النصر حليف الإعداد

يقول أسطورة الملاكمة محمد علي كلاي إن "العرق في التدريب يوفر الدماء في المعركة".
ينسحب هذا القول على كل ما يدور حولنا، إذ لم يتمكن أحدهم من مهنته في يومٍ وليلة، لكنه تعب كثيرًا وقاسى طويلًا قبل أن يصل إلى حلمه. إن كنت تريد الفشل فلا تعمل أي شيء، أما إذا كنت تبحث عن النجاح؛ فعليك بذل عرقٍ كثير كل يوم، واحرص على المضي في طريق هدفك من دون تراجع. يحفظ الطلاب النصوص بتكرارها، ومتابعتك هدفك يجب أن يتسم بتكرار المحاولات. إذا تتبعت مسيرة الناجحين، فإنك ستجد مجموعة من السمات يشتركون فيها، منها عدم التوقف عن المحاولة، في حين يسرع غيرهم إلى رفع الراية البيضاء، عندما تواجههم عقبة صغيرة. كان بروس لي يردد دائمًا: "لا تقلق من الشخص الذي يتدرب على ألف ضربة، واحذر من الذي يتدرب على ضربةٍ واحدة ألف مرة"، إنها قوة التدريب المولدة للإتقان.
تدربت جيل بالوت تايلور، أستاذة علم الأعصاب في جامعة هارفارد أكثر من 200 مرة قبل إلقاء خطابها في تيدكس 2008. شاهد خطبة تايلور أكثر من 21.5 مليون مشاهد حتى اليوم! التدريب يأتي بنتائج طيبة؛ فلا تبخل على نفسك بالتكرار والممارسة من دون انقطاع. يضفي التفاني في التدريب على أدائك درجة كبيرة من الثقة بالنفس، وتظهر هذه الثقة لمن تتعامل معهم وتساعدك في إقناعهم بمضمون رسالتك. الحقيقة التي لا خلاف عليها يمكن إجمالها في جملة "النصر حليف الإعداد"؛ فالإعداد القوي يضمن لك، بدرجة كبيرة، إقناع الآخرين، ويجنبك مفاجآت كثيرة غير سارة.
من السهل جدًا أن تعجب بأداء أحد المبدعين في مجالٍ ما، لكنك نظرت إلى جانبٍ واحد محدود من حياة هذا المبدع؛ فالإبداع الذي رأيته لم يأتِ من فراغ، وإنما سبقه مجهود كبير وتدريب متقن. من الآن، عاهد نفسك على النظرة المتزنة بين النجاح والتدريب للنجاح؛ فإن فعلت ذلك شجعت نفسك على الاستزادة من التدريب، ليكون النجاح حليفك بعد ذلك. توجد أمثلة تفوق الحصر لأناسٍ لم يتنبأ لهم أحد بمستقبلٍ باسم، ولكنهم امتلكوا دافعية قوية للنجاح، ومضوا على الطريق من دون توانٍ على الرغم مما كابدوه في سبيل النجاح.
هؤلاء ومن على شاكلتهم يقفون الآن بكل فخرٍ وثقة، وقد استمدوا ثقتهم من نجاحهم المترتب على محاولاتٍ غير يائسة، ولا متكاسلة. نشعر بالتوتر عندما نُدعى إلى مهمةٍ لم نستعد لها بالشكل الكافي، وبذلك تتسارع ضربات القلب وسرعة النفس ويرتفع مستوى الأدرينالين، ويقلل ذلك كله من فرص التركيز على الهدف المرجو؛ فندخل في درجة أكبر من التوتر وندور في حلقةٍ مفرغة.
لو سألت أحدهم عن اسمه، لأجابك بكل ثقة؛ وبالمثل الشخص الذي يجتهد في إعداد مادته أو محاضرته أو خطبته، فعندما يُدعى إلى الحديث، تراه يتحدث بهدوء ونبرة صوتٍ معبرة تخلو من الاضطراب والخوف. إن كان الإعداد مرهقًا للبدن؛ فإن نتيجة الإعداد المتقن لها لذة لا تقارن بالمجهود المبذول. وأمامك تايلور تعبت مائتي مرة ليشاهدها 21.5 مليون مشاهد حول العالم، فهل تظن أنها تشكو الآن من طول مدة الإعداد؟! لا شك أنها سعيدة بكثرة تدريبها التي أوصلتها إلى هذا العدد من المشاهدين. وأنت في وسعك تحقيق النجاح الذي تطمح إليه بالمثابرة والتدريب المتواصل، ولا ترفع عينك عن هدفك مهما كان الطريق شائكًا والظلام حالكًا؛ فالنتيجة المرجوة تستحق أن تضحي من أجلها بالوقت والمجهود. كل عملٍ خالد ارتكز في بداياته على فكرٍ صامد، والتدريب المتواصل خير زاد كما أن النصر حليف الإعداد.