رد: لا تطهير كردياً في الحسكة

رد: لا تطهير كردياً في الحسكة

19 ابريل 2015

مقاتل من "الحماية الشعبية الكردية" شمال الحسكة (19 أكتوبر/2013/أ.ف.ب)

+ الخط -

كتب نائب رئيس تحرير صحيفة العربي الجديد، بشير البكر، مقالة يحمل عنوانها اتهاماً خطيراً ونهائياً، (تطهير كردي في الحسكة)، ويحمل "الخبر المؤكد والإدانة القاطعة"، وتفاصيل المتن لا تغير شيئاً من الاتهام المهول، "التطهير الكردي ضد العرب".

يبدأ الكاتب "تأتي من الحسكة أخبار غير سارة، تتمثل في تهجير لسكان القرى العربية في المناطق الواقعة بين مدينتي الحسكة والقامشلي". الأخبار من الحسكة هي التي أفرحت أهلها، بمختلف مكوناتهم، أي هزيمة "داعش" وطرده من مئات القرى، ثم من بلدتي تل حميس وتل براك اللتين يعيش فيهما المكون العربي. وجاء التحرير بمشاركةٍ عربية واسعة، من أبناء عشيرتي شمّر والجوالة، بالإضافة إلى مشاركة قوات "المجلس العسكري السرياني"، ولا ننسى الدعم الكبير من التحالف العربي/ الدولي، والتنسيق المستمر مع "قوات حماية الشعب"، في حملةٍ أسفرت عن هزيمة "داعش" في المناطق المذكورة، من خلال غرفة عمليات مشتركة، خصوصاً بعد تقديم السلاح الدولي لوحدات حماية الشعب في كوباني. ولم نسمع أن قيادة التحالف وجهت نقداً، أو ملاحظة، حول أداء هذه الوحدات.

ويستسهل الكاتب كيل الاتهامات جزافاً، فيقول: "بدأت العملية، منذ سلم النظام السوري، في بداية الثورة، مناطق واسعة من ريف المدينة إلى وكيله الكردي، حزب الاتحاد الديمقراطي، الجناح السوري لحزب العمال الكردي بزعامة عبد الله أوجلان". بجرة قلم، حولنا الكاتب إلى وكلاء للنظام الفاشي الذي تسبب في أكبر كارثة في القرن الحادي والعشرين، وطالما حاول التمدد في مناطق تحميها "وحدات حماية الشعب"، وكانت معارك عديدة بينه وبين هذه الوحدات، استشهد فيها عشرات المقاتلين الكرد، في حلب والحسكة. ويتابع الكاتب "شرع هذا الحزب بتطبيق ما تسمى الإدارة الذاتية للمناطق التي باتت تحت سيطرته"، ويتعمد إخفاء أن الإدارة الذاتية يشارك فيها العرب والسريان مع الكرد، ولا يذكر اسم الحاكم المشترك لهذه الإدارة في مقاطعة "الجزيرة/ الحسكة"، حميدي دهام الهادي الجربا، شيخ عشيرة شمّر العربية.

ويدّعي الكاتب على لسان الكرد "إنهم يقولون إن كل عربي هو داعشي"، وهذا افتراء، ومحاولة لتأليب الناس على بعضها. ويمكن للقارئ أن يطلع في موقع "يوتيوب" على اللقاءات مع المقاتلين العرب، ومع أهالي المناطق المحررة، ليكتشف حجم ما عاناه هؤلاء من ظلم "داعش" ومقاتليه الأجانب، أما كذبة "التطهير العرقي" فتتداعى مع عودة المواطنين العرب إلى قراهم، بعد هزيمة "داعش" المذلة.

وبشأن توفير "داعش" ذريعة وفرت للكرد إعلان المشروع السياسي، كان في وسع الكاتب أن يجد في محرك البحث أن أول حزب كردي تأسس في 1957 وليس العام 2004 الذي يذكره، من دون أن يخبر القارئ أن 12 مارس/آذار 2004 شهد انتفاضة كردية عظيمة ضد النظام الظالم، امتدت من ديريك، وصولاً إلى كوباني وعفرين، وإلى أماكن الوجود الكردي في حلب ودمشق، وحطم فيها الكرد تماثيل حافظ الأسد.

كيف يمكن لمثقفٍ أن يقول إن "الأكراد اخترعوا أسماء لقراهم ومدنهم" بجرة قلم؟ كيف لمن لا يعود للبحث في "غوغل" لدقائق أن يقنعنا أنه عاد إلى التاريخ، وتأكد من عدم وجود أسماء للمدن والقرى الكردية؟ أسأل الكاتب الذي يستشهد بابن حوقل، ألم يسترع انتباهك وجود شعب اسمه الشعب الكردي في تلك الكتب، وبلاد اسمها كردستان؟ هل تعرف أن كلمة كردستان، كمصطلح جغرافي، ظهرت أول مرة في القرن الثاني عشر الميلادي في عهد السلاجقة؟

ومن الاستخفاف إعادة كتابة ما قرأناه في كتب التاريخ التي أعدتها وزارات "البعث" أن ديار بكر "آمد" تم اقتطاعها من "الوطن العربي"، على الرغم من أن المنطقة كانت تحت الاحتلال العثماني، والأكثر استخفافاً القول إن "التكريد" بدأ في الثمانينات، "بتواطؤ بين النظام السوري وحزب العمال الكردستاني"!

أخيراً، محاولة تلخيص المأساة الكردية على أنها "إحصاء استثنائي"، تدافع عنه في فقرة أخرى، قمة الاستهانة بالنضالات الكردية، منذ أكثر من 50 عاماً، وهو ما يظهر من دعوتك النظام السوري للرد على "وحدات حماية الشعب"، والنيل من مقاطعات تحتضن مئات آلاف السوريين الهاربين من الحرب الطائفية.

avata
نواف خليل

مسؤول الإعلام في حزب الاتحاد الديمقراطي