أحداث الأردن: مسار التحقيقات يحدد السيناريوهات المستقبلية

أحداث الأردن: مسار التحقيقات يحدد السيناريوهات المستقبلية

05 ابريل 2021
تعتبر الأحداث الأخيرة نادرة الحدوث في الأردن (خليل مزرعاوي/ فرانس برس)
+ الخط -

بينما تواصل السلطات الأردنية إجراء تحقيقاتها بشأن التطوّرات الأخيرة المتسارعة، ومع الحديث عن محاولة انقلاب مزعومة، واعتقالات طاولت شخصيات بارزة، أبرزها الأخ غير الشقيق للملك عبد الله الثاني، ولي العهد السابق الأمير حمزة بن الحسين، تظل السيناريوهات المستقبلية للأزمة غامضة ومرتبطة بشكل وثيق بما ستخلص إليه التحقيقات.
وفي آخر تسجيل صوتي له، اليوم الاثنين، قال الأمير حمزة إنه "سيخالف أوامر الجيش الأردني بوقف الاتصالات مع العالم الخارجي"، مضيفا أنه لن يلجأ لتصعيد تحركاته الآن بعد منعه من أي نشاط ومطالبته بالتزام الصمت، مؤكداً وضعه تحت الإقامة الجبرية.
وكان نائب رئيس الوزراء الأردني، وزير الخارجية، أيمن الصفدي، قد قال خلال مؤتمر صحافي، أمس الأحد، إن الأجهزة الأمنية تابعت عبر تحقيقات شمولية مشتركة حثيثة، تحركات لولي العهد السابق، ومسؤولين آخرين، تستهدف أمن الوطن واستقراره، وعلى رأس هؤلاء المسؤولين رئيس الديوان الملكي السابق باسم عوض الله، والشريف حسن بن زيد، غير المعروف على مستوى الرأي العام الأردني. 
وأضاف الصفدي أن التحقيقات رصدت تدخلات واتصالات شملت اتصالات مع جهات خارجية حول التوقيت الأنسب للبدء بخطوات لزعزعة أمن الأردن، كاشفاً أن الأجهزة الأمنية، في ضوء هذه التحقيقات، رفعت توصية إلى العاهل الأردني بإحالة هذه النشاطات والقائمين عليها إلى محكمة أمن الدولة لإجراء المقتضى القانوني، بعد أن بيّنت التحقيقات الأولية أن هذه النشاطات والتحركات وصلت إلى مرحلة تمسّ بشكل مباشر أمن الوطن واستقراره. 

وعلق الرئيس السابق للجمعية الأردنية للعلوم السياسية، خالد شنيكات، في حديث لـ"العربي الجديد"، على الأحداث التي مر بها الأردن في الأيام الأخيرة، قائلا، إن "السيناريوهات المطروحة تعتمد على مجريات التحقيق والمعلومات المتطورة في القضية، وإذا ما كانت القضية تشكل تهديدا خطيرا للأمن والاستقرار، أو لا تشكل تهديداً كبيراً". 
وبحسب شنيكات فإنه "إذا تبين أن القضية تشكل تهديداً للأمن والاستقرار الوطني، فستذهب إلى القضاء وبالتحديد محكمة أمن الدولة، والتي ستتولى الأمور وفق القانون". 
وتابع قائلا "من خبرتنا وتاريخ النظام السياسي الأردني، ففي القضايا المشابهة يتم احتواء الأمور من خلال التفاوض، والقبول بتسويات والنظر إلى المسألة بشكل متسامح"، مردفا "تاريخيا النظام الأردني يعتمد على التسامح واليد المفتوحة". 
وأضاف شنيكات "بالنسبة للأمير حمزة قد تعالج القضية داخل العائلة الهاشمية"، مرجحاً "ألا تذهب الأمور بعيدا، وتحل الأمور بهذه الطريقة، وقد يتدخل وسطاء أيضا لحل القضية وإنهاء آثارها"، مشددا مرة أخرى على أن تفاصيل القضية هي التي ستحدد السيناريوهات المستقبلية.
من جهته، قال اللواء المتقاعد والخبير العسكري الأردني، فايز الدويري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، "أيا كان دور الأمير حمزة في الأحداث الأخيرة، فمن الأفضل تسوية الخلاف العائلي داخل العائلة، فهو الأفضل لاستقرار الأردن، ومن باب أولى عدم المبالغة في مهاجمة الأمير حمزة من قبل البعض". 
وشدد بدوره على أنه "لا يمكن الحديث عن سيناريوهات مستقبلية دون ظهور نتائج التحقيقات"، مضيفا أن "البيانات الرسمية بدأت من بيان قائد الجيش (اللواء الركن يوسف أحمد الحنيطي) وصولاً إلى البيان الحكومي، تتهم الأمير حمزة والشريف حسن بن زيد وباسم عوض الله وآخرين بالعمل على تقويض الأمن والاستقرار في الأردن، والفيديوهات التي سربها الأمير تشير إلى أنه مستهدف، والحقيقة تكمن في مكان ما، وعلى القضاء أن يكشفها وهذا ما وعدت به الحكومة".
وتابع الدويري قائلا "لم تستخدم مفردة انقلاب وإن كانت البيانات الرسمية تشير لذلك، لذلك واستناداً إلى المعلومات المتاحة فإنه إذا كانت النية من وراء ما جرى هو القيام بانقلاب، فالذين وراء ذلك العمل لا يعرفون ثقافة المجتمع الأردني وعقيدة القوات المسلحة، والتي تمنع العاملين بالقوات المسلحة من العمل في السياسة".
وأوضح أن "الانقلاب العسكري لم يحدث إلا مرة واحدة عام1957 وأجهض مباشرة وفي ساعاته الأولى، ولاحقًا صدر عفو عن المشاركين فيه وأعيد تأهيلهم وإدماجهم في المجتمع الأردني، ومنهم من تولى لاحقاً مدير مخابرات ووزير دفاع وسفيرا ومدير دفاع مدني، وهذا تاريخيا ما كان يحدث، ومن الأولى التعامل مع الأمير حمزة كذلك وحلّ الإشكالات داخل العائلة". 
ويرى الدويري أنه "إذا كان الهدف من الأحداث الأخيرة إلحاق الضرر بالأمن والاستقرار فهذا يحتاج إلى دعم دول وقوى إقليمية، وهذا ما يجب أن تكشف عنه التحقيقات ونشره كما وعدت الحكومة، فأصابع الاتهام تشير إلى جهات عدة لم يفصح عنها مباشرةً من قبل الحكومة".
وأضاف "يبقى السؤال هل الأمير حمزة متورط أم ضحية أوهام تخالجه؟ وفي الحالتين هو راهن على الحصان الخاسر. لذا أقول رغم خطورة ما حدث وحسب المعلومات المتاحة إنه لا يرقى لمستوى تهديد الأمن الوطني، وتم احتواؤه والشارع الأردني تجاوزه".
وفي سياق متصل، قال رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأردني اللواء الركن يوسف الحنيطي، اليوم الإثنين، إن القوات المسلحة والأجهزة الأمنية لديها من القدرة والكفاءة والاحترافية ما يمكنها من التعامل مع أي مستجدات تطرأ على الساحتين المحلية والإقليمية بمختلف المستويات. جاء ذلك خلال متابعة رئيس هيئة الأركان المشتركة، اليوم الاثنين، مجريات التمرين التعبوي "درع الوطن".

وشدد اللواء الحنيطي على أهمية الدور الذي تقوم به القوات المسلحة في الحفاظ على هيبة الدولة وترسيخ مكانتها الاستراتيجية والتاريخية، والجهود التي تبذلها في هذه المرحلة للخروج من الأزمات كافة التي عصفت بالوطن في الآونة الأخيرة، لضمان استمرار الأردن بدوره المحوري والثابت تجاه العديد من القضايا في المنطقة والإقليم.

وفي السياق ذاته، أكدت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن ضرورة المسارعة لإنجاز مبادرة شاملة تعمل على تفكيك الأزمة الوطنية التي لا تتوقف عند حدود ما حدث في الأيام الأخيرة، وتؤسس لاستقرار حقيقي وتنمية سياسية وتعافٍ اقتصادي، وإطلاق حوار وطني شامل وجاد تشارك فيه كل مكونات الوطن. 

وشددت الجماعة في بيان لها، اليوم الاثنين، على أن "استقرار الأردن سياسياً واجتماعياً وأمنياً، مصلحة وطنية ثابتة يحرص على تحقيقها كل أردني مخلص، فالأردنيون موحدون في مواجهة كل الأخطار التي تهدد أمن الأردن واستقراره". 
وأوضحت الجماعة أنها ترفض رفضاً قاطعاً أي تدخل خارجي في شؤون الأردن الداخلية من أي جهة كانت، لافتة إلى أن "ترسيخ التماسك الوطني وتمتين الجبهة الداخلية كمصلحة وطنية أكيدة، باتا أمراً ملحاً في ضوء تزايد الأخطار والتحديات التي تواجه الوطن". 


وأكدت ضرورة "إنجاز إصلاح حقيقي شامل وتوسيع المشاركة الشعبية ومحاربة الفساد بكل أشكاله، وصون الحريات العامة وإيقاف التغول على السلطات والتوقف عن استخدام المقاربات الأمنية في معالجة الشأن العام بمختلف مستوياته، والتخفيف من الأعباء التي تثقل كاهل المواطن الأردني".