استقالة نيكي هيلي

استقالة نيكي هيلي

14 أكتوبر 2018

ترامب ونيكي هيلي بعد استقالتها في البيت الأبيض(9/10/2018/فرانس برس)

+ الخط -
عضو آخر من إدارة دونالد ترامب يعلن استقالته، وهو هذه المرة ممثلة الإدارة في الأمم المتحدة، نيكي هيلي. يمكن أن يقال إنها استقالة بيضاء، آتية من خلفية خالية من أي أثر للفضائح أو المخالفات، وتندرج ضمن سلسلة من المغادرات الطوعية والإجبارية لأعضاء من إدارة ترامب.
كان ترامب بشوشاً، وهو يجلس في المكتب البيضاوي بجوار هيلي، وهي تعلن أنها ستغادر، فيما يطري عليها بلهجة ودودة. ولكي يزيل الشكوك بشأن أية شبهة فضائحية قد تكون وراء استقالتها، حرص على أن يقول إنها صارحته قبل ستة أشهر بأنها ترغب ببعض الوقت لنفسها، فيما كانت هيلي تهزّ رأسها موافقة.
سبق استقالة هيلي قبول الكونغرس بانضمام بريت كافانو لعضوية المحكمة الدستورية، وهي أعلى جهة قضائية في الولايات المتحدة، ولا يمكن إقالة أعضائها، بما يعني أن ترامب قد سجّل هدفاً جمهورياً، فعلى الرغم من كل الأقاويل التي أحاطت به، نجح كافانو في مختبر الأسئلة الصعبة من أعضاء لجنة الكونغرس التي عيّنته.
واجهت تعيين كافانو وترشيحه موجة معارضة نسائية قوية، بعد اتهامات عديدة له بسوء السلوك الجنسي تجاه النساء. أنكر التهم بالطبع، وتم تجاوز ذلك كله، وصولاً إلى تعيينه في هذا المنصب الرفيع، لكن موجة الاعتراض النسائية لم تتوقّف، وإذا أضفنا إلى هذا الاتهامات بالتحرّش التي قامت ضد ترامب نفسه، فإن إدارته تواجه معارضةً نسائيةً جارفة، باعتبار أن هذه الإدارة برمتها متهمة بسوء سلوك فضائحي تجاه السيدات، يمكن، من باب قراءة المواقف، أن نربط بين هذا الاعتراض النسائي الكبير وقرار استقالة هيلي، من حيث إذاعته وتوقيته.
مَثَّلتْ هيلي ترامب بكل دقة، وعبّرت عن مواقفه في الأمم المتحدة، وبدت أحياناً وكأنها تردّد كلماته ذاتها، ولكن ببلاغةٍ مضاعفةٍ تليق بالكرسي الرفيع الذي تجلس عليه في مجلس الأمن، ويبدو أن وزير خارجية ترامب الجديد، مايك بومبيو، مع العضو الأحدث في الإدارة، جون بولتون، يتحرّكان في المساحة نفسها التي تعبر عن أفكار ترامب في الأروقة الدولية.
ليست نيكي هيلي ذاتها بعيدة عن الخلفية السياسية التي جاء منها ترامب، فقد جرى انتخابها قبل أن تدخل ضمن إدارته بمنصب حاكمة لولاية كارولينا الجنوبية، وبوصفها ممثلةً لمجموعة متطرفة من الحزب الجمهوري، سمت نفسها "حزب الشاي". سطع نجم هذا الحزب أيام جورج بوش الأب، ولم يبق الآن من هذا الحزب الكثير، لكن ترامب، وما يمثله وما يعبر عنه، يعتبر نكهة أخرى من نكهات حزب الشاي، وقد نجح في تخصيب ذلك الاسم، وصولاً إلى حالةٍ راهنة، يمكن أن يطلق عليها "الترامبية" التي تشكل معارضةُ النساء جزءاً من بنيتها الاجتماعية.
سيلي استقالة هيلي استحقاق آخر، يُعَدُّ اختباراً جديداً لإدارة ترامب التي تثير جدلاً ولغطاً إعلامياً قوياً، وهو الانتخابات النصفية للكونغرس. يلاحظ، بالطبع، ميول ترامب إلى التفرّد في اتخاذ القرارات التي تبعده عن حلفائه الغربيين، والتي انسحب خلالها من المعاهدات الدولية، وانتقد بعمق تجمعاتٍ غربية مهمة ومؤثرة كحلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي. وفي قراءة في استطلاعات الرأي، أجرت أحدها "سي إن إن"، وجد أن 63% من السيدات يقفن مع الديمقراطيين في مواجهة الجمهوريين الذين يمثلهم ترامب، هذا ما يرفع هامش الفرق بين الحزبين إلى رقم كبير يعد الأعلى منذ عام 2006، ما يمهّد لتمكّن الديمقراطيين من القبض على الكونغرس، وتكبيل ترامب بأكثر من قيد، بفضل تكتل نسائي قوي. ويمكن أن يكون فوز ترامب في الرئاسة على سيدةٍ بدت، حتى قبل ساعة من إصدار نتيجة الانتخابات، قادرة على الفوز، سبباً نسائياً إضافياً ليقفن ضده. ومع ذلك، اعتادَ ترامب أن يفاجئ الجميع، وإن فاز حزبه في الانتخابات النصفية سيندرج ذلك ضمن مفاجآت ترامب المتوقعة.