تونس.. على مفترق 2019

تونس.. على مفترق 2019

24 ديسمبر 2018

السبسي والغنوشي في قصر قرطاج (13/7/2016/ فرانس برس)

+ الخط -
جرت مياه كثيرة في نهر ثورات الربيع العربي، لكن ذلك لم يسلب في شيء تونس مكانتها الرمزية، بوصفها مهد الربيع العربي. وفي كل مرة تشتد فيها الحملة على جهود الشعوب في تحقيق أهدافها في الحرية والكرامة، وما يرافق ذلك من قمعٍ يكون داميا في أحيانٍ كثيرة، وما يتخلله من صراعاتٍ ومظاهر للفوضى، كانت الأنظار تتطلع، بين حين وآخر، إلى مسار سياسي هش، درجت تونس على تسميته الانتقال الديمقراطي، في إشارة إلى مخاض لم ينته بعد، شهدته البلاد، وهي تحاول أن تبني جمهوريتها الثانية، مجسّدة فيها دولة القانون والحريات، دولة المواطنة والعدالة، دولة الاستقلالية والحداثة.
وعلى الرغم من أن تونس لم تسلم، هي الأخرى، من عواصف الثورات المضادة المدعومة من دول إقليمية، اتخذت موقفا بالغ العدائية تجاه موجة الربيع العربي، معتبرة إياه خطرا مباشرا وداهما على أمنها القومي، فقد تميزت (أي تونس) بنجاحها الكبير والهشّ في الآن نفسه، في أن تبقي الخلافات داخل المؤسسات الدستورية والسياسية، وعلى منابر الإعلام، على الرغم من أن كثيرا منها كان من تركات العهد السابق، ومارس عداء ناعما للثورة، محاولا طوال الوقت لتسفيهها وإفراغها من محتواها بشتى الطرق.

في الوقت الذي انزلقت فيه الثورة الليبية نحو النزاع المسلح، وقمعت الثورة السورية بوحشية، وتحول اليمن إلى ساحة أجندات إقليمية لا علاقة لها بمطالب الثورة اليمنية، ذهبت تونس إلى مجلس تأسيسي، جاءت به انتخابات حرة وديمقراطية، هي الأولى من نوعها في تاريخ البلاد، وقاد المسار إلى كتابة دستور في عام 2014 يعتبر ابنا للثورة في قيمها وأهدافها، ووقع إنشاء خمس هيئات دستورية مستقلة، كان لوجودها أهمية، على الرغم مما مرّت به من تجاذبات سياسية، أربكت عملها، وأجلت الفراغ من بنائها في الوقت المناسب. مرة بالخطر الإرهابي المشبوه في منطلقاته ووسائله وأهدافه، وأخرى بالقصف الإعلامي المركز، وثالثة بالنظر لمحدودية تجربة المعارضين لنظام بن علي. وشكلت نتائج انتخابات 2014 نكسة بالمعنى الثوري في مضمونها، لكنها في شكلياتها عدّت انتصارا للمسار الانتقالي الذي أثبت أنه شرع ينضج من محطة إلى أخرى، مجسّدا في وفائه بالمواعيد الانتخابية طريقا التزم عامة التونسيون به، على الرغم من الاستقطاب الذي شق صفوفهم، مشعلا معارك ساخنة بين الإسلاميين وأطراف يسارية وقومية وأخرى محسوبة على المنظومة القديمة.

ما بعد 2014
واليوم تعيش تونس على وقع نتائج 2014 التي جاءت بحزب نداء تونس أولا، وبزعيمه الباجي قايد السبسي رئيسا للبلاد، لكنها في الوقت نفسه لم تجعل حركة النهضة تنال هزيمة نكراء، فقد جاءت ثانية في الترتيب، وحافظت على كتلة برلمانية مهمة ومتماسكة، ما اضطر السبسي وحزبه للدخول في توافق معها، مشيحا وجهه عن دعوات اليسار المتطرّف الذي سانده لما قاد ما عرف بـ"الاتحاد من أجل تونس" لإسقاط حكم الترويكا (النهضة، المؤتمر من أجل الجمهورية، التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات). اشترط اليسار (وأطراف أخرى) على السبسي استبعاد "النهضة" من أي توليفة حكومية جديدة، وإلا فإنها ستكون في المعارضة، وهو ما كان بالفعل.
كان إسقاط حكومة الترويكا أولوية الأولويات بالنسبة للسبسي، ومن حالفه في انتخابات 2014. ومن أجل الفوز فيها، أسرف في إطلاق وعود انتخابية سخية، دغدغت مشاعر فئاتٍ شعبيةٍ كثيرة، كانت خائفة من المستقبل، ولقمة سائغة لخبرات المنظومة القديمة في التجييش، وبث الشائعات وصناعة الرأي العام وتوجيهه، لكن ذلك كله لم ينجح تماما، ولم يكن كافيا لقيادة المرحلة الجديدة، ما فرض مشهدا جديدا، طرفاه وفاق بين "النهضة" وحزب نداء تونس في الحكم، ومعارضة لجأت أكثر تعبيراتها تطرّفا نحو واحد من أكثر معاقلها تقليدية، وهو النقابة العمالية الأكبر في البلاد، الاتحاد العام التونسي للشغل.

كان هناك حكومتان في البلاد: واحدة سياسية محكومة بوفاق صعب، ومطالبة بمعالجة ملفات شائكة في وضع إقليمي ومحلي متقلب. والأخرى حكومة ظل نقابية، تمثل الثقل الموازي الذي كثيرا ما عبر عن نفسه من خلال مديح لدور المجتمع المدني.. لكن الحقيقة أن اليسار المتطرّف، وأكثر القوميين تشددا، جعلوا من العمل النقابي والمطالب الاجتماعية والإضرابات التي لا تكاد تتوقف، حطبا لإشعال الأرض تحت أقدام الحكومة، وهو ما جسدته شعاراتٌ، من قبيل "الاتحاد الاتحاد أقوى قوة في البلاد"، وكذلك مطالبات للنقابيين تجاوزت الجانب المطلبي، لتطرح إسقاط وزراء وحكومات.. وليس غريبا بعد ذلك كله أن يلمح اتحاد الشغل إلى أنه يفكر في طرح مرشح رئاسي في انتخابات 2019.
صحيحٌ أن تونس حيّدت "الخطر الإرهابي"، ولم توكل حسم خلافات أبنائها إلى السلاح، لكنها في المقابل عرفت إنهاكا شديدا لاقتصادها، ولأوضاع شعبها المعيشية، وبان أن السياسات الحكومية المتتالية، وبقطع النظر عن أسباب ذاتية وأخرى موضوعية، بان قصورها، بل وإخفاقها في الإيفاء بمطالب الناس، على الأقل في طرح منوال تنموي جديد، واستجلاب الاستثمارات، وكسر شوكة البيروقراطية، ودور ما عرفت بالدولة العميقة في عرقلة أي بصيصٍ لوضع اقتصادي، أو اجتماعي، أفضل.
وفي ظل الهوة السحيقة بين وعود السبسي والحقائق في الواقع، يتعالى التذمر الاجتماعي، معبرا عن نفسه أحيانا بشكل عنيف، لا يخلو من اتهامٍ للنخب السياسية بالفشل والعجز الفادح، بل وصل الأمر ببعضهم في لحظات من اليأس والإحباط على الاشتياق على زمن الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، بعد ما كشف عن قمعه وفضائحه المالية وارتهانه للأجنبي.

الابن وأبوه
ومع اقتراب سنة 2019 تجد تونس نفسها على موعدٍ مع ما يمكن وصفها "السنة المنعرج"، وهي السنة التي تضع المسار الديمقراطي على المحك مجددا، ليجد نفسه في مجابهة استحقاقاتٍ لم يقع الإيفاء بها، ومخاطر لم تتبدد نهائيا، على الرغم من كل ما بذل لتأمين الأوضاع الأمنية والاجتماعية في البلاد.
ولعل أكبر من ألقى بظلاله على الموعد الانتخابي الرئاسي والتشريعي في 2019 كان الفصول المتقلبة لما عرف بالتوريث، ذلك أن حزب نداء تونس عرف انشقاقاتٍ حادة، وصراعات عالية الصوت، على خلفية الدور المتقدم الذي يطمح حافظ قايد السبسي، نجل الرئيس التونسي، للعبه، باتجاه القفز من قيادة الحزب إلى الرئاسة.

وفيما ينفي السبسي ذلك، أو مساعدته في تحقيقه، توقف متابعون كثيرا عند انتقاداته الحادة للنظام السياسي الذي أرساه دستور 2014، معتبرا أن النظام البرلماني المعدّل ليس الأصلح في تونس، بالنظر إلى فوضى الأحزاب فيها، ولحاجتها لإرادة سياسية متناغمة، كي تقود البلاد إلى الخروج من هذه المرحلة الحرجة بسلام، وهي الانتقادات نفسها التي أعاد السبسي طرحها، بعد توليه الرئاسة، متبرّما من الصلاحيات المحدودة التي أعطيت لمنصبه قياسا، قائلا في غير مناسبة إن الدستور ليس مقدسا، ويمكن تنقيحه في أي وقت.
تخوف بعضهم مما اعتبروه تطلعا من الشيخ العجوز لعهدة جديدة، يقود فيها البلاد في مرحلة أنتجتها ثورة وصفت بـ"ثورة الشباب"، لكن الخوف الأكبر جاء من الذين وجدوا في انتقادات السبسي الدستورية تمهيدا لتوريث ابنه وتمكينه من رئاسةٍ ذات أنياب يقود بها البلاد مستقبلا. وقد رفض قطاع مهم داخل حزب نداء تونس توجهات السبسي، وطموحات ابنه الذي لا يملك، من وجهة نظر خصومه، تاريخا سياسيا، ويفتقد لوازم القيادة من كاريزما ولباقة في التحدث، وبلغت الانقسامات أوجها مع حكومة يوسف الشاهد الذي رفض أن يلقى مصير سابقه، الحبيب الصيد، الذي استقال في ظرف مثير للجدل، متحدثا في العلن عن الطريقة غير اللبقة التي وقع التعامل بها معه، وجسّدت في الواقع إجبارا على الاستقالة.

حقل الألغام
في كل هذه الأطوار، اعتمدت حركة النهضة سياسةً وازنت بين الجلوس في الصف الثاني ونزع الألغام التي نبهت دائما إلى أنها في حال انفجرت ستنفجر في وجه الجميع، وستغرق المركب بمن فيه. لكنها مع تصاعد الخلاف بين قصري قرطاج والحكومة، وجدت نفسها في قلب تجاذباتٍ هوجاء، طالبتها بحسم أمرها واختيار معسكر تنحاز إليه، الأمر الذي عدّ في الحقيقة لغم الألغام، والمفترق الخطير الذي لم يكن من الهين الخروج منه بسهولة، ومن دون أضرار.
أعادت حركة النهضة تعريف نفسها بالقول إن أبناءها "مسلمون ديمقراطيون"، ولم يعودوا جماعة الإخوان المسلمين. وشددت قياداتها على أن الحكم ليس غايتها، بقطع النظر عن ثقلها الانتخابي الذي تطور بعد 2014 من الحزب الثاني إلى الأول في البرلمان، بحكم تشتت كتلة "نداء تونس". وأثار مخاوف خصومها مع الانتصار النسبي الذي حققته في الانتخابات البلدية التي وجد فيها متابعون "بروفة" لما ستقود إليه انتخابات 2019 من نتائج. وعملت بنشاط على نسج علاقات إقليمية ودولية نشطة، ظهرت نتائجها بجلاء في مقدار التبجيل الذي لاقاه زعيمها، الشيخ راشد الغنوشي، في زياراته عواصم عالمية مهمة، كانت تدرك أن قدرا لا يستهان به من مفاتيح مستقبل تونس في يد هذا الرجل الذي لا يشبه غيره من زعامات الإسلاميين في شرق العالم وغربه. ولكن هذا المسار الذي كلف حركة النهضة ثمنا أخلاقيا فادحا، وصل إلى حد تزكية وزراء مطبعين مع إسرائيل لم يعن أن متاعب ما اختارته لنفسها قد انتهى إلى موقع ودور مريحين. وفي الخلاف بين السبسي والشاهد، تمسكت النهضة باستقرار العمل الحكومي، رافضة إسقاط الحكومة الحالية، والدخول بالتالي في دوامة اختيار حكومة بديلة، تعرف أن السبسي وابنه يريدانها مروّضة على مقاس رؤيتهما لمستقبل البلاد، ومحاولةً في الآن التمسك بعلاقة طيبة مع مؤسسة الرئاسة، مذكّرة في كل مرة أن قائدها رمز لوحدة التونسيين، ومن عوامل استقرار البلاد بعيدا عن الأهداف الضيقة.
أيا يكن الحال، لم تسقط حكومة الشاهد، واستمرت مكتفية بتعديل وزاري، غير أن مؤشر الاحتقان الاجتماعي ارتفع، وبلغت الإضرابات أوجها مع تحرّك واسع لنقابة أساتذة التعليم الثانوي، طارحة مطالب اعتبرتها الحكومية تعجيزية، لا قبل لميزانية البلاد بها. وأمام رفض وزراء "نداء تونس" الاستقالة من حكومة الشاهد، رافضين أوامر قيادة الشق التابع لحافظ السبسي، دخل الرئيس التونسي على الخط، من خلال إثارة ملفات مثيرة للجدل، سرعان ما أجّجت الاستقطاب في البلاد، ولعل أخطرها كان طرح مشروع قانون للمساواة في الميراث بين الرجل والمرأة، واستقباله فريق الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي القائدين السياسيين المعارضين الذين قال تنظيم الدولة الإسلامية في إصدار له إنه اغتالهما، وتصرّ أحزاب يسارية وقومية متطرفة على أن لحركة النهضة يد، بنحو ما، في عملية التصفية تلك.
ومع أن السبسي وعد حتى قبل أن ينتخب رئيسا بالكشف عن قتلة الرجلين، إلا أنه، وفي مرحلة الوفاق مع "النهضة" لم يشر من قريب أو بعيد لأي مسؤولية لها في ذلك الملف، بل دافع عنها في المحافل الدولية، واعتبرها في كل مرة حزبا سياسيا ذا تمثيل برلماني واسع، وجزءا من المشهد السياسي التونسي، حتى أنه واكب مؤتمر الحركة، بعد توليه الرئاسة، في خطوة لم يتخذ مثلها مع أي من الأحزاب الأخرى.

بدا أن مرحلة العسل تلك انتهت باستقبال السبسي فريق المحامين الذين زعموا أنهم توصلوا إلى معطياتٍ جديدة في القضية، تتمثل في اكتشاف "جهاز سري" على صلة بحركة النهضة و"غرفة سوداء" تحوي وثائق لم يعرها التحقيق أهمية، على الرغم من أنها كانت تستحق كل الاهتمام. وبعد لقائهم الرئيس، بدا الحديث عن إحالة هذه المعطيات على مجلس الأمن القومي الذي يترأسه السبسي، في تطور لم تطق معه "النهضة" صمتا، وهي التي حاولت قصارى الجهد ألا تنجرّ إلى ضجيج الندوات الصحفية، وما تخللها من اتهامات خطيرة لها. في هذه المرة، أصدرت بيانا تضمن انتقادا لتدخل الرئاسة على الخط، وما منحه ذلك اللقاء من غطاء لمتهمي "النهضة"، وتلويحا بإعادتها إلى مربع المساءلة الأمنية، في توجه ذكّر بسنوات محنتها على يد نظام بن علي، تلك التي تمت، هي الأخرى، بعون يساري من موقع وآخر.

السنة المنعرج
راوحت الأمور مكانها في تونس، وبدت البلاد أقرب إلى الترقب الحذر، وهي تحصي الأيام في الاقتراب من مواعيدها الانتخابية المقبلة. وفي الأثناء، أطلت العمليات الإرهابية مجدّدا برأسها، ممثلة في تفجير بدائي في قلب العاصمة، قضى على مدبّرته التي قيل إنها ممن التحقوا بتنظيم الدولة الإسلامية، من دون أن تتبين الحقيقة كاملة بشأنها، ثم من خلال عملياتٍ محدودةٍ، في محيط جبال الشعانبي في الوسط الغربي للبلاد، مذكّرة بأن ورقة العمليات الإرهابية مطروحة لم تنته بعد، وأن ظهورها يجعلها حكما على صلة بالسياق الذي شنت فيه، ويصنع منها مادة لجدلٍ متجدد بشأن نجاعة العمل الحكومي، وقدرته على الوفاء بمهامه الأساسية، خصوصا توفير لقمة العيش والأمن للمواطنين.
وعلى وقع الانقسام السياسي، والأخطار الإرهابية المحتملة، يلوح المشهد التونسي مقبلا على احتمالات تتفاوت في وجاهتها وخطورتها، فإذا كانت قراءاتٌ لا تستبعد السيناريو الانقلابي الذي يزداد الحديث عنه، كلما طفت على السطح زيارة في أحد الاتجاهين، بين تونس من جهة والسعودية والإمارات في الجهة المقابلة، تستبعد قراءاتٌ أخرى ذلك، مستندة إلى طبيعة المؤسسة العسكرية التي بقيت على جمهوريتها، ومسافتها الواحدة من فرقاء السياسة من أبناء البلاد، وإلى افتقاد زعامةٍ قادرةٍ على قيادة السيناريو الانقلابي. وتطرح تلك المقاربة، في المقابل، فرضية أن يلتقي الاحتقان الاجتماعي مع المخاطر الإرهابية في إرباك الموعد الانتخابي، أملا في تأجيله، وإضعاف المسار السياسي، تمهيدا لفرض إملاءاتٍ عليه، تزيده ضعفا وإنهاكا وإفراغا من محتواه، أو أن يجري تحت سقفٍ منخفض، يتمثل في مناخ مسموم، يمنع أي رئاسة أو تركيبة حكومية جديدة من تقديم أي منجزٍ، يرضي الجماهير الغاضبة، ويفتح أفقا حقيقيا نحو مستقبل أفضل.
وكما المحطات السابقة، تجد حركة النهضة نفسها أمام المفترق الصعب: هل ستلتزم سياسة الصف الثاني، أم أنها ستمر على مرحلة مختلفة، تتحمل فيها مسؤوليات النجاح الانتخابي، وتتكفل بأعباء الواقع، ما يحمله ذلك من مخاطر جمة لها، أم أنها ستختار حزاما واسعا من التحالف الحزبي، يقف وراء حكومة وحدة وطنية، ورئاسة توافقية من خارج الإسلاميين؟
BA92A871-6561-4251-98A0-D593873AB4FA
BA92A871-6561-4251-98A0-D593873AB4FA
نبيل الريحاني

إعلامي تونسي، يعمل في قناة الجزيرة في الدوحة

نبيل الريحاني