النحت على الصخر

النحت على الصخر

25 ابريل 2015
منحوتة المغترب (العربي الجديد)
+ الخط -
رغم أنّ النحت يعتبر من أقدم الفنون، إلاّ أنّ المبدعين فيه استطاعوا تطويره، مع مرور الوقت، ليصبح هذا الفن يعتمد على المجسّمات ثلاثية الأبعاد، وخصوصاً النحت على الصخور، وهي غير قابلة للتلف، مقارنة بالخشب والمواد الأخرى.

وائل أبي عاصي نحّات من بلدة راشيا الوادي، الواقعة في منطقة البقاع غرب لبنان، يروي لـ"العربي الجديد" حكايته مع هذه المهنة، "أمارس مهنة النحت على الصخر منذ ثماني سنوات، إذ كانت في البداية هواية، صقلتها لتصبح مهنتي التي تعدّت النحت على الرمل والثلج والخشب والصخر، لتصل إلى الفاكهة، كالموز والتفاح والبطيخ، لكنّي وجدت أنّ الصخر هو الأقرب إلى الإبداع، ويعبّر عن ثورتي وغضبي".

يضيف "أعتبر النحت أساسياً في حياتي، فأنا أعمل في تلبيس الحجر والديكور، وأدخله في أعمالي، فأقوم بالنحت على جدران البيوت والقصور والأعمدة، لأنّ النحت اتّحد مع فن العمارة منذ القدم". تأثّر أبي عاصي بروعة مدينة بعلبك وقلعتها، وعنجر وأعمدتها، وما يضم المتحف الوطني من آثار، ولم يكن النحت هدفه في البداية، "اندفعت نحوه، لأنّي رأيت عبره حريتي ووطني وقدري وقضيتي. وحين تشكّلت أوّل منحوتة حول المرأة، أدركت جيداً أنّ المرأة تعيش نزاعاً حاداً من أجل حقوقها، وما نشهده اليوم من تعنيف تخيّلته كتلة نار ملتهبة، لكن بصمت".

ويلفت أبي عاصي إلى أنّه يعتمد الصخر القاسي، مادته الأساسية، لما لها من جمالية مبطّنة ودلالة تاريخيّة عن هذا الفن القديم. "فالصخر هو الجوهر، أما الأدوات فهي مطرقة وإزميل وبعض الآلات الكهربائية التي تسرّع العمل".
يشير وائل إلى أنّ فن النحت، هواية أتت لتعبر عن واقع أليم، نتيجة ما نراه حولنا من إهمال لتاريخنا وحضارتنا وإرثنا. "أحاول نحت كل ما سرق من المتاحف العربية، لأنّي أريد المحافظة على التراث والتاريخ الوطني. فمتاحف فرنسا وبريطانيا وأميركا تعجّ بآثارنا. سرق من العراق آلاف القطع الأثرية، والآن أتى دور سورية وقبلها لبنان".

يحاول أبي عاصي رسم هوية جديدة لعالم النحت، فاختار القضية الوطنية لمجسماته، التي تجسّدت في الوطن والمرأة والطفولة والقوة. عبّر من خلال هذه المنحوتات عن جمال الوطن الذي يجب المحافظة عليه. كما تعدّدت أنماط نحته وأشكالها من المرأة الثائرة، والجندي البطل، وشخصيات من التاريخ، إلى طفل يحمل حلمه. "في رصيدي حوالي مائة عمل استحوذت انتباه جمهور عريض في المعارض التي أقمتها في لبنان وخارجه، كما أنجزت خمس منحوتات كبيرة على مداخل القرى في بلدتي راشيا، قدّمتها إلى أهل المنطقة عربون احترام وتقدير".

ويلفت إلى أنه يسعى إلى إنشاء متحف خاص به ذي وجهة سياحية وفنية ووطنية، ومتحف "للمفقودات" حيث سيعرض فيه كل ما سُرق من آثار في معظم الدول العربيّة، العراق وسورية ولبنان، محاولة منه لإيقاذ الذاكرة العربية من كبوتها الذي نسي تاريخه وتلهّى بحرب الطوائف والأحزاب التي أدّت إلى دمار هذا الفن الطبيعي العظيم.

إقرأ أيضا:
أسواق بيروت.. شاهد على تاريخ
موفق مقلد: الحياة والموت في منحوتتين

المساهمون