انهيار أمني وشيك في بلدة عراقية تتنازع عليها المليشيات

انهيار أمني وشيك في بلدة عراقية تتنازع عليها المليشيات

12 نوفمبر 2020
الاشتباكات المسلّحة في ديالى(برنت ستيرتون/Getty)
+ الخط -

دفع النزاع المسلّح بين الفصائل المتناحرة، ليل أمس الأربعاء، في بلدة أبي صيدا بمحافظة ديالى (شمال شرق بغداد)، والتي تشهد حالة من عدم الاستقرار، مدير البلدة لتقديم استقالته، بسبب عدم القدرة على السيطرة عليها، في وقت حذّر فيه مسؤولون من انهيار أمني وشيك في البلدة، بسبب انفلات الفصائل وعدم تدخل الحكومة.
الصراع على أبي صيدا، وهي بلدة زراعية تقع على ضفاف نهر ديالى، يعود لعدّة سنوات بين الفصائل التي تسعى للسيطرة على إدارة البلدة، وأراضيها الزراعية، وانتهى بنزوح جماعي لغالبية عوائلها، بسبب تجدّد الاشتباكات المسلّحة بين الفصائل بين فترة وأخرى، والتي تستخدم فيه أنواعا من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة وحتى الثقيلة، وسط صمت من حكومتها المحلية وعجز من القوات الأمنية المتواجدة في المحافظة عن التدخل.

وليل أمس الأربعاء، اندلعت اشتباكات بين الفصائل الناشطة في البلدة، استخدمت فيها قذائف الهاون، وقاذفات آر بي جي، وأنواع مختلفة من الأسلحة، أجبرت مدير البلدة عبد الله الحيالي، على الاستقالة، وقد جاء في نص الاستقالة التي تداولتها وكالات أنباء عراقية محلية، أن "سبب الاستقالة هو الفوضى التي تعاني منها البلدة، وعدم تدخّل أي جهة رسمية في حسم ملفها الأمني".
وأكد "أنا لا أتحمل هذه الأحداث التي تحصل من قتل وتهجير ومواجهات مسلحة، لذا أطلب إعفائي من المنصب".
ووفقاً لمسؤول أمني في البلدة، فإن "الاشتباكات استمرت لنحو 4 ساعات وتجددت فجر اليوم أيضاً، وطاول القصف العديد من المنازل والسيارات، وتسبب بإصابات بين المدنيين، فضلاً عن إحراق مساحات كبيرة من البساتين".
وأكد لـ"العربي الجديد"، أن "القوات الأمنية الرسمية، لم تستطع دخول البلدة، بسبب نفوذ الفصائل المسلحة المتواجدة فيها، واكتفت (القوات) بالانتشار بأطرافها"، مبيناً أن "الوضع خطير للغاية، وأن البلدة مهددة بانهيار أمني شامل".
وأشار إلى أنه "في حال لم تتدخل الحكومة وترسل قوات أمنية ضاربة، لبسط الأمن بالقوة، وإخراج الفصائل المسلحة منها، فإن البلدة قد تشهد مجازر خطيرة".
وشلّت الحياة في البلدة، التي يقبع أهلها داخل منازلهم، لا يستطيعون الخروج منها منذ عدّة أيام، بسبب القصف وحالة الرعب، كما أعلنت دوائر البلدة، الإضراب عن العمل، بسبب الوضع الأمني المرتبك فيها، وتلقي موظفيها تهديدات من قبل الفصائل المسلحة، وتعرض مسؤوليها لمحاولات اغتيال.

وخلال الأيام الأخيرة، تمكنت العديد من العوائل من النزوح منها، هرباً من الوضع الأمني، وقال الشيخ جاسم العزاوي، وهو أحد وجهاء المحافظة، إن "الوضع الإنساني خطير للغاية في البلدة، وإن العوائل فقدت الغذاء والدواء بسبب شلل الحياة، وعدم القدرة على الخروج من المنازل".
وأكد لـ"العربي الجديد"، أنه "يجب على الحكومة أن تؤمن البلدة بأسرع وقت ممكن، وإلا فإنها ستشهد مأساة إنسانية خطيرة، فمن لم يقتل من الأهالي بالقصف، سيموت داخل منزله، بسبب نقص الغذاء والدواء، والخوف من الخروج من المنازل".
رئيس البرلمان السابق، سليم الجبوري، حذّر من خطورة الوضع في البلدة، داعيا إلى بسط سلطة القانون فيها، وقال في تغريدة على "تويتر"، إنه "من الضروري السيطرة على الأمن ببلدة أبي صيدا، وإنهاء النزاعات والاقتتال فيها، من خلال حصر السلاح بيد الدولة، وفرض القانون في حفظ الأمن، وبمتابعة من العشائر والقيادات الأمنية".


وعلى صفحات التواصل الاجتماعي، انتقد مواطنون وناشطون، حالة الانفلات الأمني في البلدة، وعدم قدرة أجهزة الأمن على بسط نفوذها، وقال الناشط أحمد خان، في تغريدة له "من منا لا يعلم بوضع أبي صيدا الذي يشبه كثيراً نزاعات القرون الوسطى! لكن السؤال من يدعم النزاعات هناك؟ ومن قسم المنطقة لأربعة أقسام؟ ومن غيّر ديمغرافيتها بهذه الطريقة؟ ومن الداعم لحركات الفوضى هذه؟ وما السبب؟


أما الإعلامي دريد الأعظمي، فقد قال في تغريدته، إن "البلدة تعاني فوضى وموجة نزوح".


وبدأت الأزمة في أبي صيدا، قبل سنوات عدّة، بين "مليشيا بدر" التابعة لهادي العامري، ومليشيات تابعة لمدير بلدتها السابق حارث الربيعي، الذي أدار البلدة لفترة من الزمن، قبل أن يقتل قبل العام الفائت بكمين نصب له، ما تسبب بتحرك مليشياته، وعناصرها من أبناء عشيرته، إلى بسط سيطرتها على البلدة، ومواجهة المليشيات الأخرى.
يشار إلى أن الملف الأمني في محافظة ديالى المرتبطة حدودياً مع إيران، يدار من قبل مليشيا بدر، التي تسيطر أيضاً على مناصبها السياسية، الأمر الذي تسبب بقوة نفوذ المليشيات في عموم المحافظة.

المساهمون