بيار داغر:لهذه الأسباب رفضتُ وضع صوتي على شخصية النبي

بيار داغر:لهذه الأسباب رفضتُ وضع صوتي على شخصية النبي

02 يونيو 2015
يغيب عن الموسم الرمضاني (العربي الجديد)
+ الخط -
في رصيد الممثل اللبناني، بيار داغر، عشرات المسلسلات التاريخية والفانتازية، اللبنانية والسورية والأردنية والإيرانية، مثل "الحسن والحسين"، "جنكيز خان"، الجزء الثاني من "خالد بن الوليد"، "البحث عن صلاح الدين"، "سقف العالم"، "فنجان الدم".. وكانت له إطلالات متميزة في الإنتاج الدرامي العربي المشترك، مع كبار المخرجين، بداية من تعاونه مع نجدة أنزور الذي يعتبره داغر مكتشفه الحقيقي، في "العوسج" ثم "البواسل"، مع المخرج باسل الخطيب في مسلسل "الغالبون"، ومع شوقي الماجري في مسلسل "هدوء نسبي"، والليث حجّو في مسلسل "سنعود بعد قليل"...
كما ساعدته خامته الصوتية المتميزة في وضع صوته، عبر تقنية الدوبلاج، على أعمال درامية هامّة جدّاً عن تاريخنا العربي والإسلامي على وجه الخصوص، أبرزها صوت النبي يعقوب في المسلسل الإيراني "يوسف الصدّيق"، ولكن حين عرض عليه أن يضع صوته على شخصية النبي محمد في الفيلم الإيراني "محمد رسول الله" وبعد قراءة السيناريو، رفض لسبب خصّ "العربي الجديد" به، ويعلن عنه للمرّة الأولى.

اعتذاران سوريّان

يغيب داغر عن الموسم الرمضاني المقبل، لأسباب متعلقة بالواقع السوري: "منذ اندلاع الحرب السورية ضاقت باقة الخيارات المعروضة للممثلين. اعتذرتُ هذا العام عن عملين ترشّحت لهما، الأوّل في الأردن، من تأليف هاني السعدي واخراج محمود دوامنة، لأنني لم أجد نفسي في الدور، والعمل الثاني مسلسل سوري بعنوان "بانتظار الياسمين"، لأسباب أمنية، فتصويره في سورية، وهذا أمر محفوف بالخطر.. هذا أوّل موسم أغيب فيه، ما يشعرني بالانزعاج، ولكن عندما أرى ظروف الناس حولي والمهن التي تضرّرت تهون علي ظروفي".
وإذ يتمنّى داغر أن تنتهي الأحداث الدامية في سورية والوطن العربي، يؤكّد أنه ليس مستعدّاً أن يتنازل عن معايير عمله ويقبل بدور لا يقنعه ولا يناسبه، لأجل أن يتواجد فقط أو يجني المال، مضيفاً: "ما يهمني ويعنيني أوّلاً أن يعود الأمان والسلام للناس ويتركوا مخيمات اللجوء، ثم يشاهدون الدراما لاحقاً".
يكاد داغر يكون من أقوى الممثلين اللبنانيين حضوراً في المسلسلات التاريخية ذات الحوار العربي الفصيح، عن السبب يقول إنّ لغته السليمة وإلمامه بقواعد اللغة والنطق السليم ليسا السبب فقط: "كنت جاهزاً لخوض التجربة، ولا أنسى فضل المخرج نجدة أنزور، الذي كان أوّل من تبنّاني، ومنذ مسلسل "العوسج" نصحني بالخروج من إطار الدراما اللبنانية، عملتُ معه في "أوراق الزمن المرّ" إلى جانب منى واصف وأنطوان كرباج، كانت تلك الأعمال تتطلّب جهداً ذهنياً ومهارات جسدية، أذكر على سبيل المثال أنّه في مسلسل "سقف العالم" كان مطلوباً مني تأدية بعض المشاهد الخطرة، اضطررت للعيش في الصحراء، كنت أشعر أنني في دراما حقيقية، ورغم أنني كنت ممثلاً مسرحياً إلا أنني صقلت نفسي وهويتي في الأعمال التاريخية تلك".

الشخصيات المتحدّية

أدّى داغر شخصيات تتحدّى قدرات الممثل وأخرى منفّرة للجمهور العربي، مثل شخصية ضابط في جيش الاحتلال الإسرائيلي في مسلسل "الغالبون"، وفي فيلم "33 يوم"، ما اعتبر شجاعة كبيرة من قبله، لكنّ التحدّي الأكبر كان في تأديته دور محقق إيراني في مسلسل إيراني صرف، حيث كان عليه أن يفهم ما يقوله الممثلون بالفارسية ليتفاعل معه، وأن يمثّل ويتكلم بالعربية، بينما قام ممثل إيراني بدبلجة كلامه، عن هاتين التجربتين يقول: "أرفض ان أوضع في قالب واحد، نجاحي في دور ما سيموت إن استنفدت هذا الدور، بعد "الغالبون" و"33 يوم" عُرض عليّ دور صهيوني في مسلسل سوري فرفضت. أما بالنسبة للعمل في الدراما الإيرانية، فلقد تعرّفت على مخرجين إيرانيين، من بينهم مخرج فيلم "هولوكوست"، وقد دعاني لدور في مسلسل يحكي عن واقع إيران في عام 1940 وعلاقة إيران باليهود، وكان هذا تحدّياً ومسؤولية كبيرة، تجاه الدور وتجاه المخرج الذي تبنّاني، رغم رفض الجهة الإنتاجية لي، على اعتباري شخصية عربية لا يمكنها أن تؤدّي دوراً فارسياً بعيداً عن بيئتها، وكان الأمر صعباً بالفعل، ولكن التجربة منحتني القوة والثقة، وبعد نجاح العمل نلت شهرة كبيرة في إيران، وصرت من الممثلين المحبوبين لدى الجمهور والمخرجين الإيرانيين". وعن استعداده لتكرار التجربة يقول داغر إنّ الظروف الاقتصادية الحالية في إيران تحول دون إنتاج أعمال شبيهة.
ولكن، حين قُدّم لداغر عمل إيراني ضخم يعتبر فرصة العمر للكثير من الممثلين، رفضه. فهل يشعر بالندم لتفويت المشاركة في عمل سينمائي بضخامة فيلم "محمد رسول الله"؟ وتفويت شهرة مدوّية، لو أنّه وضع صوته على شخصية محمد في النسخة المدبلجة للعربية من الفيلم الذي سيعرض قريباً؟
من دون تردّد يجيب داغر نافياً شعوره بالندم: "رفضت الفيلم لسبب جوهري، حين قرأت السيناريو وجدته يسيء للنبي محمد وهذا سبب اعتذاري".
يؤكّد أنّه لم يخف من ردّ فعل أغلبية مسلمة ترفض تجسيد محمد بأي طريقة، بل وتكفّر حتى من يرسمه فكيف بمن يتكلّم بلسانه، ويعيد تأكيد ان السبب كان بنيوياً يتعلّق بالنصّ وليس بشيء آخر: "حين عرض المخرج مجيد مجيدي، أن أؤدّي شخصية النبي محمد في عمل ضخم جداً وبعد أن نجحت في "الكاستينج" للصوت العربي وتمّ اختياري، رفضتُ تأديتها رغم أنني كنت متشوّقاً جداً لها".

الفنّانات مظلومات

وبينما تتصاعد موجة دعم الفنانين العرب لأبنائهن لخوض الفنّ، سألنا بيار داغر عن ولديه، وما إذا كان يشجعهما على خوض المجال الفني فقال: "بصراحة في عالمنا العربي لا يوجد ما يشجّع الخوض في مجال الفنّ، التمثيل تحديداً، ولكني لا أتدخّل في شؤون ابنتي وابني الخاصة، ولهما مطلق الحرية في اختياراتهما، سأكتفي بتقديم النصيحة لهما فقط. ابني رياضي ويدرس إدارة الأعمال، وسيتخرج هذا العام ولديه خطّه الخاص.. عالم الفنّ صعب وخاصة بالنسبة للفتيات، الأنثى مظلومة أساساً في وطننا العربي فكيف حين تكون في الوسط الفنيّ!".

المساهمون