يارا صبري الممثلة التي تُشبه نفسها

يارا صبري الممثلة التي تُشبه نفسها

18 نوفمبر 2015
يارا صبري عن (فيسبوك)
+ الخط -
مع انطلاقة الثورة السورية، اتّخذت الفنانة السورية يارا صبري قرارها بأن تتبنّى قضيّة المعتقلين السوريين. تقول: "بدأت التجربة حين كنت في دمشق، وذلك على شكل نداء على الفيسبوك للمطالبة بحرية المعتقلين، كان النداءُ إصراراً مني على كلمة حرية، فالحرية ليست تهمة، وهي حق مشروع لكل الناس".


لطالما شغلها هذا الملف، ولكن مع بداية الثورة وكسر حاجز الخوف، أصبح الاهتمام بهذا الملف بالنسبة لها أمراً ملحاً وواجباً إنسانياً. تضيف: "المعتقل ليس مجرّد رقمٍ، بل هو إنسان يمتلك حياة كاملة، وله عائلة من حقها أن تعرف أين هو وما هو مصيره، فكانت تجربة باص الحرية بمثابة فُسحة أملٍ ومحاولة لدعم أهالي المعتقلين، والتّأكيد لهم أنّنا هنا إلى جانبهم، إضافة إلى أنّها تجربة يتشارك فيها السوريون قلقهم على المعتقلين، وفرحهم بحرية من ينجو منهم".

 أقرأ ايضًا: نعمى عمران تلحّن وتغنّي موسيقى "وجوه وأماكن"


أربع سنوات لم تنقطع خلالهم يارا يوماً عن الاهتمام بالمعتقلين، لتثبت لنا بأن جملتها الشهيرة "لا بنكل ولا بنمل، بدنا ياهن بدنا الكل". لم تكن مجرّد كلماتٍ بل فعلاً يومياً له تأثيره العميق. أربع سنوات كانت بمثابة بداية جديدة لها كما للسوريين جميعاً، بداية تحمل في ثناياها أملاً بقدر الألم. تعتبرُ يارا أن الثورة السوريّة هي الحدث الأكثر تأثيراً في حياتها. تقول: "قلبَ هذا الحدث حياتنا رأساً على عقب، فجميعنا أصبح يحاول البدء من الصفر. إلا أن إيماني الدائم بالبدايات الجديدة كان مصدراً لطاقتي خلال السنوات الماضية. لا نهايات في قاموس حياتي، وهناك دوماً إمكانية للبدء من جديد. ما حدث للسوريين هو بمثابة بداية جديدة، إلا أن ثمنها للأسف كبير جداً".


قضت يارا سنوات طفولتها ومراهقتها باحثةً عن ذاتها، فمن الرسم إلى الموسيقى ومن ثم الكتابة، تنوّعت محاولاتها لتستقر أخيرًا في عالم التمثيل، الذي قلبها من إنسانة خجولة إلى إنسانة منطلقة تعبر عن نفسها بحرية. تقول: "التمثيل غيرني، أصبحت أكثر جرأة، الوقوف أمام الكاميرا نقلني من محيط البيت والأسرة إلى عالم التمثيل الواسع المليء باللقاءات الغنية مع أشخاص جدد أشاركهم تجاربي وأتعلم من تجاربهم".


لم يكن دخولها إلى عالم التمثيل بالأمر السهل، فبالرغم من أن والديها هما الفنان سليم صبري والفنانة ثناء دبسي، إلا أن يارا واجهت في البداية رفضاً منهم، "كان شرطهم أن أنهي تعليمي الثانوي، وحين أنهيته وقررت التقدم إلى المعهد العالي للفنون المسرحية، أقنعوني بأن أدرس شيئاً آخر، وأن أتخذ التمثيل كهواية فقط، وذلك لصعوبة العمل، خصوصاً حينها".

دَخَلَتْ المعهد السياحي، وبمجرد أن تخرجت أقنعت والدها بأن يجربها في دور صغير في مسلسل شجرة النارنج. "لم أندم على كل التجارب التي سبقت التمثيل، فكلها تجارب منحتني غنى مهمًا حياتياً وفنياً".


وفي ذلك المسلسل، كان لقاؤها الأول بزوجها الفنان ماهر صليبي، ليليه عمل ثان لعبت فيه دور خطيبته، لينقلب الخيال واقعاً، وتبدأ قصة حبهما. تقول: "كانت قصة حب قصيرة ما قبل الخطبة، إلا أنها ربطتنا بقوة. ومنذ اللحظة الأولى للقائنا، كان ماهر داعماً لي بشدة، وقف إلى جانبي في كل المراحل، خصوصاً فيما يخص عملي".

أقرأ أيضاً: "نادي الشرق"... أصالة الواقع وجدوى النسب إلى "العراب"

كرم ورام هما ثمرة حبهما، ومع ولادتهما انتقلت يارا إلى مرحلة جديدة مليئة بالمسؤوليات، خصوصاً كأم عاملة في مهنة تحتاج للتفرّغ. "قررت أن أمنح الأولوية لعائلتي، وفي نفس الوقت حاولت أن أخلق توازنا بين العمل والعائلة، بمساعدة والدتي وماهر. كنت أنتقي الأدوار بحسب أهميتها، وعدم تأثيرها سلباً على تواجدي مع العائلة. مهنة التمثيل بالنسبة لي هي حالة حب، ولم يكن عملي يوماً فيها بهدف الشهرة. يخبرني الكثيرون ممن حولي بأنه كان من الممكن لي أن أكون اليوم في مكان آخر، ولكني سعيدة بما وصلت إليه ومكتفية جداً. لقد استطعت أن أصنع لي مكانة في قلوب الناس أقطف اليوم ثمارها، وفي نفس الوقت، كنت أمينة على عملي وعلى ما أقدمه للناس، أمينة على أفكاري ومبادئي، باختياري للأعمال التي شاركت فيها".


بعد انقطاع أربع سنوات عن التمثيل، عادت الفنانة يارا صبري لتظهر في رمضان الفائت بمسلسل "وجوه وأماكن"، من إخراج هيثم حقي وإنتاج شركة "ميتافورا". أسباب عدة لعبت دوراً في غيابها الطويل عن الشاشة، تقول "إحساسي الفظيع بالقهر والظلم لم يسمح لي بالعمل خلال السنوات الماضية، لم أمتلك الطاقة اللازمة لأكون ضمن فريق عمل، فعقلي وقلبي كانا طوال الوقت مع الثورة، وما يدور في سورية".


أطلّت الفنانة يارا صبري على جمهورها في رمضان الفائت من خلال مشاركتها في مسلسل "وجوه وأماكن"، لتقف من جديد وبعد زمن طويل أمام كاميرا المخرج هيثم حقي. تضيف: "كان من المهم لي أن أعود لأقف أمام كاميرا المخرج هيثم حقي، خصوصاً ضمن عمل يحكي عن الثورة ويسمي الأشياء بمسمياتها دون رقابة. "وجوه وأماكن" عمل متوازن يحكي الحقيقة من وجهة نظري بدون تشنج أو مبالغة، يحكي عن أول وأهم مرحلة من الثورة السورية، وهي مرحلة الحراك السلمي. وجوه وأماكن كان فرصة للاجتماع من جديد مع الكثير من الأصدقاء بعد أن أصبح كلّ منّا في بلد، أما شخصية سمر فكانت جديدة بالنسبة لي من حيث تركيبتها وتفاعلها مع الأحداث المحيطة، وفيها تناول جديد لنموذج المرأة التي يخونها زوجها".

أقرأ أيضًا: تدشين أوّل مكتبة عربية في اسطنبول

دمشقية المولد والنشأة، فدمشق بالنسبة لها هي الذكريات والعائلة والأصدقاء، هي الحارة واللعب والدراسة، تضيف: "دمشق هي كل الحالات التي عشتها بحلوها ومرّها. هي في نظري أجمل مدينة في العالم، جذوري هناك مهما ابتعدت، أنا خرجت من سورية مرغمة، إلا أنها لم ولن تخرج مني يوماً".

دلالات

المساهمون