وردة.. كأنها رحلت أمس

وردة.. كأنها رحلت أمس

17 مايو 2016
وردة (getty)
+ الخط -
تمر اليوم الذكرى الرابعة لوفاة الفنانة الجزائرية وردة فتوكي (1939). صاحبة "في يوم وليلة" توفيت في 17 مايو/ أيار عام 2012 إثر أزمة قلبية مباغتة في بيتها في القاهرة، بعد عقود طويلة عاشتها متنقلة بين فرنسا، مسقط رأسها و التي عملت فيها مغنية قبل أن تكمل عامها العشرين، وأظهرت ميولها الفنّية وتأثرها الواضح بعدد من المطربات آنذاك، وخاصة السيدة أم كلثوم، وأسمهان. ثم الجزائر فالقاهرة..
 
عاشت وردة، في بداياتها، بين باريس والجزائر وبيروت التي عشقتها بفعل والدتها اللبنانية، وهي من "آل يموت"، وهذا بالطبع أكسبها مجموعة من الخبرات الفنية التي قلما اجتمعت في مطربة عربية من جيلها، وثقافة غنيّة مكنتها من الغناء بلهجات متعددة. فاجتمعت بداية مع الصادق ثريا، وهو مطرب تونسي، وقدمت أغنيات خاصة، لحّنها لها هو بنفسه. ثم توجهت إلى القاهرة في عام 1960، واستطاعت أن تثبت قدرتها بشكل أكبر. تلقت بداية، دعوة من قبل المنتج الفني المعروف، حلمي رفله، الذي مهّد الطريق أمامها لتصبح ممثلة سينمائية، ولعبت دور البطولة الأول في فيلم "ألمظ وعبده الحامولي"، وهو ما جعلها تقيم مؤقتاً في مصر، قبل أن تستقر نهائياً فيها بعد طلاق من زوجها الأول الذي رزقت منه بولدين، رياض ووداد. وتابعت وردة مسيرتها الفنية مع كبار الموسيقيين المصريين ومنهم سيد مكاوي، ومحمد عبد الوهاب، حتى قابلت الملحن الراحل، بليغ حمدي، فتزوَّجته وارتبطت به فنياً وإنسانياً لدرجة الولع. قدمت وردة الجزائرية في القاهرة عدداً من الأفلام أبرزها: "حكايتي مع الزمان"، "آه يا ليل يا زمن"، و"ليه يا دنيا"، و"صوت الحب".


عانت وردة كثيراً من حروب فنية، وأزمات صحية انعكست عليها سلباً. آلام الكبد في بداية التسعينيات، أوقعتها في حيرة إذا ما كانت ستواصل الغناء، أو ستعتزل. لكنها خضعت لعملية زرع كبد في باريس، وقتها، نصحها الأطباء بالالتزام بالراحة لفترة غير محدودة، إلا أنها شعرت بتحسن في حالتها الصحية، فأصرت على إحياء حفل زفاف، لكنها سقطت مرة جديدة، لتكتشف إصابتها بسرطان الثدي، فخضعت للعلاج الكيميائي، وسرعان ما تحسنت حالتها الصحية، رغم ابتعادها عن الأضواء.

كل ذلك لم يمنعها من الغناء، ودون شك، كانت محاولة التجدد في مسيرتها الفنية عام 1992، بمثابة إنجاز فنّي كبير حقق لها النجاح، إذ كان لها الفضل في اكتشاف ملحن محب للنجاح هو، صلاح الشرنوبي. فغنت من ألحانه "بتونس بيك" وأغنيات أخرى. وصف المتابعون تلك المرحلة بأنها كانت تهرب من الأغنية الطويلة، إلى أغاني الدقائق القليلة، والربط المتمكن بين الموسيقى الإلكترونية والمباشرة، في قالب منح وردة والشرنوبي معاً جرعة زائدة من إعجاب ومحبة جيل آخر من الشباب، وفتح نافذة جديدة على ألحان غيرت كثيراً في المعادلة الموسيقية اليوم.

لم تعرف وردة المهادنة، خصوصاً في أعمالها الفنية التي غزت الأسواق العربية والعالم. أربع سنوات مضت على وفاتها، وكأنها رحلت أمس، وما زالت، تحقق أعلى نسبة مشاهدة على مواقع التواصل الاجتماعي والمنصّات السمعية. وهي الفنانة العربية الوحيدة، التي أوصت بعدم تناول سيرتها الذاتية في أي عمل تلفزيوني، رغم محاولة بعضهم الإيحاء بأن هناك تحضيرات لتقديم قصة حياة فنانة ستبقى واحدة من أفضل نجمات الزمن الجميل.









المساهمون