انتخبوا جيرمي كوربين

انتخبوا جيرمي كوربين

05 يونيو 2017

جيرمي كوربين.. يحظى بكره إسرائيل (31/5/2017/فرانس برس)

+ الخط -
تتوالى الأعمال الإرهابية في لندن. يبدو أنه جاء دور عاصمة الامبراطورية العجوز. كانت تبدو بعيدةً بعض الشيء عن "الخلايا النائمة" و"العائدين من سورية" (أو العراق بالطبع) ولكن هذا تقدير خاطئ، قد تكون وقعت فيه الشرطة البريطانية. الإعلام والمعلقون البريطانيون يتحدثون عن تقصيرٍ أمني، وهذا جائز بالطبع. ولكن ماذا بوسع شرطة (أو استخبارات) أن تفعل حيال "مبادراتٍ" إرهابية من نوع ما حدث بالقرب من جسر لندن؟ أو بالقرب من مجلس العموم؟ أظن أن الجواب واضح. هناك مشكلة غير أمنية، إنها في السياسات الاجتماعية والخارجية على السواء. لا يمكن لدولةٍ أن ترسم سياساتها على ضوء التهديدات الإرهابية المحتملة، ولا على ضوء شريعة الإرهابيين. هذا خضوع للإرهاب، لكن هناك سياسات ينبغي، كما كتب عديدون ممن تناولوا قضايا الاندماج الاجتماعي ومفاهيم المجتمعات متعددة الثقافات، مراجعتها. بيد أن هناك قضايا سياسية قد تُعلن (كذباً وبهتاناً) أنها السبب في الإرهاب، مثل التورط الغربي (البريطاني في هذه الحالة) في الحروب على العالم العربي، ودعم نظم عائلية وجمهورية مستبدة، ومواصلة دعم المشروع الصهيوني الاستيطاني في فلسطين، وعدم الاعتذار عن سياسات الانتداب، وما قبل الانتداب (خصوصا وعد بلفور). لكن هذه ذرائع. وهي لا تهم الإرهابيين فعلاً. من تعنيهم هذه القضايا هم الذين يعترضون بالاحتجاج السلمي، على نحوٍ دائم، في ميادين لندن وشوارعها، على سياساتٍ للحكومة البريطانية، أو حتى الأميركية. لاحظوا أن فلسطين لم ترد في أي أدبياتٍ سياسية لتنظيم داعش أو جبهة النصرة، وقبلهما "القاعدة". فلسطين لا تعنيهم. وهي ليست أرض جهاد على ما يبدو، ولا من يحتلونها أعداء. ولا أستبعد أن يكون بينهم وإسرائيل تنسيق وتعاون، وما يقال عن علاج مصابي هذه التنظيمات الإرهابية التي دمرت الثورة السورية، وحرفتها عن مسارها، ليس حديث خرافة.
المهم أن لندن بوسعها إصلاح الخلل الداخلي، بعيداً عن الضغط الإرهابي وادعاءات الإرهابيين. هناك قضايا ملحة على المجتمع والقوى السياسية البريطانية مواجهتها. وهذا لن يحدث، على ما يبدو، في ظل حكومات المحافظين التي تدّعي الكلام باسم الكثرة، وهي معنيةٌ بالقلة.. ما يعني أن علينا، نحن الذين نملك حق التصويت والانتخاب في بريطانيا، أن نصبّ كامل أصواتنا لصالح المرشح العمالي، جيرمي كوربين. هذا رجل مبادئ وأخلاق ومواقف إنسانية صلبة. قد تبعده هذه المواصفات بالذات عن 10 داوننغ ستريت، ولكن له، على الأقل، شرف المحاولة باسمها، من دون أن يتخلى عمّا كان يراه حقاً وهو مجرد عضو في البرلمان البريطاني، ولا تخلى عنها عندما انتخب، بالإجماع تقريبا، من قاعدة حزب العمال البريطاني قائداً للحزب، ولا تراجع عن بعضها وهو يخوض معركة الانتخابات العامة. هناك أغنيةُ بريطانيةٌ حطمت الأرقام القياسية في المشاهدة على "يوتيوب" عنوانها "كاذبة"، والضمير عائد إلى رئيسة الوزراء الحالية، تيريزا ماي، التي تستحق النعت بجدارة، مثلما صوَّر مغني البوب البريطاني الراحل، جورج مايكل، توني بلير باعتباره كلب جورج بوش!
ماي كاذبة، ومتلوّنة، وذات سياسات معادية للاجئين والمهاجرين مذ كانت وزيرة داخلية في عهد كاميرون. بدت أنها مع معسكر المطالبين بالبقاء في الاتحاد الأوروبي، الحملة التي أطاحت كاميرون من رئاسة الوزراء، فانقلبت ما إن أصحبت رئيسةً للوزراء إلى شعبوية سخيفة، و"بركسيتية" أكثر من الشعبويين.
لو تعرفون حجم تحطيم الشخصية الذي يمارسه المحسوبون على إسرائيل ضد جيرمي كوربين، داخل حزبه وفي الميديا البريطانية التي حوّلته إلى "أراجوز"، لسارعتم إلى صناديق الانتخاب قبل أن تفتح. ليس هناك شخصية سياسية غربية، في الآونة الأخيرة، حظيت بكل هذا الكره الإسرائيلي والصهيوني مثل جيرمي كوربين. طبعا تعرفون أن الغرب رفع، تقريباً، معاداة إسرائيل (وهي دولة احتلال وعدوان) إلى مستوى معاداة السامية.. وهذا ما يتهمون به كوربين، وبعض رفاقه المبدئيين والأخلاقيين، في عالم سياسي خالٍ من المبادئ والأخلاق. انتخبوا جيرمي كوربين رجاء.
E7B23353-660D-472F-8CF3-11E46785FF04
أمجد ناصر

شاعر وكاتب وصحفي من الأردن