إنها نبوءة سليمان خاطر

إنها نبوءة سليمان خاطر

12 مايو 2015
+ الخط -
لمن لا يعرفه. إنه سليمان محمد عبد الحميد خاطر، أحد عناصر قوات الأمن المركزي المصري الذي كان يؤدي مدة تجنيده على الحدود المصرية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة، عندما أصاب وقتل سبعة إسرائيليين، تسللوا إلى نقطة حراسته، في الخامس من أكتوبر/تشرين أول 1985، بعد أن رفضوا الاستجابة لطلقاته التحذيرية.

لم يتوقع سليمان حين سلم نفسه في صباح اليوم التالي، أن يصدر قرار جمهوري يقضي بإحالته على المحكمة العسكرية. وعلى الرغم من الحملة التي قادتها قوى المعارضة آنذاك من أجل إحالته إلى محكمة الجنايات، بدلاً من المحكمة العسكرية، إلا أن الرئيس المصري، حسني مبارك، رفض الاستجابة، وأصرّ على أن تتم محاكمته عسكرياً.

في الثامن والعشرين من ديسمبر/كانون الأول 1985 صدر الحكم على سليمان بالأشغال الشاقة 25 عاماً، وتم ترحيله إلى السجن الحربي في مدينة نصر بالقاهرة. وأعقب ذلك صدور تقرير من المستشفى العسكري يذكر أن سليمان يعاني من اضطرابات نفسية، تشتد عليه ليلاً، وجاء فيه أن سليمان عادة ما يحدّث زملاءه عن أشباح تعيش في الترعة، وهذه تضرب الماء بقوة، وهي في طريقها إليه.

بعد أيام من حبسه، نُقل سليمان إلى مستشفى السجن، بحجة معالجته من البلهارسيا، وفي السابع من يناير/كانون الثاني 1986، فوجئ الرأي العام المصري بالإذاعة المصرية تعلن خبر انتحار الجندي سليمان خاطر في ظروف غامضة.

ويذكر مقربون من سليمان أنه قال في يوم محاكمته: "لا أخشى الموت ولا أرهبه، إنه قضاء الله وقدره، لكنني أخشى أن يكون للحكم الذي سوف يصدر ضدي آثار سيئة على زملائي، تصيبهم بالخوف، فتحرف مسار البندقية".

وحين صدر الحكم بسجنه 25 عاماً مع الأشغال الشاقة، علق سليمان قائلاً: "إنه حكم ضد مصر. أنا جندي مصري، وما قمت به دفاعاً عن أرضي ووطني"، ثم التفت إلى زملائه الذين يحرسونه قائلاً: "اذهبوا واحرسوا سيناء، سليمان ليس بحاجة لحراسة".

ها هم زملاء سليمان بعد ثلاثين عاماً يحققون نبوءته، بممارسة أبشع أنواع القمع والظلم والاستبداد بحق أبناء جلدتهم، وليس آخر هذه الممارسات اعتقال قوات الأمن المصرية، قبل أيام، المحامي، عبد الرحمن سعيد محمود النمر، المقيم في محافظة الشرقية، حيث تم استدعاؤه واحتجازه في قسم شرطة ثاني الزقازيق من دون إبداء أسباب.

ولكن، يكفي أن نذكر أن عبد الرحمن هو المحامي الذي رفع في الخامس من مارس/آذار الماضي، دعوى قضائية ضد الكيان الصهيوني، لإدراجه على قوائم الكيانات الإرهابية أمام محكمة القضاء المستعجل في القاهرة.

هل سنشهد في الأيام المقبلة محكمة عسكرية، على غرار محاكمة سليمان خاطر؟ أم ننتظر تقرير الطبيب النفسي الذي سيخبرنا بأنه مختل عقلياً؟ أم نترقب أن تذيع القنوات المصرية نبأ انتحار عبد الرحمن في ظروف غامضة؟
مريحيل
مريحيل
علي أبو مريحيل
كاتب فلسطيني، عمل مراسلاً صحفياً في الصين لعدد من المؤسسات الإعلامية العربية. لديه العديد من المؤلفات والأبحاث والمقالات والتقارير الصحفية المرئية والمكتوبة.
علي أبو مريحيل