ما هى خيارات السودان بعد فشل مفاوضات سد النهضة؟

 ما هى خيارات السودان بعد فشل مفاوضات سد النهضة؟

13 يناير 2021
يأمل السودان من الاتحاد الأفريقي تصميم جولة تفاوضية جديدة (الأناضول)
+ الخط -

 

بات السودان، خلال الأيام الماضية، أكثر قناعة بعبثية التفاوض حول سد النهضة، بشكله الحالي، وبعدم جدية كل من مصر وإثيوبيا، في التوصل إلى اتفاق شامل حول قواعد ملء وتشغيل السد الإثيوبي.

وتنشغل دوائر فنية وسياسية وأخرى مهتمة بالأمن القومي، بوضع خطط وسيناريوهات جديدة للتعاطي مع ملف سد النهضة، خاصة وأن 5 أشهر فقط تفصل ما بين اللحظة وشهر يوليو/تموز المقبل، وهو الموعد المحدد من قبل إثيوبيا لبدء عملية الملء الثاني للسد، والتي تصل إلى 13.5 مليار متر مكعب.

يعد السودان عملية الملء الثاني لسد النهضة تهديداً جدياً للمنشآت المائية السودانية، ونصف سكان البلاد

 

ويعد السودان عملية الملء الثاني لسد النهضة تهديداً جدياً للمنشآت المائية السودانية، ونصف سكان البلاد، خاصة أن نتائج الملء الأول العام الماضي أثرت حتى على إمدادات مياه الشرب في العاصمة الخرطوم.

والأحد الماضي، توصلت المفاوضات التي رعاها الاتحاد الأفريقي، منذ يونيو/حزيران الماضي، إلى طريق مسدود، ولم تتجاوز أيا من النقاط الخلافية سواء على المستوى الفني أو القانوني.

 وفشل السودان خلال هذه المفاوضات في التسويق لمقترحه بمنح دور أكبر لخبراء الاتحاد الأفريقي في تسهيل التفاوض وتجسير هوة الخلاف بين الدول الثلاث، مصر وإثيوبيا والسودان، عدا إخفاقه في إقناع بقية الوفود المتفاوضة بتدخل قيادات الدول الثلاث بإرادتهم السياسية لتجاوز الخلافات الفنية والقانونية.

ومع فشل التفاوض، قررت وزيرة التعاون الدولي بجنوب أفريقيا، جي باندور، رفع الملف برمته إلى رئيس الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي سيريل رامافوزا، لإحالته لأقرب قمة للاتحاد، ومن المتوقع أن تنتقل الرئاسة في دورة جديدة لجمهورية الكونغو.

وتؤكد مصادر سودانية لـ"العربي الجديد" أن الخرطوم ستستبق القمة الأفريقية بإرسال وفد منها إلى الكونغو لإقناعها بصحة الموقف السوداني وشرح خطوات ما حدث في المفاوضات منذ 2011، كما سيذهب الوفد نفسه لإثيوبيا لذات المهمة في لقاءات مع الزعامات الأفريقية.

وإضافة إلى ذلك، يحرص السودان على المضي في حملة دبلوماسية للحصول على مزيد من التأييد لمواقفه خاصة على المستوى الإقليمي.

وللسودان 4 تحفظات على المستوى الفني الخاص بالسد، أهمها خشيته من التشغيل غير الآمن للسدود السودانية، بعد اكتمال سد النهضة، وانحسار نسبة الري الفيضي لأراضيه الزراعية من 100 ألف فدان إلى 50 ألف فدان، كما يخشى من التغيير اليومي في معدلات تدفق المياه.

ويشدد السودان على ضرورة تدفق ما لا يقل عن 26 مليون متر مكعب في اليوم الواحد بعد اكتمال السد، ويرفض في ذات الوقت إدخال أي ينص في أي اتفاق، يعطي الحق المطلق لإثيوبيا بإقامة مشاريع مستقبلية بمجرى النيل، من دون تقييد ذلك بالقانون الدولي.

وتعترض الخرطوم، إضافة إلى ذلك، على موقف أديس أبابا، الرافض للتوقيع على اتفاق غير ملزم لها، وحديثها عن رغبتها في اتفاق هو بمثابة قواعد استرشادية لها، ويرى أن المطلوب هو اتفاق شامل حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، يكون ملزماً لكل الأطراف، شأنه شأن كل الاتفاقيات الدولية، بل ويقترح النص على تشكيل آليات لفض النزاع.

وتأمل الخرطوم، من الرئاسة الأفريقية الجديدة، تصميم جولة تفاوضية جديدة تخاطب تلك المخاوف، وتضع أطراً لدور أكبر لخبراء الاتحاد الأفريقي في تسهيل عملية التفاوض، ودور آخر للمراقبين، وهم الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي، والولايات المتحدة. ويسعى الوفد السوداني سعياً حثيثاً، لإضافة منظمة الأمم المتحدة لعملية مراقبة التفاوض، ليضمن بذلك مشاركة كل الأطراف الدولية الفاعلة.

وتلقي الخرطوم بآمالها على وساطة إماراتية بينها وبين أديس أبابا، بدأت في التحرك في اليومين الماضيين، بزيارة مسؤولين إماراتيين لكل من السودان وإثيوبيا، والتقوا كلا الطرفين هنا وهناك. ويعتقد البعض، أن علاقة الإمارات بإثيوبيا ومصالحها فيها، يمكن أن تساعد في إيجاد حلول وسطية.

وبحسب مصادر "العربي الجديد"، فإن الوساطة الإماراتية لديها شقان، الأول خاص بسد النهضة، والثاني خاص بالنزاع الحدودي بين السودان وإثيوبيا حول منطقة الفشقة.

فنياً، تجتمع فرق فنية سودانية، بصورة شبة يومية، بغرض وضع خطط، للتعاطي مع أي معطيات فنية حال عدم توصل الدول الثلاث إلى أي اتفاق، مثل زيادة محطات الرصد المائي على الحدود السودانية وزيادة فعالية الموجود منها.

أما على المستوى السياسي، فتسعى الحكومة الانتقالية لجعل قضية سد النهضة، قضية قومية يتحقق فيها أكبر قدر من الإجماع الوطني للاستعداد لكل الاحتمالات، وقبل ذلك توحيد المواقف من سد النهضة بين المكون العسكري والمدني في السلطة الانتقالية.