أعنف هجمات الفصائل العراقية على القوات الأميركية منذ مقتل سليماني

أعنف هجمات الفصائل العراقية على القوات الأميركية منذ مقتل سليماني

30 يناير 2024
مسيَّرات أميركية في قاعدة عين الأسد بالأنبار غربيّ العراق (أيمن حنة/فرانس برس)
+ الخط -

تواصل الفصائل العراقية المنضوية ضمن ما يُعرف بـ"المقاومة الإسلامية في العراق"، شنّ الهجمات الصاروخية واستهداف القواعد العسكرية المستضيفة للقوات الأجنبية والأميركية، ولا يبدو أنها تتجه نحو التراجع أو عقد هدنة جديدة، رغم أن الحكومة العراقية بدأت أخيراً بالحديث والعمل على إنهاء دور التحالف الدولي.

وفي أحد أعنف الهجمات على القواعد الأميركية في المنطقة، قُتل ثلاثة جنود أميركيين وأصيب العشرات في هجوم بطائرة دون طيار، مساء الأحد الماضي، في قاعدة "البرج 22" شمال شرقيّ الأردن قرب الحدود مع سورية، وهي المرة الأولى التي يُقتل فيها جنود أميركيون منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

وأكد وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، أن الولايات المتحدة لن تتغاضى عن الهجمات على قواتها في الشرق الأوسط وستردّ عليها، فيما تبنّت جماعة "المقاومة الإسلامية" في العراق، مسؤوليتها عن الهجوم وأكدت في بيان أنها "ستواصل شنّ هجماتها على القواعد الأميركية دعماً لقطاع غزة".

الفصائل العراقية تنتقم لمقتل سليماني والمهندس

منذ الغارة الأميركية التي قُتل فيها قائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني، ورئيس أركان هيئة الحشد الشعبي، جمال جعفر (أبو مهدي المهندس)، مطلع يناير/كانون الثاني 2020، نفذت الفصائل العراقية عشرات الهجمات الصاروخية على السفارة الأميركية في بغداد، والقواعد العسكرية في بغداد والأنبار وأربيل، إلا أنها لم تكن مؤثرة باستثناء عدد قليل منها كانت ذات تأثير وسبّبت خسائر بشرية.

وأعنف هجمات الفصائل المسلحة على القوات الأميركية وقعت في مارس/آذار 2020 حين استهدفت قاعدة التاجي العسكرية في بغداد بهجوم صاروخي أدى إلى مقتل جنديين أميركيين وآخر بريطاني، بالإضافة إلى إصابة 11 شخصاً بجروح.

وفي يوليو/تموز 2020، استهدفت الفصائل العراقية قاعدة سبايكر العسكرية في محافظة صلاح الدين بثلاثة صواريخ، ما أدى إلى إصابة أربعة عسكريين أميركيين بارتجاج في الدماغ، وتبنّت "كتائب حزب الله في العراق" العملية، وقالت وقتها إنها "جزء من عمليات الثأر لسليماني والمهندس".

وتوقفت هجمات الفصائل المسلحة على التحالف الدولي والقوات الأميركية، لمدة عام تقريباً، بعد الاتفاق السياسي على اختيار محمد شياع السوداني رئيساً للحكومة العراقية، والدخول في هدنة مفتوحة بين الأميركيين والفصائل المسلحة، لكن الفصائل العراقية استأنفت عملياتها مع بدء عملية "طوفان الأقصى" في غزة، ضد الاحتلال الإسرائيلي، في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

استئناف العمليات

مع استئناف العمليات ضد القواعد الأميركية، أُصيب ثلاثة عسكريين أميركيين بجراح، بينهم إصابة خطيرة، في هجوم بطائرة دون طيار على قاعدة أميركية في مطار أربيل شماليّ العراق، تبنته جماعة "المقاومة الإسلامية في العراق" في 25 ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وفي 20 يناير/كانون الثاني الجاري أعلنت القيادة الأميركية أن عسكريين أميركيين أصيبوا في هجوم على قاعدة "عين الأسد" الجوية غربيّ العراق دون الكشف عن عددهم أو حالتهم، وأصيب كذلك في الهجوم جندي عراقي.

واستهدفت الفصائل المسلحة العراقية بالطيران المسيّر والصواريخ قواعد ومصالح أميركية في سورية كذلك، مثل "القرية الخضراء والشدادي بالحسكة، وقاعدة حقل العمر بدير الزور"، كذلك طاولت أهدافاً في إيلات والبحر المتوسط.

ويقول مسؤول عسكري عراقي في بغداد لـ"العربي الجديد" إن "نحو 35 جندياً وعسكرياً أميركياً سقطوا بين قتيل وجريح جراء الهجمات التي نفذتها الفصائل بالمجمل منذ مطلع عام 2020، وكان معظمها في بغداد وأربيل وصلاح الدين".

وأضاف المسؤول أن "العمليات كانت بالمجمل بواسطة قصف صاروخي وطائرات مسيّرة، لكن الهجوم الأخير على الحدود الأردنية كان الأعنف، ويظهر أن نوعية الطائرة المستخدمة في الهجوم أخطر من سابقاتها".

بدوره، قال المحلل السياسي المقرب من الفصائل العراقية، علي فضل الله، لـ"العربي الجديد" إنّ "محور المقاومة في العراق، تمكن خلال الأشهر الماضية من إلحاق أضرار نفسية وبشرية ومعنوية لدى الاحتلال الأميركي في البلاد"، مشيراً إلى أن "قادة الفصائل وجدوا أن المواجهة هي الحل الوحيد جرّاء الدعم اللامحدود لإسرائيل في حربها على غزة".

وأضاف فضل الله أن "معظم ضربات المقاومة ضدّ الأميركيين تلحق أضراراً بشرية، لكن واشنطن لا تعلن ذلك، ومقتل ثلاثة أميركيين عملية ضمن سلسلة من العمليات الناجحة"، مبيناً أن "المقاومة العراقية تتحدث عن استمرار لعملياتها، ولم تصل لحد الآن إلى قرار بشأن توقف هذه العمليات".

151 هجوماً منذ بدء الحرب على غزة

وقالت وزارة الدفاع الأميركية إن قواتها في العراق وسورية تعرضت منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة لأكثر من 151 هجوماً، في وقتٍ تؤكد فيه الفصائل المسلحة العراقية أن عملياتها جزء من مساندة قطاع غزة بمواجهة الحرب الإسرائيلية التي أودت لغاية الآن بحياة أكثر من 26 ألف فلسطيني.

ويوجد نحو 2500 عسكري أميركي في العراق ضمن التحالف الدولي ضد الإرهاب، الذي تقوده واشنطن منذ سبتمبر/أيلول عام 2014، ويتوزع الجنود على ثلاثة مواقع رئيسية في العراق، هي قاعدة "عين الأسد" في الأنبار وقاعدة "حرير" في أربيل ومعسكر "فيكتوريا" الملاصق لمطار بغداد الدولي، وليست جميع هذه القوات أميركية، إذ توجد أيضاً قوات فرنسية وأسترالية وبريطانية تعمل ضمن قوات التحالف، وأخرى ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في العراق.