قصة قصيدة

قصة قصيدة

20 سبتمبر 2015
غنتها أم كلثوم (Getty)
+ الخط -
يمكن اعتبار أمير الشعراء أحمد شوقي أنه كان بوهيمي النزعة حسبما اعترف ابنه حسين في كتابه الذي وضعه عن والده وهو كتاب "أبي شوقي" ، فتحدث عن الكثير من المواقف الطريفة والغريبة في حياة شوقي الشاعر والإنسان والأب، ولم يكن ليخجل الابن أن يطلع عشاق شوقي على الكثير من تصرفات الأب شوقي التي تتسم بالغرابة وربما امتزجت الغرابة بالطرافة، ومنها أنه كان يخشى ركوب الجمال لدرجة كبيرة ولدرجة أنه رفض أداء فريضة الحج لأنها كانت تؤدى أيامها على الجمال وتهرّب منها بطريقة مضحكة وذكية حيث كتب ابنه حسين عن هذا الموقف قائلاً:
"أقنع أبي سمو الخديوي عباس حلمي في العام 1909 بأنه ذاهب معه إلى الحج‏، ‏ولكن ما أن بلغ ركب الخديوي بنها حتى اختفي منه أبي‏، فجعل سموه يبحث عنه بدون جدوى‏.‏ ويقول أبي إنه اختبأ إذ ذاك في منزل أحد أصدقائه ولما عاد سموه من الحجاز وأخذ يلوم أبي على فعلته‏.، اعتذر قائلاً‏:‏ كل شيء إلا ركوب ظهر الجمال يا أفندينا‏!..‏

ولكي يعوض سموه عن هذا التقصير‏، نظم له قصيدة ترحيب وتهنئة، وقد كان شوقي هو شاعر بلاطه وكان منها الآبيات التالية:



إلى عرفات الله يا خير زائر ****** عليك سلام الله في عرفات
ويوم تولي وجهة البيت ناضرا **** وسيم مجال البشر والقسمات
على كل أفق في الحجاز ملائك **** تزف تحايا اللــــه والبــركات
لدى الباب جبريل الأمين براحل **** رسائل رحمانيـــــــــة النفحات
وفي الكعبة الغراء ركن مرحب *** بكعبة قصــــاد وركن عرفــــات
وزمزم تجري بين عينيك أعينا ***** من الكوثر المعسول منفجرات
لك الدين يارب الحنيف جمعتهم **** لبيت طهور الساح والشرفات
أرى الناس أفواجا ومن كل بقعة ** إليك انتهوا من غربة وشتات
تساووا فلا الأنساب فيها تفاوت *** لديك ولا الأقدار مختـــــلفات
ويارب هل تغني عن العبد حجة *** وفي العمر مافيه من الهفوات
وتشهد ما آذيت نفسا ولم أضر **** ولم أبغ في جهلي وفي خطواتي
وأنت ولي العفو فامح بناصع **** من الصفح ما سوأت من صفحات
ومن تضحك الدنيا إليه فيغترر***** يمت كقتيل الغيـــــــــد بالبسمــات
إذا زرت بعد البيت قبر محمــد ***** وقبلت مثوى الأعظم العطــــرات
وفاضت من الدمع العيون مهابة *** لأحمـــــــــــد بين الستر والحجرات
وأشرق نور تحت كـــــل سنية ****** وضاء أريـــــــج تحت كل حصاة
فقل لرسول اللــه ياخير مرسل ****** أبثك ما تــــــــــدري من الحسرات
شعوبك في شرق البلاد وغربها ***** كأصحاب كهف في عميق ســـبات
بإيمانهم نوران ذكر وســنة ******* فما بالــــــــهم في حالك الظلمات
وقل ربي وفق للعزائم أمــتي ******** وزين لــــها الأفعــــال والعزمات


يشار إلى أن هذه الأغنية الخالدة قد لحنها الملحن رياض السنباطي وغنتها كوكب الشرق أم كلثوم، وكلما سمعها شوقي كان يضحك بشدة ويتذكر هذا الموقف.

المساهمون