بطيخ أردوغان وعجّور بشار

بطيخ أردوغان وعجّور بشار

16 ديسمبر 2015
+ الخط -
نحن سامرون في بيت الحجي، ولده عبد الرحمن فرقان يصبُّ الشاي، وبنيامين آدم يضيفنا الكعك، أسماؤهما مضاعفة طلباً لزيادة المعنى والبركة. أسماك الحوض الزجاجي تسبّح الله، أنواعها كثيرة: السمك الفراش، السمك الببغاء، السمك الكبش، السمك الهدهد. الحجي مولع بالإشراف على أسماك الزبالة ، المنهمكة في لحس جدران الحوض، آثار رائحة برغل الظهير الدسم ما زالت ملتصقة بأذيال الهواء، بات لي حاسة جان غرونوي في الشم.
أرانا فرقان صورةً لأردوغان الذي يعيّر إعلاميا ببائع البطيخ وهو يبيع الكعك، وصورته وهو يحمل تابوت أحد مواطنيه المرحومين، فسخر بنيامين: هذه دعاية يقوم بها كل الزعماء في العالم. تذكّرت أنّ آية الشيطان السوري نزل إلى حمص مع حرسه الجمهوري، واشترى بطيخة من بائع بسطة ذات كرة. سمعت الناس يتحدثون بالأمر، كانوا مذهولين. قال البائع للناس إنه رفض قبول ثمن البطيخة، فزيارة بسطته منحة وثروة. واقسم ليهديّنه البطيخة، لكن صاحب السيادة رمى له خمسمائة ليرة على دشمة البطيخ. كان البائع سعيداً، فقد اكتسبت بطيخاته حصانة دبلوماسية من كبسات الشرطة. لبشار الوحش ثلاث منح شهيرة، أحدها أنه لبس مرة قميصاً صيفياً قصير الكم. كان الأب يعتبر ذراع رئيس الجمهورية عورة. وهذه هي المنحة الثانية، وهي ناقصة، لأنها مخصوصة، فلم ينقل التلفزيون مسرحية البطيخ المبسمر؟ لأن الرئيس باطني حتى في التمثيل. رئيس لا يمكن الوصول إليه بريدياً فكيف ببلوغه شخصياً؟ ذكّرني بفعل لأخيه المهندس المظلي الرائد الركن "وخود نفس"، كان قد زار حلب، ومشى في شارع العبارة، فلحق به بياعو البسطة والمهربون وكشاشو الحمام، فأصدر أوامره السنية (من غير صفة رسمية) بالسماح لهم بالبيع الحر. لكن ذلك لم يستمر سوى شهور، فإذا كان الدستور نفسه أكلة جزور، أو علف حمار، فكيف بالأوامر الشفاهية في دولة كل من "إيدو" في جيب أخيه. كان أردوغان بائع بطيخ، لكنه اشترى لواء أسكندرون من الابن، أما الأب فباع الجولان بالمجان.
قال فرقان: أردوغان ديمقراطي وليس ممثلاً. بقية الزعماء لم يرفعوا بلادهم من الحضيض إلى القمة في عشر سنوات، يا أخا الرحم.
كبس فرقان على زر، فانطلق أردوغان يتلو القرآن. سكتنا، حتى أن الحجي ترك أسماكه تلعق مؤخرات الأسماك الكبيرة، وانصرف منصتاً إلى التلاوة. صدق الله العظيم، سأل فرقان: ماذا لاحظتم ؟ قال بنيامين معترفاً: التلاوة خاشعة.
قلت: صوته جميل.
قال: لا .. ليس هذا هو الجواب. عجزنا عن حلّ أحجية فرقان.
قلت: لا أظن أنّ رئيساً عربياً يستطيع أن يجوّد سورة قصيرة من القرآن، نحن لا نريد من الزعيم العربي سوى أن يقرأ خطابه بغير أخطاء، أو أن يمشي على قدميه، وليس على كرسي متحرك. سأل فرقان الوالد: وأنت يا أبي؟ فقال الحجي: قولاً واحداً، لن أمنح صوتي لأردوغان حتى يطبق الشريعة. وعاد إلى أسماكه الدائبة على لحس سور يأجوج ومأجوج الزجاجي.
قال فرقان الحل: ألم تلاحظوا أنّ هواتف المحيطين ترنّ في أثناء التلاوة؟
فقال بنيامين: وماذا يعني هذا؟
يعني أنه ليس دكتاتوراً؟ حتى الملكة البريطانية التي تملك ولا تحكم، تمنع حاشيتها من زغاريد الهاتف في حضرتها. أنظر يا ابن أم، صحف المعارضة الكثيرة تنبح، ليل نهار، شاتمة أردوغان وقافلة إنجازاته تمشي. تسبونه، وتتهمون ابنه بصفقات مفتراة. هذا السمك أشرف منكم.
أحسّ الحجي بالفخر، عند مدح أسماكه. هو يؤمن أن صوته "فيتو" وبمليون صوت، ومعطّل: بطيخ أردوغان، عجور "الأسعد".. لن أمنح صوت إلا لأهل الله.
وعاد إلى حيتانه الزبّالة التي لو قصّرت، لأقام عليها حدّ الحرابة.
683A43FF-D735-4EBA-B187-3AC9E42FAE32
أحمد عمر

كائن يظنُّ أن أصله طير، من برج الميزان حسب التقديرات وطلاسم الكفّ ووحل الفنجان.. في بكرة الصبا أوعشية الشباب، انتبه إلى أنّ كفة الميزان مثقوبة، وأنّ فريق شطرنج الحكومة "أصحاب فيل"، وأنّ فريق الشعب أعزل، ولم يكن لديه سوى القلم الذي به أقسم" فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا..."