هل تشترين ثورة؟

هل تشترين ثورة؟

09 أكتوبر 2017
+ الخط -
تخلّلت إليها أشعّة الضّوء من النّافذة الطّوليّة المقابلة، فتبسّمت أسارير قلبها، واستطاعت أخيرا أن تنهض. كان قد مضى على تقاعسها ما يزيد عن نصف ساعة، وهي تفتّش في حافظتها عمّا يمكن أن يجعلها تستفيق وتتنشط، ولكن من دون جدوى.
ومع ذلك، فعلتها الشّمس. نجحت في أن تفتح شهيّتها ببطء على يوم جديد، بعد سلسلةٍ معاندةٍ مستفحلةٍ من الانكماش والانطواء والتخثّر، سحبتها إليها واستحكمت تفكيرها.
تمضي يومها عادةً ما بين الكليّة والبيت، ودائما تتمنّى وتتخيّلُ أن تبعثر برنامجَها المملّ حادثةٌ ما، لا شيء غير التّمنّي والخيال.
بل يوجد! يمكن إضافة شيء من حسن الظنّ والرّغبة. ولكنّها في نفس الوقت تخشى أن تتبعثر هي ذاتها في الأثناء، فتستقيل من الفكرة كما تعوّدت أن تفعل في كلّ مرّة.
انطبق الباب، واجتاحت جمجمتَها ضوضاء الشّارع. لم تفلح في إيجاد وسيلة نقل شافية، فأخذت تتمشّى بخطوات سريعة نسبيّا بما أنّ التّراخي في الطّرقات يزعجها.
بعد مسيرة بضع دقائق، شعرت أنّ أحدهم يتبعها، التفتت، فلم تلاحظ ما يثير الرّيبة، عادت إلى خطواتها، وعاد إليها شعورها بأنّها ليست بمفردها.
هذه المرّة، التفتت وتظاهرت بالتثاؤب في الوقت نفسه، حتّى تتمكّن من ضبط مُراقِبها بيسر إن وُجد، ذلك أنّ التثاؤب مُعدٍ لمن يقعون في فضاء مراقبتنا القريب منّا. معلومةٌ استقتها من تصفّحها شبكة الواب ذات إبحارٍ هائم. وهنا لمحتهُ طيفا من بعيدٍ، وقد استدار ليواري وجهه. لم ترصُد منه غير سترة رماديّة أنيقة وبنطالٍ أزرق.
استوى في نفسها الحماسُ بالخوف، نظرت إلى ساعتها فانتبهت أنّ الوقت يداهمها. إن لم تهرول، لن تدرك الدّرس الأوّل في اليوم، وهنا، تركته وراءها واندفعت تسابق الوقت.
مرّ الصّباح وكأنّه صباحٌ روتينيّ مُضجِر، ولكنّ عقلها كان مسلوبا تقريبا، يفكّر في طيف الطّريق: ما الذي يريده منها؟ ماذا دهاه؟
ودّت لو تقصّ ما حصل معها لأيٍّ كان، فتطلب النّصيحة أو تحصل على وجهة نظر ثانية على الأقلّ. ولكنْ، لا أحد من المحيطين بها يحسنُ الإستماع أو الإصغاء، فاكتفت بمصارعة ضجيجها الدّاخليّ بمفردها.
في الصّباح الموالي، عندما فتحت باب البيت، وجدته قبالتها، صاحب السّترة الرّماديّة بعينها ولكن ببنطال أسودَ هذه المرّة. ارتسمت على وجهها علامات الدّهشة والتململ، وهمّت بأن تعود أدراجها. ولكنّ صوته استوقفها عندما صرّح: يحيى الماجد، وكيلُ مبيعاتٍ بشركة السّلام القابضة والعابرة للقارّات. هل تشترين ثورة؟
ED740569-4C5A-48B3-8D21-461463D660A1
ED740569-4C5A-48B3-8D21-461463D660A1
آية الإسلام هنيّة (تونس)
آية الإسلام هنيّة (تونس)