نتائج انتخابات أميركا قد تضع البلاد على سكة نزاعات قضائية وسياسية

نتائج الانتخابات الأميركية قد تضع البلاد على سكة نزاعات قضائية وسياسية

04 نوفمبر 2020
أعلن ترامب في وقت سابق اليوم فوزه في الانتخابات (إميلي كاسك/فرانس برس)
+ الخط -

عند الثانية والنصف صباحاً، وبحضور جمع من ضيوفه في البيت الأبيض، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب فوزه في الانتخابات، فيما كانت عملية فرز الأصوات جارية، خصوصاً في الولايات الستّ التي يتوقف حسم المعركة على نتائجها.

وقال ترامب إنه آن الوقت قد حان "للاحتفال الكبير" بالنصر. وجاء إعلانه في لحظة وصلت فيها حصته من أصوات المجمع الانتخابي إلى 213 مقابل 220 لخصمه جو بايدن، وذلك من أصل 270 مطلوبة للفوز.

وبدا أن الرئيس أقدم على هذه الخطوة لاستباق نتائج الولايات المتبقية التي بدت وكأنها تميل كلها أو بعضها نحو ترجيح كفة بايدن، خطوة اعتُبرت بمثابة إحباط مسبق للنتائج، وأثارت ارتدادات صاخبة تنذر بأزمة كبيرة تضعها على سكة نزاعات قضائية وسياسية، مع ما قد يرافقها من تأزم في ساحة تعيش حالة غليان منذ أشهر.

وكان الرئيس قد نفى أخيراً ما تردّد حول نيته إعلان فوزه قبل انتهاء عملية فرز الأصوات، ثم عاد اليوم وكرّر مثل هذا التطمين غير المباشر. لكن إعلان فوزه من طرف واحد فتح الأبواب على مشكلة قد تصبح مستعصية وتهدد بالأخطر، خصوصاً إذا كشفت الصناديق في النهاية عن فوز بايدن، بما يهدّد بإثارة شارع لا يحتاج سوى إلى شرارة.

وصول الانتخابات إلى هذا المأزق كان متوقعاً. الأرقام والتقديرات كانت تعزز مثل هذا الاحتمال. صحيح أن بايدن احتفظ بتقدم ثابت حتى النهاية، لم يستبعد البعض أن يحمله إلى الرئاسة بأغلبية كاسحة من شأنها أن تعفي أميركا من منازعات حول النتائج، لكن ذلك لم يتحقق. القراءات وحتى الاستطلاعات بدت منفوخة أكثر من اللازم، خصوصاً في تقديراتها المتعلقة بالولايات الجنوبية مثل فلوريدا وتكساس، والتي فاز فيها ترامب بفوارق ملحوظة. ويقول بعض الخبراء إن حملة الديمقراطي كشفت عن "تقصير واستخفاف" في الأيام الأخيرة، كذلك أخطأت الحسابات والتوقعات بخصوص معركة مجلس الشيوخ، حيث خابت المراهنة على الإطاحة برموز كبيرة من الجمهوريين مثل السناتور ليندسي غراهام وجون كورنين. وبذلك، تبيّن أن معركة الحزب الديمقراطي على هذه الجبهة كانت رغبوية أكثر منها عملية. وقد خسر أيضاً مقاعد، وإن قليلة في مجلس النواب.

وقد تعززت هذه الأخطاء بعامل آخر، وهو أن كورونا لم "ينتخب". كان من المتوقع أن تميل الولايات التي ضربها الفيروس بقوة نحو بايدن، لكن ذلك لم يحصل. فالتصويت جرى عموماً وفق الانقسام العمودي في أميركا: يمين مقابل يسار، وأبيض مقابل ملوّن. الوباء كان حضوره في العملية باهتاً في أحسن الأحوال، وبما انعكس سلباً على حصة الديمقراطي. الأمر الذي أثار الخيبة في الصف الديمقراطي، وقد انعكس ذلك في كلمة بايدن بعد منتصف الليل أمام مؤيديه في مقر إقامته في ولاية ديلاوير، حيث اكتفى بخطاب خاطف لدقائق معدودة، خلا من نبرة النصر، واقتصر فقط على الشكر وشد عصب جماعته ومن دون أن يدّعي الفوز.

مع صباح الأربعاء (بالتوقيت المحلي)، تكون الصورة قد بلغت شكلها النهائي أو ما يقاربه. قد يبقى احتساب أصوات بعض الولايات أو المناطق يجرجر لبضعة أيام أخرى، لكن إعلان الرئيس سيحتكر الأضواء والاهتمامات لفترة قد تطول لأسابيع أو أشهر تقتضيها المحاكمات إذا فاز بايدن وبقي الرئيس على تمسكه بإعلانه. وما يزيد خشية المراقبين، أنه من غير المتوقع أن يتدخل الجمهوريون في الكونغرس لحلّ الإشكال بطريقة تعفي من إطالة الأزمة وتقطع الطريق على تداعياتها الداخلية والخارجية. وهنا تُطرح أسئلة كثيرة حول المخارج، فيما لو تعقدت المشكلة، وتضاربت فيها الاجتهادات، وجرى التشكيك بفتاويها القانونية، وبما يبقيها مفتوحة على أكثر من سيناريو.

المساهمون