كلام حق يُراد به باطل

كلام حق يُراد به باطل

03 اغسطس 2017
+ الخط -
خرجَ علينا وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، لطمأنة السوريين، أن لا مستقبل لبشار الأسد في سورية، في رسالةٍ صريحة لموسكو، أنّ استمرار التعاون سويةً يقتضي بخروج إيران من سورية، كما واتهم موسكو في انحيازها لنظام بشارالأسد.
في كلام تيلرسون حقٌ يُراد به باطل، فهو يؤكد لموسكو أنّ شخص الأسد لم يعد بالإمكان تعويمه وإبقاؤه في السلطة، خصوصاُ، بعد السجل الدموي ست سنوات، ولو كانت الدول اليوم تتغاضى عن جرائم الأسد مع استمرار الحرب، فهذا من شأنه أن ينتهي إن وضعت الحرب أوزارها، فمن غير الممكن، بعد إنتاج تسوية سياسية لسورية، أن يتم تزوير التاريخ. وكأنًّ تيلرسون يقول لموسكو إنًّ الاستفراد في سورية لا يعني بقاء الأسد، فهو سيكون كبش الفدا الذي يُقدم للشعب السوري، لطي صفحة التواطؤ الدولية مع نظام بشار الأسد، وجديدها التقرير الصادر عن منظمة دولية، أفادت بتقديم أميركا مبالغ تُقدر 18 مليار دولار لنظام الأسد .
إذاً ثمّةّ جانبان يمكن فهمها من كلام تيلرسون، طي صفحة الأسد والتأكيد الأميركي على خروج إيران من سورية، في تساؤل لماذا الآن يتحتم على إيران الخروج، وهي الداعم الرئيس للأسد منذ 2011؟ وهل هناك مؤشرات وإمكانية عملياتية لإخراج الكم الهائل من المليشيات التي تعزّز رؤية أنَّ لإيران الوجود الأكبر ميدانياً في سورية؟
صحيح أنّ الجنوب السوري شهد تحجيما لإيران، وانسحاب بعض الآليات والمدرعات إلى منطقة العزل الدولية التي رسمتها إسرائيل في اتفاق خفض التصعيد، لكن هذا لم يمنع الأخيرة من التوغل في البادية السورية وريف دمشق، على الرغم من دخول المنطقة اتفاق خفض التصعيد، كما أنّ الخروق مستمرة، ويُقال في الأوساط إنّ النظام المسبّب لها، لكن الحقيقة لم يعد هناك وجود لما يسمّى جيش الأسد، فهو إن صح التوصيف دخل في خطة الحوكمة الإيرانية، منذ بداية تغلل إيران وضباطها في مفاصل الجيش، وتحوّل، في النهاية، إلى مليشيا مرتزقة بيد إيران وروسيا.
وعلى الرغم من غياب خطوات جدية أميركية روسية في طرد إيران، صدق تيلرسون، وعلى إيران أن تخرج فعلاً بعد أداء مهمتها على أكمل أوجه، سواء في العراق أو سورية.
الخروج هنا يمكن فهمه أنه خروج منظّم، مبنّي على تفاهم دولي، وليس على خلاف أو انتقام تطبيقاً للمثل: من أوصل الحمار إلى المآذنة هو القادر على إنزاله، فأميركا هي من أدخلت إيران إلى سورية، وأوعزت لها بتدمير سورية، وتفكيك بنية الدولة السورية وفرط الجيش السوري، وغضّت الطرف عن جرائمها في كل المناطق التي اجتاحتها بشعارات طائفية حاقدة قادمة للثأر من أبناء بني أمية.
وعلى الجميع أن يعي إن كان هناك تصنيف دولي لمفهوم الإرهاب، ففي نظرأميركا ما تقوم به إيران إرهاب حلال، أما الفصائل الإسلامية السورية ينطبق عليها الإرهاب الحرام.
ولا يغيب عن القارئ ألبتّة أن أميركا التي اجتاحت العراق 2003 وأسقطت صدام حسين بذريعة امتلاكه أسلحة دمار شامل، قدمتها بعدها لإيران على طبق من ذهب.
إيران حتى لو انتهى دورها في سورية لن تخرج فارغة اليدين، فكما قال تيلرسون سابقاً إنَّ الأسد سيخرج بشكل منظم كذلك إيران، هذا يقود إلى فهم أن إيران لن تخرج بدون ضمانات دولية لحماية مناطق نفوذها، وأهمها الخط البري الواصل إلى الضاحية الجنوبية في لبنان. وما يجري في عرسال من صفقاتٍ بين حزب الله وهيئة تحرير الشام سيعزّز إمكانية تأمين خط الإمداد، إضافةً إلى مناطق نفوذها في طوق العاصمة دمشق، فبعد شراء إيران آلالاف العقارات من الدمشقيين، والاستثمارات في الغاز والطاقة في الساحل السوري، فهي حصلت على ما تريد، وستخرج من سورية لعقد صفقة أخرى في بلد آخر ومنطقة أخرى، تحت إشراف شرطي المنطقة أميركا.
FB7E1B28-E9EF-474D-808F-467FC19B57EE
FB7E1B28-E9EF-474D-808F-467FC19B57EE
يمان دابقي (سورية)
يمان دابقي (سورية)