اليمن ونكبة الوعي

اليمن ونكبة الوعي

11 يوليو 2018
+ الخط -
7يوليو/ تموز تاريخ من أكثر الأيام في تاريخ اليمن الحديث سوادا ودموية في الجنوب والشمال معا، وما زلنا في سواده وظلمته المعتمة.
7 يوليو/ تموز، نكبة خرجت من رحم النكبات التي أنتجتها عقلية خلفها الاستعمار ذاته، وزرعها لتعيق نهضتنا، ليتسيد التخلف والتعصب والجهل، ليقصي العقل والمنطق والحرية والمساواة، ويهمشهم، ليجرف الكوادر المؤهلة وأدوات البناء والأعمار، ليرسخ عقلية العنف، والخوف من عودة المستعمر من الطاقة.
عقلية التعصب والتزمت والغلو التي غزت عدن، لتدمر بنيتها المدنية وثقافة التعايش وقبول الآخر، لترسيخ الفكر الواحد والنهج الواحد، تحت دائرة الشك والاتهام بين خياري، قبول الأمر الواقع أو التصفية والنفي.
غابت عقلية النقد الذاتي والدراسة والتحليل العلمي للمرحلة بشفافية وحيادية ووطنية، فلم نستطع إنتاج أي حلول ناجعة، ولا سياسات بديلة، تخرجنا من دائرة الضحية والفشل إلى دائرة المسؤولية والتغيير إلى الأفضل.
بعد الهزيمة، صحت بعض ضمائر الرفاق لنقد المرحلة، قالوا إنهم كانوا شبابا طائشين، أخذهم الحماس إلى طريقٍ لم نحسب له حساب. وهذه النتيجة، لكن من استوعب هذا الدرس؟ الأغبياء لا يستوعبون، ويكرّرون نكباتهم بأيديهم. المشكلة أن الوطن والمواطن هما ضحية هذا الغباء.
الأمم الحية هي القادرة على تجاوز نكباتها، حيث تستفيق من الصدمة، لتنهض ببدائل سياسية، تتجاوز فيها فشلها وأسباب نكبتها، ترسم مسارها ألتغييري الواعي والقادر على تجاوز مرحلة تلك النكبة.
روح تلك الأمم الحية هو الوعي القادر على تنمية أدوات نهضتها، ومماتها هو الجهل والتخلف الذي يدمر فيها الحياة، وأدوات النهضة والبناء، وهي العصبية والمناطقية والطائفية والعنصرية التي تجاوزتها أمم المعمورة. هذا الوعي مطلوب اليوم لمواجهة تلك العقلية الصلفة، لمعالجة تراكمات مائة عام من الصراع والتعصب والتسيد والهيمنة، والإقصاء والتهميش والاستحواذ.
رداءة اليوم تفريخ لأدوات الماضي، نراه واضحا في سيناريوهات الحاضر، مهرجانات وخطابات وشعارات، عاشت وعشناها سنوات، والنتيجة كساح للحاضر معيق للمستقبل، مدمر لكل ما خلصنا لإنجازه وتمنينا تطويره. كان للديمقراطية هامش فقدناه، والتعددية ترفضها اليوم تلك العقلية، بل صارت كابوسها في الحياة، ويراد لنا أن نعيش ونحن نقتات من مزابل الشعارات التي لا نعكسها على الواقع، لا ثقافة ولا سلوك ولا فكر، مجرد شعارات للسحر السياسي.
حتى الحوار على نمط حوار علي عبدالله صالح: على طاولتي، وتحت سلطتي ومشروعي وشروطي، وبندقيتي فوق رؤوسكم. من قبل كان شريكا ومن رفض يكال بكل التهم المعلبة والجاهزة للتنكيل به.
الوعي هو القادر على نهضتنا، وتجاوز نكبتنا، والدولة الضامنة للمواطنة والحريات مطلبنا، والتعايش وقبول الآخر هو أسلوب حياة، غير ذلك لن يكون غير استمرار للنكبات والصراعات والفشل والسقوط، في زمن لا يُحترم فيه الأغبياء.
0947F93D-78B9-48CD-AD98-B7B1A7035584
0947F93D-78B9-48CD-AD98-B7B1A7035584
أحمد ناصر حميدان (اليمن)
أحمد ناصر حميدان (اليمن)