دون كيشوت وطواحين الفوﻻذ

دون كيشوت وطواحين الفوﻻذ

20 فبراير 2018
+ الخط -
أرسل اﻷميركيون رئيسَهمْ توماس وودرو ولسون بين 1913 و1921 إلى المصح العقلي، بسبب سذاجته وهبله، لدوره الذي اعتقدوه تفريطيا بمصالحهم في مؤتمر الصلح في فرساي 1919، والذي ترك فيه الذئبين، الفرنسي جورج كليمنصو، واﻹنجليزي لويد جورج، يعيثان فسادا في خرائط الدول المهزومة، أي تركيا العثمانية وألمانيا والنمسا، والتي نتج عن تداعياتها فاجعة الانهيار المالي الكبير في أميركا 1929.
لكن اﻷميركيين أعادوا تركيب جثة التاريخ مع رئيسهم الجديد، فرانكلين روزفلت، عَبْرَ كنسِ الأثريْن الفرنسي واﻹنكليزي من خريطة العالم. وهكذا يمكن القول هنا، إنه تم وضع المدماك الأخير في سلم نظرية اﻹمبريالية الأميركية. ولم يستيقظ الروس من لطشة وهم الشعبوية اﻷممية، إﻻ بعد مائة عام من إفشائهم السر الكبير في مؤامرة سان ريمو، هذا بعد أن مر بهم التصاعد الدرامي الشكسبيري.
لم ينته الهبل الروسي هنا، وإن كان خفف من غلواء جموحه الأممي، بل انتقل من طور حكم اﻵلهة إلى حكم الكهان، والذين انتهوا بدورهم كما السردين في شباك صياد أوكراني، هو غورباتشوف، ليعيدوا استكشاف طريق حرير اﻹمبريالية مع مغامر صغير، يدعى فلاديمير بوتين. وهنا، يمكن القول إن خيوطُ الصراع اﻹمبريالي المُشارُ إليه أعلاه، قد ظهرت في سورية اليوم.
وسْطَ هذا كلِّه يأتي الدُّمّلُ الكرديّ المزمن، والذي استعجلَ فيه مسعود البرزاني رحلة تظهيره بدعم وحماس إماراتي مذهل، ما دفع اﻷميركان الى كبْحِ جُماحَ استعجاله قبل أشهر، ولسانُ حالهم يقول بحكمةَ كونفوشيوس: ﻻ تَتَعجّلِ الزمن.
نعيش اليوم ازدهار زمن الخرائط التي ترسم بالمقص اﻷميركي من شرق أربيل وشمالها، وصوﻻ إلى شرق الفرات في البادية السورية وأما الرقة وغربها فيمكن بها تلافي اللغم التركي الذي سينفجر ﻻ محالة بوجه الكاوبوي اﻷميركي المسكون بالعفريت اﻹسرائيلي.
أمّا إدلب فقد استثناها اﻷتراك مِنْ بازار المساومات، كما استثنى الجنرال اللنبي فلسطين منْ بازار المساومات مع الشريف الحسين بن علي عام 1918، واصطفاها لحاييم وايزمن ووكالته، وها هي تركيا تصطفيها لنفسها مع قليل من الدهاء وكثير مِنَ الدّمّ.
تبقى الواجهة اﻹستراتيجية البحرية في اللاذقية وطرطوس، فهي من حصَّةِ الروس المُتَواضعين جداً إمبريالياً، والذين لسان حالهم يتغنّىَ بأهزوجته: أولُ الرّقصِ حنجلة.
وحدهُ يزيد بن معاوية يبقى يبحثُ عن مجتمعٍ اكثرَ انسجاما في فوضى تَحَطُّم امبراطورية والده، والتي ما كان ينقصها إﻻ قليل من الحرية.
avata
avata
عدنان سقول (سورية)
عدنان سقول (سورية)