بين إدوارد سعيد وبرنارد لويس

بين إدوارد سعيد وبرنارد لويس

26 سبتمبر 2017
+ الخط -
اشتعلت في العام 1975 الحرب بين الفلسطينيين وقسم من اللبنانيين، ثم تطورت حتى شملت القسم اﻵخر من اللبنانيين الذين أسموا أنفسهم، آنذاك، الحركة الوطنية اللبنانية، وانضم هؤﻻء، بسبب أهدافهم المحقة، إلى جانب الفلسطينيين، ﻹزالة آثار عدوان فلسفة يوسف الحويك: نموت خلف صخورنا وﻻ نتحد مع دمشق.
في المضاعفات الناتجة عن تلك الحرب، كان ﻻ بد من قوة منظمة ضابطة إيقاع تلك الحرب، والتي تمثلت، آنذاك، بسورية التي باتت تتسمّى، منذ ذلك الوقت، سورية اﻷسد. وكان لسورية اﻷسد تلك الفضل في كبح جماح المتصارعين، معسكر الفلسطينيين ومن واﻻهم من لبنانيين من الاندفاع بعيداً في دفع اللبنانيين اﻵخرين طردا نحو ما أسمَوْه "المحاكاة الحضارية" مع إسرائيل. وبالتالي، شكّل السوريون نواة القوة الجاذبة لمفاصل الكيان اللبناني، والمانعة له من التشظي والتشرذم.
وعلى الرغم من أحابيل ما يُعْرفُ بالسياسة الدولية التي أطالت أمدَ هذه الحرب، من خلال تدخلات النجدة اﻹسرائيلية، ثم الفرنسية، مع ميشيل عون، وما عُرِفَ بحرب التحرير، إﻻ أنّ حافظ اﻷسد وجد فرصته الذهبية في صناعة نصره/ مجده الشخصي في اجتياح العراق الكويت الذي أتاح له عقد صفقة مع اﻷميركيين، كرّست حضوره الذي تَوَهّمَه أبدياً هناك.
لكن اﻷميركيين واﻹسرائيليين كان لهم أجندتهم الخاصة، والتي اضطُرّوا إلى تأجيلها ولو إلى حين. وهنا علينا أن نتذكر أنّ اﻹسرائيليين اضطُرّوا أيضا إلى منع أنفسهم من الرد على صواريخ صدام حسين الاستفزازية.
آنذاك، وفي العام 1980، أي بعد أشهر قليلة من انتصار ما عُرِفَ بثورة الخميني، كان هناك رجل أعتى وأشدّ فتكاً وبصيرة مِنْ المستر سايكس والمسيو بيكو، يُدْعى برنارد لويس الذي قدّم مشروع خريطة جديدة للعالم العربي، اعتمدها الكونغرس اﻷميركي وثيقة رسمية.
وفي وقتٍ كان لصوص حافظ اﻷسد في لبنان يعيثون سلباً ونهباً وإكراهاً لعموم اللبنانيين في كل ما له علاقة بالعروبة، مُتوَهّمين كمّاً مِنَ الهبل الذي لن ينضب مَعينُهْ، كانت تلك الوثيقة/ الخريطة تمد قرونها وتبدأُ تَمَطّيها.
وعلى الرغم من أنف المنطق الموضوعي للمفكر إدوارد سعيد الذي ارتضى لنفسه أن يلعب دور اﻹمام الغزالي في مقابل برنارد لويس الذي لبس لبوس بطرس الناسك في أحدث حملة صليبية جديدة، فإن منطق خريطة لويس هو الذي ساد ويسود حاليا، في حين دخل منطق إدوارد تحت كمٍّ من الغبار، يحتاج قوماً آخرين، غيرنا، وربما حقبة غير حقبتنا ﻹزاحته.
وعلى الرغم من اعترافنا بأنّ خارطة برنارد لويس ليست وليدة إبداع عبقري من بنات أفكار حضرة البروفيسور، إﻻ أنّنا نقرّ له بقدرته على قراءة سيرورة الواقع كما يقع .
أخيراً، تقول تلك الخريطة المعتمدة رسميا من الكونغرس بتقسيم العراق إلى ثلاث دول، وجاري التنفيذ، وسورية إلى أربع، مع جاري التنفيذ أيضا، واﻷردن إلى اثنتين والسعودية في ظل القمعية العائلية المستشرسة إلى أربع، ومصر في ظل النظام الانقلابي إلى اثنتين، والجزائر في ظل الركود اﻵسن إلى اثنتين، وليبيا في ظل بؤرتها إلى اثنتين أيضاً، والسودان إلى اثنتين، وقد تم التنفيذ.
avata
avata
عدنان سقول (سورية)
عدنان سقول (سورية)