هذيان الصمت

هذيان الصمت

14 يناير 2018
+ الخط -
في المسافة بين عيني وعينيكَ، تبعثر عمرٌ واستقامت أكوان.
شاءت الأقدار أن نلتقيَ مصادفة في ممرات الحياة، بعد سنواتٍ طوال، عيوننا وليل كانون. كان الوقت متأخراً، والهواء بارداً جداً، فتجمد الزمان في ذلك الشارع القديم وتوقف كل شيء.
لا زلتَ كما أعهدُكَ، تُشبه الأحلام كثيراً، رَمَقْتَني بتلك النظرات التي كنتُ قد أمضيتُ حياتي في محاولة فهمها ووضعها في كلمات. تعالى صوت أحاسيسي، أما أنا فكنتُ فارغة من الأحرف، اعذرني على صمتي، عاجزةٌ أنا أمام عينيك.
في سكون هذا الليل الذي تهنا في غياهِبِه، اقتربتَ خطوةً نحوي، خطوةً واحدة كانت كفيلة بقول الكثير رغم الوجوم السائد. أعطَتني كل شيء ولا شيء إطلاقاً. كنتُ أشعرُ بخفقات قلبكَ عن بعد، أراكَ تنظرُ إلي وكأنك تسألني البقاء، وأسمعُ نفسي وهي تتوسلكَ البقاء.
سكوتنا لا يُطاق. لا يُحتمَل. كأنك أمامي، وبيني وبينك ملايين الأميال. كنتُ أفكر في جميع الأشياء التي أود أن أعتذرَ لكَ عنها، كل الألم الذي تسببتُ لكَ به، كل المواقف التي وضعتُكَ بها قسراً، يا ليتني أغلقتُ عينيّ عنكَ وتابعتُ سَيري.
كنتُ أعيشُ طوال تلك السنوات، وأنا خائفة من هذه اللحظة. لكن حينها أيقنتُ أن الخوف ما هو إلا وهم يختفي عندما يصبح حقيقة وواقع. وأنه لا وجود لمنطقٍ وقوانين في حضرتِكَ.
عرفتُ وقتها، أنّ الحب لا يموت، والعشاق لا ينسون، وأن الدرب سيكون طويلاً جداً، وأنني سأُسجَنُ في هذا الشارع اللعين إلى ما بعد الأبد. فليسَ هنالك شيء في هذا العالم يُمكنه تحريري، كنتُ أخالُ أنني مررتُ بجميع الأحاسيس، ولا وجود لشيء جديد يمكن الشعور به. لكنك في هذا الطريق الصغير، أدخلتَني إلى عوالم لم أعرفها قط، عبرتَ بي إلى أكوانٍ لم تُخلَق بعد. فاختَبَرتُ الموت وما بعد الموت وأنا على خيط الحياة.
أعتقدُ أنه لن يكون هناك نهاية لقصتنا، ستبقى معلَّقَة، فأنت ستظل تراني في كل مكان، ستبحثُ عني في جميع الأشخاص، لعلَّك تجدُ طيفي في أحدهم، وأنا سأحبكَ لزمن بعيد جداً، طويل جداً، حتى نهاية آخر نجمة في المجرات، حتى نهاية الوقت والزمان والوجود، حتى نهاية جميع النهايات.
97F04EB9-163B-49E5-9E30-499877532878
97F04EB9-163B-49E5-9E30-499877532878
ديما قميحة (لبنان)
ديما قميحة (لبنان)