ألمانيا: هل تتحمل ميركل مسؤولية الاصطفافات داخل "الاتحاد المسيحي"؟ 

الخلاف حول منصب المستشار: هل تتحمل ميركل مسؤولية الاصطفافات داخل "الاتحاد المسيحي"؟ 

18 ابريل 2021
بروز الانقسام داخل حزب المستشارة الألمانية (Getty)
+ الخط -

تتزايد الشكوك داخل حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي بشأن بوادر التوافق حول الشخصية التي ستقود الاتحاد المسيحي كأفضل مرشح لمنصب مستشار ألمانيا، نظراً لغياب النية، حتى الآن، عن تنازل أحد زعيمي حزبي الاتحاد، أرمين لاشيت عن "المسيحي الديمقراطي" وماركوس سودر عن "المسيحي الاجتماعي" في بافاريا.

استمرار تدفق المواقف العلنية والمداولات المفتوحة، وغياب الإجراء المنظم لموعد اتخاذ القرار يثيران تساؤلات عما إذا كانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل سبب المعضلة الحالية التي يعيشها الاتحاد المسيحي، على أبواب انتخابات عامة قد تضعف حزبها، وقد تقصيه عن تركيبة التحالف الحكومي مستقبلاً.

وأمام الخلاف بشأن المرشح المحتمل للمنصب، الذي أضعف التماسك وتشظى منه الاتحاد شعبياً، قال الباحث السياسي هاينريش أوبرويتر، لصحيفة "هاندلبسلات" إن ميركل تتشارك في المسؤولية عن الصراع على السلطة داخل الحزب العريق.

وأوضح أوبرويتر أن المستشارة ميركل هي المسؤولة عن المعضلة التي يواجهها الاتحاد، بعد أن فصلت المستشارية عن زعامة الحزب، لافتاً إلى أن ذلك لم يكن مفيداً لأي شخص سوى المستشارة نفسها.

وفي سياق متصل، أشارت صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ"، إلى أنه مع المقاربات المختلفة حول المرشح الأوفر حظاً للاتحاد لمنافسة حزبي الخضر والاشتراكي والحفاظ على المستشارية وتضاؤل التأييد للاشيت، هناك استياء تجاه ميركل، لأنها أوضحت أنها لن تتدخل في عملية الاختيار والمفاضلة، الأمر الذي قد يترجم بأن سلوكها يزيد من فرص سودر بوجه زعيم حزبها.

هذا الواقع دفع العديد من سياسيي الاتحاد إلى الحث على الإسراع باختيار الشخصية المناسبة، وفق "إيه آر دي" الإخبارية، وقد يكون ذلك يوم الثلاثاء المقبل، لتفادي التمادي في الخلاف داخل الاتحاد العريق مع سعي المرشحين إلى حشد مؤيديهم، لأنه، وإذا لزم الأمر، قد يصار إلى جمع الأصوات وفرض التصويت، الذي قد يعطي الأغلبية لسودر، وهذا ما يرفضه لاشيت، ومعه عدد من المسؤولين داخل حزبه، لأن هناك عدداً من المرشحين لا ينتمون إلى الكتلة حالياً.

وفي هذا الإطار، قال رئيس" البوندستاغ"، وزير المالية السابق المخضرم فولفغانغ شويبله: "أنا مع السيد لاشيت"، محذراً، في حديثه أخيراً، مع شبكة "إس دبليو آر" الإخبارية، من إضعاف المسيحي الديمقراطي. وأوضح أن استطلاعات الرأي لا يمكن أن تكون حاسمة بالنسبة إلى القرار.

ويعتقد شويبله أن من الخطأ اتخاذ قرار بشأن المرشح داخل الكتلة البرلمانية، لأن الأمر يتعين على النواب المنتخبين حديثاً أن يقرروا ما إذا كان هناك تغيير في المستشارية، ومن غير المنطقي أن يحدد النواب الحاليون مَن سيصبح مستشاراً بعد الانتخابات.

من جهته، قال وزير الصحة ينس شبان، لإذاعة "دويتشلاند فونك": بالنسبة إليّ، فإن لاشيت كزعيم للمسيحي الديمقراطي هو المرشح الطبيعي للاتحاد لمنصب المستشار، انتخبناه في يناير/كانون الثاني الماضي رئيساً لنا، وكل من انتخبه يعلم أنه أيضاً المرشح لمنصب مستشار.

وفي خضم ذلك، يبرز الانقسام داخل حزب المستشارة، بعد أن أعلن، على سبيل المثال، المسؤولون في ولاية برلين دعمهم لسودر بالإجماع، كذلك إن رئيس وزراء ولاية ساكسونيا آنهالت، راينر هازيلوف، نأى بنفسه عن زعيم حزبه لاشيت، مع العلم، أنه برز كلام لهازيلوف مع صحيفة "شبيغل"، يفيد فيه بأن الأمر لا يتعلق بالتعاطف والثقة أو السمات الشخصية، بل من معه أفضل الفرص.

في المقابل، دعم  كل من رئيس وزراء ولاية شليسفيغ هولشتاين، دانيال غونتر، ورئيس وزراء ولاية وهيسن، فولكر بوفييه، زعيمهما لاشيت.

من ناحية أخرى، اعتبرت وزيرة الدولة في الحزب البافاري الشقيق، دوروتي بير، "أنه إذا ما كنت تريد الفوز، لا تدع الأفضل يجلس على مقاعد البدلاء"، في إشارة دعم لزعيم حزبها سودر، محذرة من أنّ من الممكن إقصاء الاتحاد عن الحكم إذا لم يقدم على دعم الأخير.

وأضافت أن "الأمر يتعلق بنقاط أخرى، بينها من يمكنه الحديث إلى إدارة بايدن الجديدة على المستوى الأوروبي أو في جميع أنحاء العالم، وبالطبع الروس والصينيين" مشيرة  إلى أنه "يؤخذ على سودر الواثق من نفسه، أنه يفتقر إلى خبرة في السياسة الخارجية".

ومع بروز كلام عن محادثات جيدة بين الشخصيتين، أشارت "شبيغل" إلى أنه "كلما ابتعدت عن القيادة الحزبية داخل المسيحي الديمقراطي، تضاءل الدعم الذي يحظى به لاشيت"، إلا أن الصحيفة عينها، أبرزت أنه، رغم ذلك لا يبدو أن هيئات المسيحي الديمقراطي مستعدة لتقديم رئيس الحزب الشقيق الأصغر كمرشح لمنصب مستشار، لافتة إلى أنّ من الواضح أنهم يفضلون المخاطرة بتأييد لاشيت، بدلاً من أن ينتهي بهم الأمر للاضطرار إلى الاستماع إلى صافرة سودر على رأس الحكومة الاتحادية في برلين.  

وعن فكرة إعطاء الوعود للحزب الأصغر "الاجتماعي المسيحي" بوزارات مهمة في الحكومة الاتحادية المقبلة، قال أوبرويتر إن "ذلك غير منطقي، لأنه لا يمكنك تسليم الجوائز قبل أن تحملها بين يديك، خاصة مع ائتلاف المغامرة المتوقع". 

 ولفت إلى أنه لا يجب أن ننسى أن على الحزب الأكبر أن يأخذ بالاعتبار أن فرصه وفرص الاتحاد في الوصول إلى المستشارية تعتمد أيضاً على نتائج انتخابات الشقيق الأصغر، الاجتماعي المسيحي في بافاريا. 

المساهمون