انتقدت أحزاب سياسية فاعلة في الجزائر تدخل جهات رسمية لصالح قوائم معينة، وبدأت تطرح شكوكاً حول النوايا الحقيقية للسلطات في إنجاز الانتخابات البرلمانية المبكرة المقررة في 12 يونيو/حزيران المقبل، دون أن تشوبها الممارسات نفسها التي كانت تشهدها الاستحقاقات الانتخابية الماضية، خاصة في ما يتعلق بتدخل المؤسسات الإدارية والأجهزة الأمنية.
وعلى الرغم من الوعود السياسية التي قدمها الرئيس عبد المجيد تبون ورئيس اللجنة المستقلة للانتخابات محمد شرفي بضمان نزاهة وشفافية كامل مراحل الاستحقاق الانتخابي، إلا أن قيادات بعض الأحزاب كشفت عن وجود بعض التعثر في الإيفاء بهذه التعهدات.
واتهم رئيس حركة "مجتمع السلم" عبد الرزاق مقري، صراحة، في مؤتمر صحافي، ما وصفها "بعض القوى الإدارية والأمنية بالتورط في تشكيل قوائم مستقلة وتوفير الدعم لها"، مشيراً إلى أن الغاية من ذلك السعي "لتكريس هيمنة المجتمع المدني والقوائم الحرة كبديل للأحزاب السياسية".
وحذر مقري من هذه الممارسات التي تذكر بالممارسات السابقة، معتبراً أن تدخل "الأجهزة" يمثل "تآمراً على العملية السياسية وركائزها الوطنية، وتكريس هشاشة البلد ومؤسساته، لأنه من الواضح أن الهدف هو رفع نسبة المستقلين في البرلمان، حيث يتم تطعيم المؤسسة التشريعية بالقوائم المستقلة التي تعمد لاحقاً إلى الانضمام ودعم البرنامج الوطني للسلطة".
من جهتها، حذرت حركة "البناء الوطني"، التي يقودها المرشح الرئاسي السابق عبد القادر بن قرينة، مما وصفتها بتلاعب يهدد الانتخابات. وقال الرجل الثاني في الحركة أحمد الدان، في لقاء سياسي نظمته الحركة مع كوادرها في العاصمة الجزائرية، إن "الكثير من المؤشرات في الوضع الحالي تكشف عن تلاعب سياسي تمارسه بعض الدوائر يهدد الفعل الانتخابي بالتشويه والإشاعة والتظليل".
وكشف عن "تسجيل محاولات فرض أشكال وجهات وشخصيات وقوائم انتخابية في الساحة"، في إشارة منه إلى حديث متداول عن وجود إسناد سياسي لقوائم ائتلاف مدني موال للسلطة، خاصة "نداء الوطن" و"الحصن المتين".
واعتبر الدان أن كل تلك المؤشرات، بما فيها قرار الرئيس تبون تمديد آجال إيداع ملفات الترشح، من شأنها "أن تسيء للجزائر الجديدة التي تبدأ من الفعل الانتخابي المقبل الذي يحتاج لصلابة في حمايته".
واتهم في السياق أطرافاً لم يسمها بأنها "قامت بإفراغ الساحة التجارية من المواد الأساسية، ثم إخراجها مجدداً في شكل مضاربة على الشرف الانتخابي، وللمتاجرة بالمواقف السياسية، من خلال بيع الصوت الانتخابي مقابل لتر زيت".
ولم تعلق السلطة ولجنة الانتخابات على هذه الاتهامات، لكن المحلل السياسي محمد بن يوب يعتقد أن الأحزاب السياسية ترصد في الوقت الحالي سير العملية الانتخابية، لتشكل تصوراً واضحاً حول مدى جدية السلطة في إنجاز انتخابات نزيهة.
وأضاف "دون الخوض في جدلية صدقية الاتهامات التي توجهها الأحزاب للإدارة والأجهزة، فإنه سيكون أمامنا بعض الوقت للتثبت مما إذا كانت هناك تدخلات لصالح قوائم معينة في كل الولايات، ليصبح الأمر نهجاًٍ مؤسسياً يهدف إلى التأثير في مسار ونتائج الانتخابات، وأنا لا أميل إلى هذا الطرح بسبب ما فيه من مخاطر سياسية، أم أنه مجرد تصرف معزول من إدارة أو ممثل أجهزة في ولاية ما".
وأشار إلى أنه "في كل الأحوال، لا يمكن أن تتخلص الإدارة والأجهزة في الجزائر من ممارساتها السابقة وتتقبل نقل صلاحية تنظيم الانتخابات من يدها إلى يد اللجنة المستقلة في وقت قصير، وفي أول انتخابات نيابية تشرف عليها اللجنة. أعتقد أن الأمر يحتاج لبعض الوقت".