حرب اليمن والانتهاكات

الجريمة ظاهرة اجتماعية، فلا يوجد مجتمع يخلو منها، مهما بلغ من الرقي والحضارة، فتنازع المصالح قد يفضي في أحيان كثيرة إلى مخالفة القانون، وتزداد هذه الأمور حدة في النزاع العام والصراع السياسي الحاد والحروب، حيث تغيب الدولة أو تنشغل، ليجد ضعفاء النفوس فرصتهم، ليكونوا في مواقع مسؤولية يستغلونها ليمارسون هوايتهم الشاذة.
الجريمة خطر يهدد المجتمع والوطن، ونسبة هذا الخطر تعتمد على مستوى وعي هذا المجتمع والتعامل مع الجريمة. والمجتمعات الحية ترفض الجريمة والانتهاكات وتتصدى لها. نخب سياسية واجتماعية وثقافية، توحدهم ضمائرهم وعقولهم للحفاظ على السلم الاجتماعي، والحد من نسبة الجريمة والانتهاك ما أمكنها ذلك، تتوحد الجهود في سبيل تحقيق هذا الهدف النبيل.
الخطر الأكبر عندما تجد من يبرر للجريمة والانتهاك من المثقفين أو السياسيين ودعاة التنوير والفضيلة، عندما تصمت المنابر و تتغاضى عمّا يدور في المجتمع، عندما يفتقد المجتمع التوجيه والتنوير والتصدي للجرائم والانتهاكات فكريا وثقافيا وسياسيا.
قد نختلف على كثير من أمور السياسة، ويفترض أن توحدنا عقولنا وضمائرنا وأخلاقياتنا في مواجهة الجريمة والانتهاك.
هناك رسائل أرسلها بعضهم ناقوس خطر يهدد المجتمع، أشار فيها إلى تفسخ أخلاقي يتراكم، وإلى عمليات اغتصاب وانتهاك في البلد، رسائل لم تجد جدية ووعي في التعاطي معها بإيجابية.
في مجتمعات العالم المتحضرة، لا تمر شاردة وواردة من دون تفحص وتمعن مهني علمي في حقيقتها، غير أن المجتمعات المتعصبة التي تتعصب للانتماء الصغير، للطائفة والمنطقة والحزب والمكون، على حساب الانتماء الكبير الوطن والمجتمع، تكون الأمور منذرة بالسوء.
تشير المنظمات الدولية دائما إلى حدوث انتهاكات جسيمة بحق مجتمعنا اليمني، كانت تمر مرور الكرام، نتيجة عدم تمكن الدولة من أداء مهمتها، ما يشير بوضوح إلى هوية من يعيق أداء الدولة على الأرض، ويتصدى لتفعيل مؤسساتها. وجديد هذه الانتهاكات كان بحق مخيم للأفارقة، إذ كان التجاوب والتعاطي سريعا من وزير الداخلية، بتوجيه القبض على المتهمين والتحقيق ومعهم وتقديمهم للقضاء.
هناك فرق بين الدولة واللادولة، حيث تجد من يدافع عن المجرمين، ويحاول طمس معالم الجريمة من دون أن يشير، لا من قريب أو بعيد، إلى ضرورة التحقيق لكشف حقيقة وملابسات الانتهاك والعدل والإنصاف للضحايا.