، فإن إيران "لم تستطع ترجمة مكاسبها العسكرية والثقافية في سورية إلى أرباح اقتصادية واضحة"، مضيفاً أن "اجتماعات اللجنة الاقتصادية تأتي كمحاولة متكررة لتحقيق تقدم في الملف الاقتصادي". كما أعرب القربي عن اعتقاده بأن اجتماعات الأربعاء في دمشق "ربما هي رسالة إيرانية إلى الجانب العربي، مفادها أن النظام السوري بات غير قادر على فكّ ارتباطه مع طهران".

يواجه مشروع الربط السككي بين البلدين تحديات أمنية

وتُعَد طهران الداعم الرئيسي لنظام الأسد في الصراع الدائر في البلاد، إذ قدمت له عوناً اقتصادياً وعسكرياً وأمنياً مكّنه من البقاء. وتنتشر اليوم عشرات المليشيات الإيرانية في عموم المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام السوري، وخصوصاً في العاصمة دمشق وفي حلب ودير الزور.

عوائق أمام مشروع الربط البرّي

ويبدو أن المشروع الإيراني في المنطقة يضع على رأس أولوياته ربط سورية بالجغرافيّة الإيرانية برّياً، من خلال الممر الذي يبدأ من طهران شرقاً ويمر بالعراق وسورية ويصل إلى لبنان غرباً، والذي دخل عملياً حيّز التنفيذ.

ويمدّ الحرس الثوري الإيراني المليشيات التابعة له في سورية بالسلاح والذخيرة والعناصر عبر قوافل تدخل من معابر يسيطر عليها على الحدود السورية - العراقية، أبرزها معبر البوكمال. كما تعمل إيران منذ سنوات على مشروع ربط سككي بينها وبين العراق وسورية لنقل البضائع والمسافرين في سياق ترسيخ الوجود الإيراني في البلدين.

وتعليقاً على نيّة الجانب الإيراني المضي في هذا المشروع، رأى رئيس تحرير شبكة "الشرق نيوز" فراس علاوي، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "من الناحية النظرية تنفيذه ممكن"، مضيفاً أنه "قبل الثورة (2011)، كانت هناك شركات إيرانية تعمل على هذا المشروع".

لكنه لفت إلى أنه "من الناحية الأمنية، تعتبر منطقة غرب العراق وشرق سورية منطقة معادية لإيران، وقد تتعرض السكة الحديدية للتخريب أو للاستهداف من قبل بقايا التنظيم أو حتى من قبل الأهالي". وأشار إلى "أن جزءاً من الخط السككي يمر بمناطق قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وهذا يجب استبداله"، متحدثاً أيضاً عن "وجوب عدم إغفال الموقف الإسرائيلي الذي ربما لا يقبل بمشروع كهذا، وبالتالي سيعرقله من خلال استهداف الخط أو القوافل التي تسير عليه".