حمّى الانتخابات في تونس

حمّى الانتخابات في تونس

01 ابريل 2019
+ الخط -
المتابع للسياق التونسي، والمراقب للمشهد من قريب ومن بعيد، يلحظ انطلاقة مبكرة لحمى الانتخابات في تونس.
نلاحظ الأمر على مستوى الأحزاب التي بعضها انقسم وأفرز أحزاباً جديدة، وبعضها الآخر انشق وجمع نخبة منشقة عن أحزاب أخرى، وأسس حزباً جديداً. ومن ثم مزيد من التفريخ وإسهال حزبي لا نظير له.
أصبح المشهد محط سخرية الشعب، عبر شبكات التواصل الاجتماعي، إمّا بسبب الأشخاص المكوّنين لهذا الحزب، وإما للأسماء التي تطلق على هذه الأحزاب. ولم نقل حمى اعتباطاً، فمثلاً عندما رفضت المرشحة عن الحزب الدستوري الحرّ عبير موسى، مصافحة رئيس بلدية القلعة الكبرى لمجرد أنه ينتمي لحركة النهضة، إذ قالت: "بيننا دماء..."! أليس هذا تهديداً للأمن القومي، واستقرار البلاد؟
تلقف إعلامنا الموقر في تونس هذه الحمى، وانطلق في التطبيل والتهليل، ليتسرب الأمر إلى شبكات التواصل الاجتماعي، وفوضى هذه الشبكات، وانعكاسها على المشهد برمته، وعلى الرأي العام، المتعلق بتقنيات هذه الوسائل.
سئم المواطن التونسي هذه الحمّى، وكل هذه المهاترات والمسرحيات الرخيصة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، لا تصحح مساراً فاشلاً، ولا تحقق تنمية يتمناها كل مواطن، ولا تقلص من نسب البطالة. ما أفرز أزمة عدم ثقة بين المواطن والأحزاب. وهذا ما أدى إلى العزوف عن السياسة، والعزوف عن كل استحقاق انتخابي (انتخابات، مؤتمرات، ملتقيات، منتديات..)، حتى مشاهدة البرامج السياسية ومتابعتها على التلفزيونات، حيث يعمد بعضهم إلى متابعة برامج الحيوانات على "ناشيونال جيوغرافيك".
لقد أصبحت هذه الحمّى تتاجر بهموم الناس وأزمات البلاد، حتى دماء الشهداء، عوض المساهمة في إيجاد الحلول لهذه الأزمات، ووضع خطط للخروج بالبلاد إلى برّ الأمان، هم يكررون اللغة الخشبية نفسها، ويكررون الخطاب نفسه الذي سئمه المواطن، وتجاوز الأقوال إلى الأفعال، لأن المرحلة تتطلب الجدّية، والعمل بكل شفافية.
72C9A82E-E6AE-4A2E-8BAC-B8DD352326AD
72C9A82E-E6AE-4A2E-8BAC-B8DD352326AD
أحلام رحومة (تونس)
أحلام رحومة (تونس)