أي حدود للتصعيد الروسي في أوكرانيا؟

أي حدود للتصعيد الروسي في أوكرانيا؟

13 أكتوبر 2022
يتوقع مراقبون أن ترد كييف على تدمير بنيتها التحتية بقصف يطاول العمق الروسي (الأناضول)
+ الخط -

واصلت روسيا في الأيام الأخيرة القصف الصاروخي على مواقع البنية التحتية الأوكرانية، بما فيها محطات كهروحرارية ومحطات فرعية لتوليد الكهرباء، عقب تفجير جسر القرم يوم السبت الماضي، بما بات ينذر بأزمة طاقة داخلية في أوكرانيا، وسط توقعات برد كييف على ذلك وإمكان قيامها بهجمات قد تطاول العمق الروسي، وهو ما قد يعني الانتقال إلى حرب شاملة.

ويلخص المحلل السياسي الأوكراني مدير مركز "بينتا" للدراسات السياسية، فلاديمير فيسينكو، الوضع الراهن بعبارة "العين بالعين، والسن بالسن"، متوقعا أن تدبر كييف هجمات جديدة قد تطاول العمق الروسي في حال استمر القصف الروسي.

ويقول فيسينكو، في حديث مع "العربي الجديد": "إذا استمرت الضربات على عناصر البنية التحتية الأوكرانية، ستصبح الحرب شاملة، وما تعرض له جسر القرم سيحدث لعناصر البنية التحتية في الداخل الروسي في ما يطلق عليه (العين بالعين والسن بالسن)".

ويضيف: "يسعى الروس لإرغام أوكرانيا على السلام بشروطهم، ولكن ذلك يزيد من تشدد مواقف الأوكرانيين حيال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بشخصه، وروسيا بصفتها بلدا معتديا، وجميع أنصار هذه الحرب".

جبهة جديدة من بيلاروسيا؟

وتتخوف أوكرانيا من إقدام روسيا على فتح جبهة جديدة من الأراضي البيلاروسية، لا سيما بعد إعلان الرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو، مطلع الأسبوع الحالي، عن عزم بلاده على استقبال قسم من العسكريين الروس على أراضيها بذريعة تزايد حدّة الوضع على الحدود الغربية لدولة الاتحاد، وهي تسمية لمشروع تكامل بين موسكو ومينسك.

ومع ذلك، يقلل فيسينكو من واقعية مشاركة بيلاروسيا بشكل مباشر في الحرب على أوكرانيا، مضيفا: "يحتاج بوتين إلى فتح جبهة ثانية ضد أوكرانيا، فيسعى لإرغام لوكاشينكو على ذلك، ولكن هذا الأخير يحاول التنصل من المشاركة المباشرة في الحرب. أصبحت بيلاروسيا منذ فترة طويلة ساحة تشنّ منها الحرب على أوكرانيا، وقد نفذ منها عدد من الهجمات الصاروخية، وأخرى بواسطة مسيرات".

ويتابع: "لكن أعتقد أن لوكاشينكو غير مهيأ لهجوم مباشر ويخشاه، كما أن الجيش البيلاروسي ليس بهذه القوة، بينما أصبح الجيش الأوكراني يملك خبرة قتالية كبيرة، وقد نشرت أوكرانيا مجموعة هامة من القوات على الحدود مع بيلاروسيا. ورغم ذلك، هناك خطر أن ترسل روسيا وحدات قادرة على القتال أو من يجري تعبئتهم، وهذا سيؤدي إلى تعاظم خطر مثل هذا الهجوم".

وأوضح: "يمكن الجزم بأن روسيا لا تملك في الوقت الحالي موارد كافية لفتح جبهة جديدة بمفردها، بل تحاول سداد النقص في الأفراد على الجبهة الشرقية".

إرضاء الداخل الروسي

في موسكو، يعتبر الخبير في مركز بحوث قضايا الأمن التابع لأكاديمية العلوم الروسية، قسطنطين بلوخين، أن الهجوم الأوكراني على جسر القرم "لم يترك للكرملين من خيار سوى الرد بحزم لرسم خطوطه الحمر"، متوقعا أن تواصل موسكو العمليات القتالية حتى بسط السيطرة على مزيد من مقاطعات جنوب شرقي أوكرانيا، إلى جانب تلك التي قد ضمتها بموجب الاستفتاءات الأخيرة، أي دونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا وخيرسون.

ويقول بلوخين، في حديث مع "العربي الجديد": "خلال فترة وجيزة، تعرضت البنية التحتية الروسية لهجومين استهدفا خطي أنابيب الغاز (السيل الشمالي) وجسر القرم الذي يعد رمزا مقدسا لاستعادة الوحدة بين روسيا والقرم في عام 2014، وما كان لموسكو أن تترك ذلك يمر مرور الكرام، فأرغمتها أوكرانيا على زيادة هجومية طابع أعمال القتال، لو لم يرد بوتين على ضرب جسر القرم لكان أثار استياء سكان روسيا، والأغلبية الساحقة منهم وطنيون ويدعمونه"، وفق تعبيره.

وحول رؤيته لمستقبل تطورات الوضع على الأرض في أوكرانيا، يضيف: "مع استدعاء روسيا 300 ألف من أفراد الاحتياط، يتحول النزاع إلى حرب شاملة بصرف النظر عن تسمية ما يجري. لا مجال لإنهاء (العملية العسكرية الخاصة) طالما لم تتم السيطرة على مقاطعات أوديسا وميكولايف وخاركيف".

وفي تلك الأثناء، تعالت في روسيا أصوات أنصار الحرب على أوكرانيا المطالبة بعدم التوقف عن عمليات القصف على مواقع البنية التحتية الأوكرانية، وكان من بين هؤلاء وزير الدفاع السابق لـ"جمهورية دونيتسك الشعبية" المعلنة من طرف واحد وغير المعترف بها دوليا، إيغور غيركين، وشهرته "ستريلكوف"، الذي كتب على قناته على "تيليغرام": "الضربات المتعددة على البنية التحتية الحيوية لما يسمى أوكرانيا ستأتي بمفعولها حتما، وستنعكس على حالة الجبهة الأوكرانية والقوات المسلحة الأوكرانية بشكل عام".

ومع ذلك، اعتبر "ستريلكوف" أن "المفعول لن يكون فوريا، ولن يأتي إلا بعد عدة أسابيع (شريطة أن تستمر الضربات وتعطل بشكل منهجي المواقع المتبقية)"، محذرا من أن "العدو سيضطر الآن للاستعجال في إجراء العمليات الهجومية طالما تبقى بنيته التحتية الداخلية عاملة".

وكانت الاستخبارات العسكرية الأوكرانية قد رجحت، يوم الاثنين الماضي، أن الضربات الصاروخية الروسية تم التخطيط لها قبل تفجير جسر القرم، مشيرة إلى أن "قوات الاحتلال الروسي تلقت توجيها من الكرملين في 2 - 3 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، للاستعداد لشنّ ضربات صاروخية مكثفة على البنية التحتية المدنية الأوكرانية".

المساهمون