لماذا سمير القنطار؟

لماذا سمير القنطار؟

26 ديسمبر 2015
+ الخط -
لم أظن يوماً أن استشهاد سمير القنطار سيشكل مادة خلافية تدخل بازار الخلاف حول سورية، فسمير صورة رمزية حفرت بأذهاننا عبر سنوات طويلة، عمرها لا يقل عن سنوات سجن سمير الثمانية والعشرين عاما في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
كان يمكن لسمير أن يكون مواطنا لبنانيا عاديا، يعيش حياة عادية كشاب يبلغ 16 عاما، لكنه كان سجين النضال في ذلك العمر على خلفية عملية بطولية في نهاريا. وكان يمكن أن يكون كذلك، ولكن بوضعية أفضل بعد خروجه من السجن، ليعيش في لبنان رمزا للمقاومة والنضال، ويتزوج ويعمل كأي أسير خرج من السجن ويبدأ حياة جديدة، لكن سمير أطلق مقولة "خرجت من فلسطين لأعود إليها"، وظننا أن هذا الوعد كلام من وحي مناسبة الخروج من السجن، أو مجاملة، أو أي شيء آخر، لكننا أخطأنا جميعا فالرجل كان يعلم ما يقول، وكان صادقا.
أجريت مقابلات عديدة مع الأسرى الذين عايشوا سمير وكانوا معه في السجن، ابتداء من جبر ابن أم جبر، أم سمير بالتبني، والذي لازمه سنوات طويلة في سجون الاحتلال، إلى غيره من الأسرى، فالجميع أكد على أن سمير في السجن كان قائدا وشجاعا، فليس غريبا أن يكون هذا حاله خارجه.
لا يعنيني من يتحدث عن سمير بالسوء من باب الخلاف حول سورية، ما يعنيني أن سمير كان سبب اغتياله الرئيسي أنه كان مناضلا يعد للمواجهة مع إسرائيل من الجولان، وكان مهدداً بالقتل من كيان الاحتلال، فهي تحمله شخصيا مسؤولية القيام بعدة عمليات عسكرية في الجولان، فلم يتراجع ولم يتوانى، وهذا ما أقلق إسرائيل، وأيضا لمن لا يعلم أن سمير خرج من سجون الاحتلال وكسر معادلتين. الأولى أن كيان الاحتلال كان يرسي معادلة سمير القنطار في مقابل الطيار الإسرائيلي المفقود في لبنان منذ عام 1986 رون أراد، وثانيا أنه خرج من سجن طالما قيل له فيه إن الذي سيخرجك منه لم يخلق بعد.
هي معادلة ذات اتجاهات متعددة، لها حساباتها السياسية ورسائلها في كل الاتجاهات، إحدى أهدافها زرع الشك بين فرقاء الحرب في سورية. ولكن، ما قيمة هذه الأهداف السياسية أمام تركيز المعادلة الإسرائيلية مع المقاومة، وهي الانتقام من قادة المقاومة شخصيا، وهو ما يهم إسرائيل بالدرجة الأولى، وهو ما حصل بالفعل مع القائد الفلسطيني من حركة حماس المسؤول عن صفقة شاليط أحمد الجعبري الذي اغتالته إسرئيل للسبب نفسه عام 2012، أي الانتقام شخصياً ممن يقلق ويهدد، ويوجه صفعة مؤلمة وقاسية لإسرائيل، وهذا هو السبب من الانتقام من سمير.
لن أرد على أقلام عربية، خصوصاً الضائعة في متاهة الخلاف بشأن سورية، والتي أدخلت سمير في تلك الدوامة، فالمظاهرات وبيوت العزاء في الضفة الغربية وقطاع غزة، ودموع أم جبر وأم إبراهيم الفلسطينيتين ووالدتي سمير بالتبني أبلغ رد.
F4F14766-7D2F-4617-9AFB-878AF02EAFEE
F4F14766-7D2F-4617-9AFB-878AF02EAFEE
أحمد الصباهي (فلسطين)
أحمد الصباهي (فلسطين)